9 استراتيجيات تطبيقية يقترحها المختصون لتعزيز قوة الإرادة والانضباط الذاتي

الرئيسية » بصائر تربوية » 9 استراتيجيات تطبيقية يقترحها المختصون لتعزيز قوة الإرادة والانضباط الذاتي
willpower 9 استراتيجيات تطبيقية يقترحها المختصون لتعزيز قوة الإرادة والانضباط الذاتي

كثيرًا ما يمر الواحد منا بفترات إحباط بسبب عدم قدرته على إنجاز عمل ما، أو إخفاقه في الحصول على شيء مر وقت طويل وهو يحاول الحصول عليه، أو بسبب اكتشافه فجأة أنه ضيّع عمره في المماطلة والتأجيل، وغالبًا تبدأ هنا دوامة اللوم والعتاب واسترجاع الأحداث: ماذا لو كانت إرادتي أقوى، أو أنني استطعت أن أتحلى بضبط النفس، ليتني تمسكت بذلك الروتين البسيط لحصل ذاك الأمر... وهكذا.

وفي الحقيقة، إن كل ما كان يحتاج إليه أيّ من هؤلاء هو قوة الإرادة، وإن كان يطلق عليها الكثير من المسميات والمصطلحات إلا أنها تصبّ في بوتقة الإرادة.

ما هي قوة الإرادة؟

يطلق عليها العديد من المسميات – كما أسلفنا – مثل: العزيمة، الدافعية، التصميم، الانضباط الذاتي، وكذلك التحكم في النفس، ولكنها في جميع الحالات تشير إلى معنى اصطلاحي واحد، وهو: القدرة على التحكم في النفس وكبح جماحها، بالإضافة إلى القدرة على مقاومة الإشباع الفوري للرغبات من أجل تحقيق أهداف طويلة المدى.

وتؤثر قوة الإرادة على جميع مجالات الحياة؛ فهي تساعد بدون شك في تحقيق مجموعة متنوعة من الأهداف، مثل: الانتظام في ممارسة الرياضة، ادخار مبلغ معين، الالتزام بروتين مفيد، تناول طعام صحي، التوقف عن التدخين، التعود على الاستيقاظ لصلاة الفجر... إلخ. والمفاجأة: يؤكد المختصون على أن أهمية قوة الإرادة في تحقيق النجاح تفوق أهمية معدل الذكاء الفردي .

وفي دراسة بحثية أجراها الطبيب النفساني (والتر ميشيل) لتحديد العلاقة بين قوة الإرادة وبين النجاح، أحضر عدة أطفال في سن ما قبل المدرسة وقدم لكل منهم وعاءً فيه نوعًا من الفطائر المفضلة للأطفال، وأخبرهم أن بإمكان أي منهم تناول فطيرة واحدة فقط، أو الانتظار لمدة 15 دقيقة ثم الحصول على فطيرتين معًا.

بعد عدة سنوات تتبع الباحثون الأشخاص الذين خضعوا للاختبار وقد كانوا حينها في مرحلة المراهقة، وقد وجدوا أن الأشخاص الذين صمدوا لـ 15 دقيقة يتميزون بعدة صفات مشتركة، مثل: (لديهم مستوى أعلى من احترام الذات، وضبط النفس، يديرون الإجهاد بشكل أكثر فاعلية، أداؤهم في المدرسة أفضل) والواضح أن هذه الفوائد سوف تمتدّ لتعينهم طوال حياتهم.

يعاني الكثير منا من ضعف إرادته وقدرته على ضبط نفسه، فإن من يتحلون بقوة الإرادة يحصلون على ميزات مختلفة يُحرم منها أقرانهم المفتقدون لتلك القوة

لماذا يجب علينا الاهتمام بقوة الإرداة؟

بينما يعاني الكثير منا من ضعف إرادته وقدرته على ضبط نفسه، فإن من يتحلون بقوة الإرادة يحصلون على ميزات مختلفة يُحرم منها أقرانهم المفتقدون لتلك القوة، أهم هذه الميزات:

لديهم علاقات ناجحة وطويلة المدى

يستمتعون بأنشطة ينفر منها الآخرون

يتعاملون بضبط انفعالات عند الإحباط أو الاكتئاب

هم أقل تشتتا وأكثر تركيزًا

نادرًا ما يعانون مع مشاكل صحية

يتعلّمون عادات أفضل باستمرار

أكثر قدرة وكفاءة في إحداث التغيير

يجدون الالتزام أمرًا هينًا

يشبعون احتياجاتهم بطرق مختلفة

وهم أقل عرضة للإدمان وتعاطي الكحول والسجائر

وغير ذلك من الميزات المغرية

اقرأ أيضًا: 8 نصائح تهيئ بها قدراتك للتفوق على ذاتك وتجاوز حدود نفسك

لأن قوة الإرادة أو الانضباط الذاتي والتحكم في النفس أمام الرغبات والشهوات تعد قدرات قيّمة جدًا تساعدنا في تحقيق الأهداف ، فهي توفر القدرة على مقاومة الإغراءات قصيرة الأجل من أجل الحصول على متعة تحقيق أهداف طويلة المدى، وهي ذاتها ما يمنحنا القدرة على تجاوز المشاعر والأفكار والدوافع غير المرغوب بها؛ فعندما تكون إرادتنا قوية يمكننا الاستجابة للمثيرات ببرود وهدوء شديد بدلًا من ردات الأفعال العاطفية، أو التهور في الانفعال والتعاطي مع الأمر بعشوائية وبدون تعقّل.

كما أن قوة الإرادة تمنحنا الطاقة وقدرة التحمل التي تساعدنا في التعامل مع التحديات والمثابرة في مواجهة النكسات والصعوبات ، بالإضافة إلى القدرة على تحمل الصراعات والتوتر العام الذي قد يجعلنا نتهرب من مشاريع وأهداف نسعى إليها جاهدين.

قوة الإرادة والانضباط الذاتي من أعظم أشكال تقدير الذات؛ إذ أنهما – كما ذكرنا - قائمان بالدرجة الأولى على مقاومة رغبات آنية وتجاهل ملذات كثيرة في الوقت الحالي من أجل أهداف مستقبلية ومكافآت تستحق التعب لكنها تأتي لاحقًا، ولا يتحقق ذلك إلا بقوة الإرادة، عندما تحبّ نفسك بالقدر الكافي سوف تفعل ما يجب وتجتهد في السعي وراء ما كان مقدرًا لك لكي تصل إلى أفضل ما تطمح إليه.

أكد كثير من المختصين والناجحين أن قوة الإرادة والانضباط الذاتي ليسا محدودين، ولا موروثين، بل إنهما مثل المهارات المختلفة يمكن اكتسابهما وتعلمهما وإتقانهما بالدربة والمران عبر ممارسة استراتيجيات عملية

كيف تعزز قوة الإرادة لديك؟

أكد كثير من المختصين والناجحين أن قوة الإرادة والانضباط الذاتي ليسا محدودين، ولا موروثين، بل إنهما مثل المهارات المختلفة يمكن اكتسابهما وتعلمهما وإتقانهما بالدربة والمران عبر ممارسة استراتيجيات عملية والإلقاء بأنفسنا في تحديات ومغامرات جديدة ومختلفة.

فيما يلي سوف أنقل إليك مجموعة من نصائح أهم الباحثين المختصين في المجال على رأسهم العالم المختص في الأبحاث روي بوميستر والكاتب العلمي في نيويورك تايمز جون تيرني (مؤلفا كتاب قوة الإرادة: إعادة اكتشاف أعظم قوة إنسانية) بالإضافة إلى الدكتورة كيلي مكجونيجال - Kelly McGonigal (وهي عالمة نفسانية في جامعة ستانفورد ومؤلفة كتاب: The Willpower Instinct - غريزة قوة الإرادة: كيف يعمل ضبط النفس، وما أهميته، وكيف نعززه) بالإضافة إلى المختص بيتر هولينز (مؤلف كتاب قوة الانضباط الذاتي: تمارين مدتها 5 دقائق لتعلم ضبط النفس، وبناء العادات الجيدة، وكيفية الاستمرار بينما تشعر برغبة في الاستسلام) وهو أيضًا (مؤلف كتاب دليل الانضباط الذاتي: كيفية تحقيق كل هدف تحدده باستخدام قوة الإرادة والتحكم الذاتي والصلابة العقلية)

اقرأ أيضًا: شجاعة العقول وتغيير الواقع

تقول الدكتورة كيلي: "إن قوة الإرادة تشبه العضلات، يمكن صنعها بالاستمرار والتمرين، ولكن لا بد من تدريبها وتطويرها للمحافظة عليها، إذ لا يوجد أي دليل علمي يشير لعلاقة الجينات بقوة الإرادة والتحكم في النفس أو الانضباط الذاتي " وذلك يعني أن من يدّعي عدم وجود إرادة لديه يمكنه تعلّمها وتنميتها لديه؛ لأن ضبط النفس هو جهد السيطرة على الذات من قبل الذات، ويتحقق تحسين قوة الإرادة باتباع استراتيجيات عملية وخوض تحديات لنفسه أو تطبيق الخطة مع أبنائه منذ طفولتهم؛ فقد أثبتت الأبحاث أن الانخراط في بعض أنشطة ضبط النفس بانتظام لمدة أسبوعين فأكثر سوف يؤدي بالضرورة إلى تحسين قوة الإرادة ، وقد قدم العلماءُ المذكورون رؤى متطورة من علم النفس والاقتصاد وعلم الأعصاب والطب لشرح معنى قوة الإرادة وكيفية استخدامها لتحويل حياتنا للشكل الأفضل.

فيما يلي مجموعة من الاستراتيجيات العملية التي اقترحها أولئك العلماء والمختصون الاستشاريون؛ أوردها لك لكي تساعدك على تقوية إرادتك والتحكم في ذاتك، ومساعدة أبنائك كذلك أو زملائك بتطبيقها:

1. كلما شعرت بأن إرادتك تتناقص فكر في أحلامك، رؤيتك، رسالتك وأهدافك الكبرى التي تسعى لتحقيقها، تخيّل وضعك ومكانتك عندما تحقق طموحك، يعد ذلك محفزّا عاطفيًا قويًّا يمنحك القدرة على كبح جماح رغباتك الآنية والتحكم بذاتك لبناء قوة الإرادة التي تحتاجها كدافع لتحقيق تلك المهمة بسهولة.

2. وقتما تنظر لهدفك أو طموحك ككل متكامل قد تشعر بالإحباط، قسّمه إلى أهداف أصغر ومهمات جزئية قابلة للإدارة والإنجاز في أوقات أقل؛ كي تستطيع التركيز على كل هدف مرحليّ حتى تستطيع إنجازها جميعًا فتفاجأ بأنك أنجزت الهدف الأكبر بدون أن تشعر بثقل المَهمّة.

3. إذا شعرت بأن طاقتك قاربت على النفاد تجنّب الوقوع في فخ القلق والخوف والملل الذي يستنزف قوة الإرادة، وذلك باستقطاع وقت كافٍ للتأمل والتفكير بصفاء ذهني؛ لكي تحقق التأقلم مع التوتر والعمل تحت الضغط، حتى تنجز مَهَمَّتك بنجاح.

4. عندما يزداد الإجهاد البدني والعقلي تضعف الإرادة بالتأكيد، تعوّد على أخذ القسط المناسب من النوم ليلًا والاسترخاء قدر الإمكان  بالإضافة إلى تعديل نظامك الغذائي وتناول مأكولات صحيّة وممارسة رياضات بدنية متنوعة بين وقت وآخر؛ لكي تحافظ على مستوى طاقتك واستعدادك.

5. حين تكتشف أنك أخطأت لا بد أنك ستفتقد إلى الإرادة القوية لتجاوز الخطأ وإصلاح وتقويم المسار من جديد، تصالح مع أخطائك واغفر لنفسك الزلل؛ فذلك يزيد من دافعيتك لتحقيق هدفك، ومن تقبلك لذاتك والتعامل مع ما يعترضك لاحقًا.

في بعض الأحيان تتغير نظرتك للفرص وتتغير قيمتها في عينك وتفكيرك فتفكر في المخاطر والتهديدات أكثر من شعورك بالميزات والفوائد، فكّر بعقلك وألق نظرة شاملة لإمكاناتك، تفاءل وتوقع الأفضل، بذلك يمكنك تقوية إرادتك وتحفيز الانضباط الذاتي

6. قد تحتاج لتقدير أعمالك بين وقت وآخر ولا تجده مع أنه يحفزك بشكل أو آخر لمواصلة العمل وتخليصك من التشتت، توجه حينئذ لأحد من تشعر بإيجابيتهم من زملائك أو أصدقائك وتحدث إليه؛ فتلك وسيلة فاعلة لاستعادة قوة تحكمك بذاتك.

7. في بعض الأحيان تتغير نظرتك للفرص وتتغير قيمتها في عينك وتفكيرك فتفكر في المخاطر والتهديدات أكثر من شعورك بالميزات والفوائد، فكّر بعقلك وألق نظرة شاملة لإمكاناتك، تفاءل وتوقع الأفضل، بذلك يمكنك تقوية إرادتك وتحفيز الانضباط الذاتي.

اقرأ أيضًا: كيف تصنع النجاح من الإنجازات الصغيرة

8. بينما تكافح لأجل الوصول والبقاء متفاعلًا قد تشعر باليأس والهزيمة خوفًا من أن المهمة ستظل بنفس الصعوبة للأبد، لا تتخل عن شجاعتك وإقدامك إذا سيطر عليك هذا الشعور، بل فكّر بأن مهاراتك سوف تُصقل وتتألق بمرور الوقت ، وتصبح المهمات أكثر سهولة وسلاسة وتتعامل معها باحتراف شيئًا فشيئًا.

9. غالبًا سيغريك المكوث في منطقة الراحة بين وقت وآخر، فتهرب من المَهمّات التي تظنها معقدة، تحدّ نفسك، إذ هي غير مستحيلة، إلا أنك محتاج إلى بعض المقاومة والتحمل، وتحدي الذات.

ختامًا.. لا أحد يمكنه مقاومة إغراء الحياة المكتظة بالميزات التي تضفيها قوة الإرادة على حياة الفرد منا، كتنظيم الحياة، واتخاذ القرارات الصائبة، وتحديد الأهداف بسلاسة.. والخبر الجيّد هنا أنه يمكن لأيّ منا تنظيم الأمر وتحديد الروتين المناسب لتقوية إرادته أو تدريب الآخرين على تقوية إرادتهم .

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • 1. https://www.verywellmind.com/willpower-101-the-psychology-of-self-control-2795041
  • 2. https://www.vox.com/science-and-health/2018/1/15/16863374/willpower-overrated-self-control-psychology
  • 3. https://www.apa.org/topics/personality/willpower
  • 4. https://positivepsychology.com/psychology-of-willpower/#google_vignette
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …