ما هي الأمور التي يرثها الأبناء حقيقة بعد وفاة آبائهم؟

الرئيسية » بصائر تربوية » ما هي الأمور التي يرثها الأبناء حقيقة بعد وفاة آبائهم؟
ما هي الأمور التي يرثها الأبناء حقيقة بعد وفاة آبائهم

عندما يرد ذكر إرث الأبناء الذي يحصلون عليه بعد وفاة آبائهم فعادة ما يقودنا تفكيرنا للمال والعقار وغيرها من الأمور المادية، ويغيب عن البال الأشياء التي هي أنفع للأبناء في دنياهم ولآبائهم الذين رحلوا في ميزان آخرتهم، وسنذكر هنا بعض تلك الأمور لعل فيها سلوى وعزاء لمن فقد أحد أبويه أو كليهما، ودرس وموعظة للأحياء من الآباء عسى أن يحرصوا على ترك الميراث الحقيقي والأنفع والأبقى لأبنائهم بإذن الله.

أولًا/ العلاقات الأخوية الطيبة

كثير من العلاقات الأخوية تضعف أو تنهار أو حتى تنتهي بوفاة أحد الأبوين أو كليهما، وفي أحيان كثيرة يكون الآباء هم السبب بما أحدثوا من تفرقة وتمييز بين الأبناء في حياتهم، فعلى الآباء أن يحرصوا - إن لم يكونا سببًا لتقوية أواصر العلاقة بين الأبناء - ألا يكونا السبب في تدميرها.

كثير من الآباء عندما يُتَوفى يظل أبناؤه يعانون من بعده نفسيًا بما سبب لهم من أذى وألم، ويلجأ بعض الأبناء للعلاج النفسي في محاولة لمحو ذلك الأثر أو تقليله لكي يتمكن من المضي في حياته

ثانيًا/ السير على خطاه الحسنة

إن كان الأب صالحًا وسار الأبناء على خطاه كانوا سببًا في دعاء الناس له حتى بعد موته، وذلك بما يراه هؤلاء الناس من صلاح في أبناء الميت، وينسبونه بالضرورة لصلاح الآباء - مع وجود الاستثناءات، كما أن صلاح الأب يفتح أبواب الخير للأبناء بما يشاء الله تعالى، فكما نقرأ في قصة اليتيمين في سورة الكهف اللذين رُزقا بكنز أرسل الله من يحفظه لهما حتى يكبرا وذلك لصلاح أبيهما.

ثالثًا/ أثر دعواته

الدعوات الطيبة التي يدعوها الآباء لأبنائهم يبقى أثرها ويمتد حتى بعد موتهم، ويظل الأبناء شاكرين لآبائهم دعواتهم وممتنين لأثرها الطيب على حياتهم.

رابعًا/ الذكريات الجميلة والأثر الطيب في حياتهم

كثير من الآباء عندما يُتَوفى يظل أبناؤه يعانون من بعده نفسيًا بما سبب لهم من أذى وألم، ويلجأ بعض الأبناء للعلاج النفسي في محاولة لمحو ذلك الأثر أو تقليله لكي يتمكن من المضي في حياته، وفي المقابل، من الآباء يرحلون ويتركون كل الأثر الطيب والذكريات الجميلة في حياة الأبناء، ويكون هذا دافعًا أكبر لهم للدعاء لآبائهم بعد موتهم، وصحيح أن كثيرًا من الأشياء والعادات قد تفقد قيمتها بعد وفاة الآباء كالاجتماع على المائدة وجلسات شرب الشاي وزيارات الأعياد، بيد أن الأثر الطيب لها وما أحدثته في النفوس من مشاعر مميزة ولطيفة كالرضا والمودة والحب يجعلها سببًا في تهوين مرارة الفقد ولوعته على الأحياء.

إن عبارات كـ "علمني أبي" أو "نصحتني أمي" التي ترد على لسان كثير من الأبناء بعد وفاة آبائهم وأمهاتهم عنهم، لهي أكبر دليل على عمق الأثر الذي تركته نصائح الآباء في حياة أبنائهم

خامسًا/ النصائح القيمة والعلم النافع

إن عبارات كـ "علمني أبي" أو "نصحتني أمي" التي ترد على لسان كثير من الأبناء بعد وفاة آبائهم وأمهاتهم عنهم، لهي أكبر دليل على عمق الأثر الذي تركته نصائح الآباء في حياة أبنائهم، فلا تبخلوا أيها الآباء بما فتح الله عليكم بالعلم والفهم في الدنيا وعلموه لأبنائكم، وإن لم تروا له أثرًا في حياتكم فأجركم باقِ بإذنه تعالى، ولا تدرون لعلهم ينتفعون به بعد موتكم، بل ويعلمونه لغيرهم، ثم يصير صدقة جارية لكم إلى يوم القيامة لا مجرد نصيحة عابرة لم تلق آذانًا صاغية.

سادسًا/ المبادئ والقيم التي يسير بها الإنسان في حياته

صحيح أن الإنسان قد يتقلب ويتغير على مدار عمره كله، ولكن تظل هناك مبادئ وقيم يسير عليها مدى الحياة، وتشكل تلك المبادئ مسار حياته وتغدو هي البوصلة حين اتخاذ قرارته، وغالبًا ما يشكل هذه المبادئ الآباء والأمهات، لذا من المهم أن يحرص الآباء على تعليم أبنائهم القيم والمبادئ الجوهرية والتي لا غنى عنها وأن يستقوها جميعها من عقيدة الإسلام؛ كي يسير أبناؤهم بخطى ثابتة وراسخة لا تزعزها ابتلاءات الحياة ولا معادن الناس.

الإرث الحقيقي هو ما يتركه الآباء من أعمال صالحة وعلوم نافعة وذكريات طيبة ونصائح قيمة ينتفع بها أبناؤهم فيما بقى لهم من عمر

سابعًا/ تعليم الأذكار والأوراد وعلوم الدين

كنت دائمًا وما زلت أستغرب من حرص كثير من الآباء على تعليم أبنائهم اللغات والفنون والرياضيات والمهارات المختلفة، بل وتحفيظهم علومًا لا تنفع في دنيا أو تفيد في آخرة، ثم يكبر هؤلاء الأبناء وتلقى شابًا يافعًا صار أستاذًا في علوم البرمجة والحاسوب، ثم تراه يقرأ الأذكار من الكتب والورق ولا يحفظ منها شيئًا، والأسوأ حين لا تجده يحسن الوضوء والصلاة على الوجه الصحيح! وأذكر أن أبي - رحمه الله - كان يحرص على تعليمنا الأذكار وتحفيظها لنا، فكان يذكر لنا معاني الذكر وفضله لكي يرسخ في رؤوسنا ويسهل حفظه، فلا غضاضة في تعليم الأبناء ما ورد ذكره آنفًا من مهارات وعلوم، ولكن احرصوا أيها الآباء كذلك على تعليم أبنائكم ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم ويكون لكم صدقة جارية بعد موتكم وشفيعًا لكم يوم القيامة بإذن الله.

من الجميل أن يحرص الآباء على دعم أبنائهم ماديًا بما يتركونه من ميراث ماديّ بعد موتهم، على أن يدركوا أن الإرث الحقيقي هو ما يتركه الآباء من أعمال صالحة وعلوم نافعة وذكريات طيبة ونصائح قيمة ينتفع بها أبناؤهم فيما بقى لهم من عمر، وتصير لاحقًا سببًا في رفع ميزان حسنات الآباء ورفع درجاتهم في الآخرة بفضله تعالى وواسع رحمته.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …