علاقة الأب بأبنائه من أكثر العلاقات الإنسانية الجوهرية والمؤثرة في حياة الإنسان.
فهي إما أن تكون وطيدة وطيبة وتعود بالأثر الحسن على الابن أو البنت مستقبلًا.
وإما أن تكون ذات أثر سيئ يحاول الأبناء التعافي منها فيما بقي لهم من عمر.
فما هي الأمور التي يمكن لأي أب أن يفعلها كي يوطد علاقته بأبنائه وتصير طيبة وعميقة؟
1. احترم خصوصيتهم واستقلاليتهم
لا يميز بعض الآباء بين مخالفة ولده لشرع الله أو العمل الخاطئ، وبين مخالفته له هو كأب في وجهة نظره أو رؤيته في الحياة ؛ فالولد ليس ملزمًا بمطابقة والده في الرأي في أمور حياته من اختيار لمجال الدراسة أو الوظيفة أو الزوجة أو توجهه في الحياة، ومخالفته في هذه الأمور لا تعدّ عقوقًا طالما أنه يحسن إليه ويبره، وله على هذا كامل الحرية في اتخاذ القرارات التي تخص حياته هو وإن كانت مصيرية، فإن كان صحيحة جنى ثمارها وإن كانت خاطئة فهو من سيدفع الثمن في النهاية.الولد ليس ملزمًا بمطابقة والده في الرأي في أمور حياته من اختيار لمجال الدراسة أو الوظيفة أو الزوجة أو توجهه في الحياة، ومخالفته في هذه الأمور لا تعدّ عقوقًا طالما أنه يحسن إليه ويبره
2. حاول الفصل بين شخصك ونصيحتك
ليس معنى أن الابن لم ينفذ نصيحة والده أنه لا يحترمه أو يقدر رأيه، ولكن ربما دلته خبرته ونظرته للأمور على اتخاذ الوجهة الأنسب له هو، وأحيانًا لا تكون نصيحة الآباء في حد ذاتها غير صائبة ولكنها قد لا تكون ملائمة أو قابلة للتطبيق في وضع أبنائهم ، تأكد أيها الأب أنك إذا تركت لولدك حرية الاختيار، فإنك ستكون أول شخص يلجأ إليه إذا ما تبين خطأ اختياره وأراد نصيحتك ومشورتك، أما إذا أخذت الأمر على محمل شخصيّ وقاطعت ابنك نتيجة قراره - كما يفعل بعض الآباء - أو أخليت مسؤوليتك عن مساعدته إذا ما ساءت الأمور وخرجت عن نطاق السيطرة، فإنك بهذه الطريقة تدفع العلاقة لحافة الانهيار، وتنزع من ولدك شعور الأمان والثقة تجاهك.
3. تخلَّ عن منهج التحقيق
وصفت لي صديقة مرة أن علاقتها بأبيها لا تتعدى كونها علاقة استجواب، فلا ينفك عن سؤالها غدوًا ورواحًا أسئلة من قبيل: "أين ذهبت؟" و"إلى أين تذهبين؟" و"لماذا تأخرت؟" و"متى وصلت؟" وهذا هو لُب العلاقة بينهما!
تأكد أيها الأب أنك إذا تركت لولدك حرية الاختيار، فإنك ستكون أول شخص يلجأ إليه إذا ما تبين خطأ اختياره وأراد نصيحتك ومشورتك
وهذا لا يعني ألا يستفسر الأب ويطمئن على أبنائه وأحوالهم، فهذا - لا ريب - أمرٌ طيب ومستحسن، ولكن شتان بين أن تُبنى العلاقة الأبوية على التحقيق والاستجواب، ومن أن تكون جزءًا لا يتجزأ منها، فالأب في النهاية ليس شرطيًا، وللأبوة واجبات أخرى كالاهتمام والرعاية والتوجيه والتعاطف؛ كي لا تصير العلاقة مبنية على الخوف والرهبة لا الحب والثقة.
4. فلتكن لهم ذكرى طيبة في حياتك وبعد وفاتك
تذكر دومًا أن الأعمال التي لا تنقطع للإنسان بعد موته هي ولد صالح يدعو له، فلماذا يغلق الإنسان على نفسه كنزًا وبابًا ثمينًا كهذا وهو بيده أن يستمر في نيل الثواب والأجر حتى بعد موته، فأحسن لأبنائك وتذكر أنك ملزم بالإحسان إليهم وحسن معاملتهم ومساءل عن هذا كما هم مأمورون ببرك ومساءلون عنه.
أحسن لأبنائك وتذكر أنك ملزم بالإحسان إليهم وحسن معاملتهم ومساءل عن هذا كما هم مأمورون ببرك ومساءلون عنه
5. علمهم ما ينفعهم في آخرتهم
كثير من الآباء يحرص على تعليم أبنائه العلوم الدنيوية واللغات الأجنبية، ولا يحرص على تعليمهم أمور دينهم وآخرتهم وأورادهم وأذكارهم التي تنفعهم في الدنيا والآخرة، وقد كانت لي زميلات كثر في المدرسة لا يعرفن كيفية الوضوء والصلاة الصحيحين... وغيرها من أمور الدين كثير، وتذكر أنك بتعليمهم لهذه الأمور تنفعهم في الدنيا والآخرة ويكون تطبيقهم لأمور دينهم وترديدهم للأذكار صدقة جارية لك ما التزموا بها وحافظوا عليها.
إن وجود الأبناء والبنات في حياة الإنسان نعمة عظيمة لمن يقدر قيمتها ويحسن لأبنائه، فببرهم لآبائهم يكونون نعمة لهم في حياتهم وبدعائهم لآبائهم بعد وفاتهم يكونون بإذن الله تعالى سببًا لرفع درجاتهم في الآخرة ومنزلتهم في الجنة .