هل تكثر من قول: "توقف عن استعمال الهاتف!" أو "هذا يكفي، ضع الهاتف جانبًا الآن!" لقد كنتُ في حرب نفسية لفترة طويلة مع أطفالي بخصوص هذا الأمر؛ فأنا أرى أنهم يقضون الكثير من الوقت في استخدام الهواتف الذكية، بينما يرون هم أنهم لا يقضون الوقت الكافي معها، فقررت تحديد ساعات معينة يقضيها أفراد الأسرة سويًا وبقية الوقت هو مخصص لهم سواء لأجهزتهم أو لأنشطتهم الأخرى، وفي ما يلي سأطرح بالتفصيل الخطوات والقواعد التي وضعتها لأبنائي وارتضوها، ولم تعد بيننا أي خلافات في هذا الأمر.
متى ارتأيتُ أنه يتوجب علي وضع قواعد فيما يتعلق باستخدام الهواتف الذكية؟
عندما كنت أصحب ابنتي من المدرسة إلى البيت، ثم صرنا على بعد خطوتين من البيت، فوجئت بها تسألني: "أين نحن، ظننت أننا في الطريق للمنزل؟" وغيرها من المواقف الأخرى التي فيها أظهر أطفالي انفصالهم التام عن العالم من حولهم، للدرجة التي لم يعودوا يميزون فيها - في كثير من الأحيان - الطريق للمنزل! ولأنني لم أرد أبدًا منع أطفالي من استخدام الهواتف للعب وتصفح الإنترنت، وخاصة أنني كذلك أستعمله وقتًا لا يُستهان به، قررت وضع 8 قواعد لاستخدام أطفالي للهواتف الذكية:
لا ريب سيمر الأطفال في الحياة بالكثير من المواقف التي سيشعرون فيها بالملل، فسيغدو من المفيد لهم ابتكار طرق للتعامل معه غير النظر المستمر في شاشة الهاتف بلا هدف أو فائدة تُذكران
1- عدم استخدام الهواتف في السيارة إلا إذا زادت الرحلة عن عشرين دقيقة:
كانت أول ردة فعل منهم قولهم إنهم سيشعرون بالملل، فأجبتهم بأن هذا قد يحدث وأنه لا بأس من بعض الملل والتدرب على التعامل معه ، فهم لا ريب سيمرون في الحياة بالكثير من المواقف التي سيشعرون فيها بالملل، فسيغدو من المفيد لهم ابتكار طرق للتعامل معه غير النظر المستمر في شاشة الهاتف بلا هدف أو فائدة تُذكران!وبرغم أنهم تقبلوا الأمر على مضض في البداية إلا أن نتائج هذه القاعدة كانت رائعة، فقد كثرت الأحاديث والمناقشات بين كأسرة وتوطدت علاقتنا كأبوين بأبنائنا، كما أن الأطفال تعلموا أن يتركوا العنان لخيالهم ويتأملوا من شباك السيارة ويستمتعوا بما يرونه من أناس ومواقف ومناظر ، وكَثُرت أسئلتهم وفضولهم عما يرونه من أشياء، وهكذا صارت تلك العشرين دقيقة التي نقضيها سويًا في السيارة من أثمن الأوقات وأكثرها تميزًا.
2- يسمح بمشاهدة البرامج والأفلام فقط على شاشة التلفاز لا الهواتف الذكية:
وهذه القاعدة كان سببها أمران: الأول/ هو الحفاظ على نظرهم أثناء المشاهدة التي تستمر عادة لأكثر من ساعة، والأمر الآخر/ يتعلق بمعرفة محتوى ما يشاهدونه وما يروَّج له من أفكار.
3- عدم استخدام الهاتف أثناء تناول الطعام:
وهذا ينطبق على تناول الطعام داخل أو خارج المنزل، وسواء نظرنا للدراسات أو لمنطقية الأمر، فسنرى فيه فوائد عدة، من أبرزها اجتماع أفراد الأسرة في وقت واحد حول مائدة واحدة بعد أن قضى كل منهم وقته في مكان مختلف بين المدرسة والعمل، علاوة على أننا وحَّدنا موضوع الحديث على المائدة، فصار من عادتنا أن يحكي كل واحد منا عن أحسن وأسوأ ما مر في يومه، وهذا يقودنا بالتالي لتهنئة بعضنا بأخبار التفوق في المدرسة أو الفوز في لعبة رياضية، وتقديم بعض النصائح والاقتراحات عند طرح أية مشكلة أو موقف سيء.
الأطفال الذين يستخدمون هواتفهم الذكية قبل النوم مباشرة يتأخرون في النوم فيخسرون ساعة كاملة من ساعات نومهم، وهذا يقودنا لأهمية النوم المنتظم بعدد ساعات كافٍ للأطفال في تلك المرحلة العمرية
4- عدم استخدام الهواتف قبل النوم بساعة:
أظهرت دراسة في الآونة الأخيرة كيف أن استخدام الأطفال - بين سني الثامنة والسابعة عشرة - للهواتف الذكية قبل النوم يؤثر على جودة النوم، وأكدت الدراسة أن الأطفال الذين يستخدمون هواتفهم الذكية قبل النوم مباشرة يتأخرون في النوم فيخسرون ساعة كاملة من ساعات نومهم، وهذا يقودنا لأهمية النوم المنتظم بعدد ساعات كافٍ للأطفال في تلك المرحلة العمرية، وقبل تطبيق هذه القاعدة كان أطفالي يجدون صعوبة في الخلود للنوم، وتطبيقها لم يسهم في سرعة خلودهم للنوم حسب، بل نمَّى عندهم مهارات كالقراءة وتنظيم الوقت، فهم يعطونني هواتفهم في تمام الثامنة مساءً ولا يأخذونها إلا في صباح اليوم التالي، بعد أن يكونوا قد استعدوا للمدرسة بسرعة ونشاط حتى يُسمح لهم باستخدام الهواتف من جديد.
5- منع استخدام الهاتف عندما ينخفض المستوى الدراسي:
ولا يختلف اثنان على أن الفرق يكون واضحًا وضوح الشمس فحتى الأطفال أنفسهم يدركون ذلك ويعترفون به، فقد أخبرتني ابنتي التي في الحادية عشرة من عمرها حين منعتها من استخدام الهاتف بعد انخفاض الدرجات أن ساعات دراستها بل وقراءتها الحرة زادت بعد عدم استخدامها للهاتف لفترة، وغدا هذا دافعًا قويًا لها لتركز على إنهاء دراستها كي ترتفع درجاتها وتحصل على الهاتف من جديد!
6- عند استخدام الهاتف في الجلسات العائلية نستغل وجودنا سويًا:
فحين لا نكون في الأوقات التي يُمنع فيها استخدام الهواتف الذكية، تجدنا جالسين معًا وكل يستخدم هاتفه، ولا أرى بأسًا في هذا، حيث نقرر وقتها استغلال الفرصة فنُري بعضنا فيديوهات مضحكة ولطيفة، كما نتابع كأبوين حسابات ونشاطات أبنائنا وهذا يمنحنا فرصة الاطلاع عن كثب على ما يحبونه ويتابعونه دون تطفل مباشر قد يضايقهم منا.
7- اتخاذ احتياطات الأمان:
فنحن على علم بكلمات سر جميع حسابات الأطفال، وهم يعرفون أنهم لو غيروا كلمة السر ولم يخبرونا فسنأخذ منهم الهواتف، وقد شرحنا لهم أهمية هذا الإجراء للحفاظ على سلامتهم والتأكد من عدم وقوعهم في نوع من المشاكل أو الخداع.
أما بالنسبة للأطفال، فهم الآن يعرفون أن هناك وقتًا مخصصًا لاستخدام الهواتف، فلم يعودوا يلحون على استعمالها في غير الأوقات المخصصة لها، وأمسوا يستمتعون بأوقاتنا العائلية
8- إجازة أسبوعية بلا هواتف ذكية:
صرنا كل عدة أشهر نخصص إجازة أسبوعية لا نستخدم فيها الهواتف الذكية ولا الأجهزة الإلكترونية، أطفالي لم يرحبوا بهذا الأمر في البداية، ولكنهم مع الوقت اكتشفوا الكثير من الألعاب العائلية والمهارات التي أمكنهم تطويرها.
وأخيرًا انتهت جميع أنواع النقاشات والجدل حول استخدام الهواتف الذكية في منزلنا، والجميع سعيد بالقواعد التي أرسيناها، أما بالنسبة للأطفال، فهم الآن يعرفون أن هناك وقتًا مخصصًا لاستخدام الهواتف، فلم يعودوا يلحون على استعمالها في غير الأوقات المخصصة لها، وأمسوا يستمتعون بأوقاتنا العائلية، ونحن كأبوين غدونا مطمئنين على أبنائنا وعلى وجود الكثير من الأوقات التي يمكننا أن نقضيها معًا كأسرة، وفي الوقت نفسه لم نحرم أبناءنا من أن يصيروا جزءًا من العالم الرقمي.
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://www.askdrsears.com/topics/parenting/8-ways-to-manage-screen-time-kids-teens/
