لنحرس القلوب في رمضان

الرئيسية » حصاد الفكر » لنحرس القلوب في رمضان
لنحرس القلوب في رمضان قلب المؤمن دليلة قلوب مؤمنة احرس قلبك

نعمة كبيرة تستحق الشكر أن بلغنا الله رمضان، أيام عظيمة عند الله عز وجل

فيوميًا تعتق فيه الرقاب وترفع الدرجات وتجاب الدعوات

لذلك فإن الأمر يتطلب وقفة حتى نكون من المقبولين المعتوقين

ونحن لا نريد أن نصوم رمضان عادة، كما نصلي عادة، ونتصدق عادة، ونتسحر عادة.

نريد أن نصوم رمضان هذا العام وكأننا نصوم لأول مرة ولربما لآخر مرة، نريد أن نصوم بخشوع واحتساب؛ لكي نجني ثمرة الصيام بحصول التقوى في القلب.

فرب صائم ليس له من صيامه إلا العطش والجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب.

حراسة قلوبنا في رمضان، تكون بحراستها من الذنوب والطباع السيئة والشبهات، والخواطر الرديئة، ومن اللصوص الذين يريدون إفساد الشهر علينا بالعري والاختلاط والمسلسلات ووسائل التواصل

حراسة قلوبنا في رمضان، تكون بحراستها من الذنوب والطباع السيئة والشبهات، والخواطر الرديئة، ومن اللصوص الذين يريدون إفساد الشهر علينا بالعري والاختلاط والمسلسلات ووسائل التواصل، الحراسة تكون من الفتن التي تلقى إلينا يوميًا في كل مكان، عبر الخيم الرمضانية والبازارات والمعارض والتجمعات، حراسة القلب من مرض الغفلة عن الطاعة والذكر، حراسة القلب من لصوص الوقت، حراسة القلب من الهموم الدنيوية وسفاسف الأمور والمشكلات والمناقشات العقيمة التي تعترض يومك، حراسة القلب تكون من الأوهام واستيلاء النفس عليه، حراسة القلب من دخول الشيطان والسكن فيه، حراسة القلب من التعلق بغير الله من شهوات مطعم ومأكل ومشرب، حراسة القلب من التعلق بالذنب واستمراء المعصية.

وحراسة القلب تكون بحراسة الثغور المؤدية إلى القلب كالعقل واللسان والعين والأذن.

ويأتي السؤال الآن: ما هي الوسائل التي تعينني على حراسة قلبي في رمضان لكي أنجو؟ ودونك عزيزي القارئ الإجابة التي ذكرها ساداتنا العلماء في عدة خطوات:

أولها/ ضربة البداية:

وهي أن تدرب قلبك على الاستعداد للصيام، قال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46]، فلا بد من أن يرى الله في قلبك هذا الاستعداد للانبعاث لصيام رمضان، وتذكر أن الله ينظر إلى قلوبنا وليس إلى أجسادنا، استشعر أنك تصوم هذا الرمضان لأول مرة، تبدأ بعزيمة صادقة ونية خالصة أنك تريد عتق رقبتك من النار فعلا.

كيف أفعل ذلك؟

احرص على استشعار الجوع والعطش أثناء الصيام ولا تنس أن تحتسب هذه الأعمال كلما شعرت بها، لا تكثر من الطعام والشراب حتى تسهل عليك الطاعات، تخفف من الدنيا بقدر ما استطعت، احتسب أنك تجر أقدامك جرًا للوقوف لصلاة التراويح والليل من أجله، تتعبين في تجهيز الطعام لأسرتك من أجله، كل هذه الأشياء يجب أن يراها الله منك ومنكِ.

قاوم الشعور بالنوم، فحسبك ساعات قليلة؛ كي لا تستسلم للكسل، ذكر نفسك بأن الأجر على قدر المشقة، وبأنها أيام معدودات، ابذل كل ما لديك ومعك من قوة، من نصب، من تعب، من جهد قاوم التعب مع الزوجة والأولاد والعمل والبيت.

ضع لنفسك برنامجا للعبادة، يوزع على طول اليوم، الفرائض أولًا، ثم السنن الرواتب وصلاة الضحى والتراويح وقيام الليل.

حدد لنفسك عددًا من الأجزاء من كتاب الله، لا تفرط فيها مهما كان، تذكر أنك بحاجة إلى الحسنات؛ لأنها ستكون نورك يوم القيامة؛ فالظلمة شديدة، حدد لنفسك مجموعة من الأذكار والتسبيحات، توزع على اليوم، أشغل نفسك بذكر الله طوال الوقت، حاول الجمع بين الصلاة على الرسول والتسبيح والتهليل والتحميد والاستغفار.

تخلص من آفة تضييع الوقت، تخلص من الهاتف والإنترنت والملهيات، الأسئلة التي تشغلك طوال اليوم، هي: هل ربي يحبني؟ هل سوف يتقبل أعمالي؟ ما هو صيتي في السماء؟ هل الله راض عني؟ تذكر أنك في رمضان لخدمة الملك، لخدمة الله تعالى.

هناك أجل محدد من رب العالمين لقلوب المحبين لرؤية الله حتى تسكن قلوبهم

ثانيها/ الشوق:

لا بد أن تتعلم الشوق إذا كنت تريد أن تصوم رمضان كصوم الخواص، هل أنت فعلا تشتاق أن يغفر الله لك كشوقك لرؤية أعز أولادك؟ هل أنت مشتاق أن تعتق من النار فعلًا؟ هل أنت مشتاق لريح الجنة؟ هل أنت مشتاق لرؤية الله عز وجل؟ في الحديث: "من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه"، هل تعتقد أن الشوق وصل في قلبك لهذه المرحلة؟ هل لديك همة عالية لرؤية الله عز وجل؟ يقول تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} [العنكبوت: 5]، فهناك أجل محدد من رب العالمين لقلوب المحبين لرؤية الله حتى تسكن قلوبهم، فهل حدثت نفسك بذلك؟ عندما تصاب بمصيبة، هل تقول: لا مشكلة، أنا لدي موعد مع ربي، أصبر على أولادي وزوجتي وكل مصائبي حتى ألاقي ربي.

ثالثها/ قطع العلائق وخلع العادات:

وتتمثل بأن تقطع العلاقة بكل ما يتعلق به قلبك دون الله ورسوله، والسبيل إلى قطع العلائق وخلع العادات بأن يتعلق قلبك بالآخرة ونعيمها والزهد في الدنيا الفانية وشهواتها ومعرفة حقيقتها، ويكون بنزع حب النفس من القلب، وعدم الاستجابة لمطالبها فليس كل ما تطلبه نفسك تلبيه لها، والعلائق قد تكون شهوة مباحة توسعت بها حتى اشغلتك عن حب رب العالمين والطلب لمرضاته.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • صحيفة الشرق
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

قراءة سياسية في عبادة الصيام

عندما نضع الصيام في سياق العبادة في الإسلام نجد أن العبادة وسيلة تحقق غايات عليا …