4 دروس أبوية تربوية

الرئيسية » بصائر تربوية » 4 دروس أبوية تربوية
4 دروس أبوية تربوية - أخطاء يرتكبها الآباء - لفتات تربوية - تربية الأبناء

للأسف.. كثيرًا ما نلاحظ دور الأب الغائب في التربية، فهو غالبًا ما يكون المعيل للأسرة، وينتهي الأمر عند هذا الحد أحيانًا، أو ربما تُضاف عليه وظيفة الأمر والنهي في المنزل بعد عودته من العمل، ولكن برغم هذه الصورة القاتمة المنتشرة إلى حد بعيد، فإن هناك استثناءات ونماذج لا حصر لها لآباء أثَّروا في أولادهم وعلموهم دروسًا في الحياة لا تُنسى.

ومن تجارب شخصية وتجارب بعض المعارف وأصحاب التجارب والخبرة نستقي أهم أربعة دروس علمها بعض الآباء لأبنائهم، إلى درجة أثرت في مسار حياتهم سواء على المدى القريب والبعيد:

1- الاحترام المتبادل

الكثير من الآباء والأمهات يقعون في خطأ توقع الاحترام من أبنائهم بغض النظر عن طريقة تعاملهم كآباء مع أبنائهم وما ربوهم عليه من أخلاق وتصرفات، فتجد الأب يصرخ في أبنائه وينهرهم ويسيء لهم صغارًا.

كثيرٌ من الآباء يتعاملون بأسلوب فظ مع أبنائهم وينسون أو يتناسون عواقبه الوخيمة، ومن أبرزها زرعهم لمشاعر الخوف في قلوب أبنائهم ضدهم

وحين يكبر الأبناء ويتصرفون بنفس تلك الطريقة سواء مع غيرهم أو مع آبائهم - ليس من منطلق العقوق وإساءة الأدب - على أنها الطريقة السوية والصحيحة في التعامل، يتلقفهم آباؤهم بالنقد والنهي ووصمهم بالعقوق الذي كانوا هم أول من بدؤوه بما نشَّؤوا عليه أبناءهم.

2- الحب والإحساس بالأمان لا الخوف

شهدت من فترة قريبة موقفًا لأب يهدد ابنته بالضرب إن لم تكف عن الصراخ أو البكاء، وقد كرر تهديده ذاك عدة مرات في مواقف مختلفة وعلى مدار أيام، والملفت في هذا الموقف الذي يتكرر يوميًا مع العديد من الآباء والأمهات عدة أمور:

أولها/ أن الأب لم يفكر أن يسأل طفلته الصغيرة في أية مرة من المرات عن السبب الذي يدفعها للصراخ أو البكاء بدلًا من الصراخ في وجهها ونهرها وتهديدها في كل مرة.

من أعظم الهدايا التي يمكن أن يهديها الآباء لأبنائهم هو شعورهم بالأمان والاطمئنان تجاههم لا الرعب والخوف

والأمر الثاني/ هو استخدامه أسوأ أسلوب تربوي على الإطلاق وهو الصراخ والتهديد ، والمأساوي في الأمر أن كثيرًا من الآباء يتعاملون بهذ الأسلوب الفظ مع أبنائهم وينسون أو يتناسون عواقبه الوخيمة، ومن أبرزها زرعهم لمشاعر الخوف في قلوب أبنائهم ضدهم، ثم يستغربون حين يبدأ أبناؤهم في الكذب أو إخفاء أمور عنهم، والبعد عنهم تدريجيًا لتلافي غضبهم وردات أفعالهم القاسية، لا بد للآباء أن يدركوا أن من أعظم الهدايا التي يمكن أن يهدوها لأبنائهم هو شعورهم بالأمان والاطمئنان تجاههم لا الرعب والخوف.

3- عدم النظر لبر الأبناء على أنه حق مكتسب ولا استخدامه كسلاح

كما أسلفنا في مسألة الاحترام، فكذلك الأمر في مسألة البر، فبعض الآباء يستخدم البر كسلاح يصوبه تجاه ولده كلما خالفه في أمر ليس على هواه وإن لم يكن فيه ما يخالف الشرع من قريب أو بعيد، كالزواج أو اختيار التخصص الدراسي أو الوظيفي... إلخ، وفي هذا الأمر خطورة كبيرة؛ فهو يدمر علاقة الأب بولده إذا ما قرر الأخير مخالفة والده في الرأي، أما إذا اختار موافقته فيكون الأب بهذا قد دمر حياة ابنه بفرضه للرأي وتهديده بالعقوق بالرغم من أن ذلك لا يحق له؛ فاتخاذ الابن لقرار يخص حياته - طالما كان لا يغضب الله - وإن خالف رأي الأب ووجهة نظره فلا علاقة له بالعقوق من قريب أو بعيد، ما دام لزم الابن وصل أبيه وبره وإحسانه ولم يتجاوز حدود الاحترام والأدب.

قد لا يميز بعض الآباء في عطاياهم للأبناء، ولكنهم يميزون في أسلوب التعامل والإكثار من مدح طرف دون آخر أو التركيز على مميزات بعض الأبناء وتضخيمها دون إخوتهم

4- عدم التفرقة بين الأبناء والإشادة بمميزات كل ابن

قد لا يميز بعض الآباء في عطاياهم للأبناء، ولكنهم يميزون في أسلوب التعامل والإكثار من مدح طرف دون آخر أو التركيز على مميزات بعض الأبناء وتضخيمها دون إخوتهم، وناهيك عما يمثل هذا من ظلم في المعاملة فإن التمييز بين الأبناء لا يدمر العلاقة بين الآباء والأبناء فحسب بل كذلك بين الإخوة، وكم من الإخوة الذين تفرقوا ولم يجتمعوا أبدًا حتى بعد وفاة آبائهم وأمهاتهم فقط بسبب تمييز آبائهم في المعاملة .
إن الدروس التي يتعلمها الآباء من تربيتهم لأبنائهم لا تنتهي وكذلك الأخطاء التي يرتكبونها، والأهم في كل هذا هو عدم الاستكبار أو الإصرار على الخطأ، بل والحرص على تصحيحه، ولتعلم أيها الأب أن تقدير أبنائك لك يزيد حين تعتذر لهم بصدق وتعدهم بألا تكرر الخطأ ، فالأبناء مدركون تمامًا لبشرية الآباء وعظم مكانتهم عند الله سبحانه وتعالى في آن، ولذلك فإن إكبار الأبناء واحترامهم لمن يعتذر لهم من آبائهم له عندهم مكانة خاصة ومميزة وعميقة الأثر لدرجة يستحيل نسيانها أو محوها من الذاكرة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …