4 مفاتيح لحسن استثمار الوقت دون توتر (2-2)

الرئيسية » بصائر تربوية » 4 مفاتيح لحسن استثمار الوقت دون توتر (2-2)
4 مفاتيح لحسن استثمار الوقت دون توتر (2)

لقراءة الجزء الأول.. اضغط هنا

1. إياك و"هذه المرة فقط"

لو أنك كنت ماضيًا في تنفيذ التزام معين، مثل خطة إقلاع عن التدخين، ثم حدثتك نفسك يومًا: "لفافة واحدة فقط!"، تمهل لحظة واقرأ ما يلي: في نفس اللحظة التي تسمح فيها لنفسك بأريحية "فقط واحدة"، وبأن تخرج عن العادة "فقط لمرة"، فإن الثانية تصبح أسهل! وإذا وقعت الثانية، فالثالثة أهون، وهَلم جرًا!

إن التساهل يدعو بعضه إلى بعض، وبرَغم بَداهة هذا الكلام، فإنه على قدر كبير من الأهمية في تفسير فشل محاولات الالتزام بالخطط طويلة الأمد، فإذا أغلقت الباب على المرة الأولى، وسددته بإحكام في وجه بوادر الريح، فلن تُضطر لمواجهة عاصفة ستقلب خطتك رأسًا على عقب، وتصيبك بإحباط قد لا تستطيع معه الاستمرار، قاوم الأولى، ولن تحتاج للقلق بشأن الثانية والثالثة، والألف!

- لعلك تتساءل: أيعقل أن كل هذا من "مرة فحسب"؟!
- أجل!
- كيف ذلك؟

حين تتساهل لأجل لذة عابرة في الحال، تُغريك نفسك بتَكرارها، وبدل أن تكبح ذلك الإغراء مرة، يصير عليك مقاومة أضعافه، وهنا مكمن صعوبة الالتزام الكامل بخطة

إنك حينما تُدَلِّل نفسك بتلك المرة، فإنك تحصل على لَذة فورية، وهذه اللذة من القوة بمكان، فتستثقل النفس العودة "للحرمان" من تلك اللذة الآنية، في مقابل لذة بعيدة مستقبلية: إنقاص الوزن، أو الإقلاع عن التدخين، أو إتمام مشروع... إلخ، ولذلك فإنك حين تتساهل لأجل لذة عابرة في الحال، تُغريك نفسك بتَكرارها، وبدل أن تكبح ذلك الإغراء مرة، يصير عليك مقاومة أضعافه، وهنا مكمن صعوبة الالتزام الكامل بخطة كهذه؛ لأنك تقاوم جيشًا من الإغراءات العاجلة، لأجل لذة آجلة، ولكنك لو استحضرت أن تلك الآجلة هي أنفع وأبقى، وقاومت "هذه المرة"، فستبلغ مُرادك بعون الله تعالى، وتسعد سعادة حقيقة بإنجازك.

2. وَقِّت المهمات

في المرة القادمة التي تؤدي بها أي عمل إطلاقًا، وَقِّت ذلك العمل لتحسِب المدة المُستغرَقة لإتمامه، بهذه الطريقة، ستعرف كمّ الوقت الذي يستغرقه هكذا عمل في المرة القادمة التي يتوجب عليك فيها إعادته، وكلما عرفت لكل عمل في جدولك مُدَّته، تسنَّى لك أن تستثمر دقائق يومك بشكل سيذهلك فيه كَمُّ الإنجازات، التي لم تكن الأربع وعشرين ساعة السابقة لتكفِيَها! وبدل أن تتراكم المهمات الصغيرة، ستجد أن الأوقات البينية في يومك اتسعت، فتُتِمّ مكالمات هاتفية وتَصِل أحبابك بينما تملأ السيارة بالوقود، وتستمع لمادة نافعة أثناء تأديتك عملًا منزلًيا كالكيّ أو غسل الأواني، وتقرأ في كتاب أو تكثر أوراد الذّكر خلال أوقات المواصلات يوميًا.

أحد أسباب ثِقَل تنظيم الوقت والشروع في الإنجاز هو حشد الكثير من المَهَمّات الكبيرة في نفس اليوم، فتصير الخطة ترهيبًا لا ترغيبًا

3. حذار من حشد الأهداف

أحد أسباب ثِقَل تنظيم الوقت والشروع في الإنجاز هو حشد الكثير من المَهَمّات الكبيرة في نفس اليوم، فتصير الخطة ترهيبًا لا ترغيبًا؛ لأن الشروع في مهمات عديدة يستنزف الطاقة بدل أن يستثمرها، ويشتت المرء عن التركيز على العمل الآني؛ لأنه مشغول بالقلق على ما سيتبقى من وقت للبقية، إنك هكذا كمن يَنشد ساعات أكثر من الأربع وعشرين التي يحويها اليوم، والتي نصفها أو ثلاثة أرباعها ننفقها في لوازم الحياة.
فلو أنك تخطط لتأليف كتاب، أو تعلم لغة، أو إتقان القيادة، بالإضافة للأعمال المنزلية والواجبات الروتينية كل أسبوع، ستجد أن الوقت المتاح لهذه أو تلك يكاد يكون ضئيلًا لإتمام أي منها بصورة مُرْضِية، ولو فرضنا أن اليوم يتسع لمائة مَهمة، فذلك يعني أن تقضي حَوالَيْ ثلاث دقائق ونصف في كل منها! ستنجزها في نهاية المطاف نعم، لكن ربما بعد مائة سنة بتلك الطريقة!

4. اطرق الحديد وهو ساخن، فماذا لو برد؟

تأتي على الواحد منا أوقات يدفع فيها نفسه إلى العمل دفعًا، ويتنقل من مكان لمكان كبِطيخة تتدحرج على الأرض في تثاقل! مزاجك متعكر، وتفضل أن تستلقي أمام التلفاز، أو تنام على الأريكة، أو لا تفعل شيئًا على الإطلاق! لكنك تَمضي مع هذا في واجباتك، لعلمك بأنك لو تركت نفسك على هواها، فلن تنجز شيئًا أبدًا، فضلًا عن أن هناك مهماتٍ وأعمالًا لا تخضع لحالتك المزاجية، وفي قرارة نفسك، تنتظر هبوط الهمة والنشاط والحيوية من السماء، لتعود لسابق عهدك.

استمر في الإنجاز ما شعرت بالطاقة والقدرة والانهماك، وتوقف حين يداخلك الملل أو التعب أو الشرود

ثابر على ما تفعل بتأنٍ، بدون استعجال وبدون أن تجلِد نفسك بتأنيبها على كسلها أو تراخيها، بل سلّم بأن ما أنت فيه حالة طبيعية، يمر بها كل منا في حينه، والنتيجة أن الرياح ستأتي أخيرًا محملة بما يشتهي السفن بإذن الله!

ولكن انتبه في الوقت الذي تهب فيه رياحك أن تغتنمها، وأن تستثمر أوقات الفورة والنشاط في المهام الكبيرة المؤجلة، أما الصغيرة الروتينية أو التي لا تتطلب نفس المجهود، فدعها حين يكبو جوادك!

وحين تشرع في عمل في الحال، وتجد أنك انغمست فيه بانسجام، فلا تقطع انسجامك هذا، ولو كنت أنهيت المهمة المحددة، فتخطاها للتي تليها، استمر في الإنجاز ما شعرت بالطاقة والقدرة والانهماك، وتوقف حين يداخلك الملل أو التعب أو الشرود، وسبب ذلك أن قطع الاستغراق في عمل – كالدراسة مثلًا – وأنت بعدُ قادر على الاستمرار، سيجعل عودتك إليه أثقل على النفس؛ لأنك أرخيتها في وقت لم تكن تحتاج فيه إلى الاسترخاء، تمامًا كمن يجبر نفسه على النوم وهو لا يشعر بالنعاس.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …