تعد فترة العودة إلى المدرسة من الفترات التي تحمل تحديات للكثير من الأطفال، سواء كان هذا الطفل يذهب للمرة الأولى إلى المدرسة، أو كان في المراحل الأعلى، وعاد بعد انقطاعه فترة العطلة الصيفية، خصوصًا لو أنه انتقل إلى مرحلة جديدة أو مدرسة جديدة.
ولكي نتعامل مع هذه التحديات ونساعد أولادنا للتأقلم معها، لا بد أن نعرف أسبابها أولًا:
- قلق الانفصال:
وهذا الأمر يسبب توتر وصعوبة للأم وطفلها معًا؛ فإن هذه الفترة تحمل تجربة عاطفية كبيرة، وكلما كانت الأم أكثر تعلّقًا بطفلها، فقد يصعّب ذلك الانفصال أكثر؛ لأن مشاعر الأم تصل للطفل.
قد ينفع الطفل الذي يتعلق بوالدته؛ أن تعطيه شيئًا من أغراضها معه، أو أن ترسم له رسمة؛ لكي يراها كلما اشتاق لأمه، بالنسبة للأطفال الذين يذهبون للمرة الأولى، يكون توترهم أعلى بسبب عمرهم الأصغر وقلة نضجهم، وكذلك بسبب أنهم قد اعتادوا البقاء بقرب والديهم، وبالتالي فإن احتمال التعلق بوالديهم وقلق الانفصال عندهم يكون أعلى.
يشوب التجارب الجديدة دائمًا شيء من عدم اليقين، وتحمل معها توترًا، وإن كنا سعيدين بها ومتحمسين لها
- الخوف:
بقدر ما تكون الأم سعيدة بأن ابنها أصبح كبيرًا وسيذهب للمدرسة للمرة الأولى، بقدر ما تكون متوترة لفراقه، وخائفة عليه، ماذا لو أراد الذهاب للحمام ولم يخبر المعلمة؟ ماذا لو آذاه أصدقاؤه ولم يدافع عن نفسه؟ ماذا لو تألم ولم يتكلم؟ ماذا لو اشتاق لي؟ نفس هذه المخاوف تكون عند الطفل، وإضافة لها يخشى الطفل أن يعود إلى المنزل فلا يجد والدته، أو أن ينسوا أن يعيدوه من المدرسة، بعض الأطفال لا يدركون أن عندهم هذه المخاوف، فقد يشعر الطفل بعدم رغبة في الذهاب للروضة، ويقاوم ذلك بدون أن يعرف السبب.
مما يقلل من هذه المخاوف عنده أن تضع الأم أمام طفلها، منبهًا يذكرها بوقت عودة الطفل، أو أن تكتب للطفل رقم جوالها، كي يعطيه للمعلمة لتتصل بوالدته، مع التأكيد للطفل أنها تفكر به طوال الوقت ولن تنساه.
- عدم اليقين:
يشوب التجارب الجديدة دائمًا شيء من عدم اليقين، وتحمل معها توترًا، وإن كنا سعيدين بها ومتحمسين لها، التوتر من المدرسين، ومن الزملاء، بل ومن مبنى المدرسة نفسه أيضًا، لذا فإن زيارة الطفل للمدرسة قبل بداية الدوام، والتجول فيها يخفف عنه هذا التوتر، والأفضل لو استطاع التعرف على مدرِّسيه.
من الأخطاء التي نرتكبها كمربين، هو الاعتقاد بأن النقاش المنطقي يكفي لتزول المشاعر الصعبة عند الطفل، لذا نرفض منه مشاعر التوتر أو الخوف بعد أن نشرح له عن المدرسة، وكذلك نرفض من الأطفال الأكبر سنّا مشاعر التوتر المرافقة لبداية المدرسة؛ لأنه باعتقادنا أن الطفل قد اعتاد عليها في السنوات الماضية ولا داعيَ لها.
يحب الأطفال القصص بطبيعتهم، وعندما يكون موضوع القصة مرتبطًا بواقع الطفل، فإنه يتأثر به أكثر، ويشعر بأن ما يمر به هو أمر طبيعي، وقد يتعلم من القصة تقنيات للتأقلم والتكيف مع المدرسة، ومع مشاعره
- اختلال الروتين اليومي:
خلال الدوام المدرسي لا بد من اتباع نظام محدد للنوم والاستيقاظ وأوقات اللعب والزيارات وغيرها، فيشعر الطفل أنه أصبح مقيّدًا بسبب المدرسة، لذا من الضروري تعديل روتين الحياة ليتناسب مع نظام المدرسة، قبل أن تبدأ بأسبوع أو أكثر؛ كي يعتاد الطفل على الروتين الجديد ويصبح سهلًا عليه.
معرفة الأسباب تعين كثيرًا في تخفيف التوتر، لكن رغم ذلك يبقى جزء طبيعي من التوتر موجودًا لدى كل البشر كبيرهم وصغيرهم، يترافق مع الانتقالات الجديدة، ويقل أو يختفي مع الأيام.
من الأمور التي تساعد على التهيئة:
- الاستعانة بالقصص التي تتكلم عن اليوم الأول في المدرسة: يحب الأطفال القصص بطبيعتهم، وعندما يكون موضوع القصة مرتبطًا بواقع الطفل، فإنه يتأثر به أكثر، ويشعر بأن ما يمر به هو أمر طبيعي، وقد يتعلم من القصة تقنيات للتأقلم والتكيف مع المدرسة، ومع مشاعره.
- حدثه عن يومك الأول في المدرسة: أنت بطل طفلك، يتعلم منك الكثير، يحكي الكثير من المربين لأطفالهم أنهم كانوا شجعانًا ولم يخافوا، ظنًّا منهم أن ذلك يشجّع الطفل، ويجعله يقتدي بهم، بينما في الواقع فإن هذا لا يفيد وحده؛ لأن مشاعر الطفل ليست تحت سيطرته الكاملة، وربما تكون نتيجة ذلك عكسية؛ لأنها ستجعل الطفل يخجل من نفسه بسبب مشاعره الصعبة، أو يشعر بقلة تقدير للذات، يمكنكم قراءة مقال: (النمو العاطفي عند الأطفال) لتعرفوا أكثر
الحديث مع الطفل عن قيمة العلم والعلماء وأجرهم الكبير، وأن الله تعالى حثنا على العلم، يساهم في تغيير نظر الطفل نحو المدرسة، وإن بدا لنا أنه غير مهتم، لكن مع التكرار، يظهر أثره
- الحديث مع الطفل عن قيمة العلم والعلماء وأجرهم الكبير، وأن الله تعالى حثنا على العلم، يساهم في تغيير نظر الطفل نحو المدرسة، وإن بدا لنا أنه غير مهتم، لكن مع التكرار، يظهر أثره.
- مشاركة الطفل في شراء أدواته المدرسية، ولباسه المدرسي، يجعله متحمسًا لاستخدامها، مما يقلل من رفضه للروضة.
- مشاهدة مقاطع يوتيوب للطلاب في المدارس والروضات، يساهم في تعريف الطفل أكثر بالأجواء المدرسية.
هذه بعض أكثر الأسباب والحلول شيوعًا، وبرغم ذلك يبقى لكل طفل خصوصيته، وعلى الوالدين أن يكونا منفتحين مع الطفل ليفهما سبب رفضه للمدرسة، فلا يقاطعانه حين يتكلم، ولا يلومانه، ولا يصفانه بالجبن أو الكسل؛ لأن كل ذلك يجعله ينكفئ على نفسه، ويرفض بدون أن يبيّن سبب الرفض.