يميل الكثير من الناس - عادةً - لإثبات أنهم على حق أو الإقدام على الأمر لمجرد أن لهم الحق في ذلك، بدون التفكير في أهمية تنفيذ الأمر على الوجه الأصح أو الأذكى بغض النظر عن كونهم على حق أم لا.
مثال ذلك: أن يقدم أحدهم على تصحيح خطأ تافه فعله شريك حياته أثناء الحديث، بينما كان من الممكن له أن يتجاهله بذكاء ويكسب وُد شريكه بدل خلق عداوة لا داعي لها، فَحِرْص البعض على إثبات أحقيتهم في أمر ما أو صحة رأيهم في موضوع معين قد يؤدي لكسبهم العداوات وخسارتهم لعلاقات وطيدة وطيبة، ومن هنا، في ما يلي سنبيّن الفرق بين أهمية أن يظهر الإنسان على حق دائمًا، وبين أن يتصرف بذكاء إذا ما اسلتزم الأمر وإن عنى ذلك عدم إثبات أحقيته في الموقف.
أولًا/ ما الفرق بين أن تكون ذكيًا أو على حق؟
معنى أن تكون ذكيًا هو أن تفعل التصرف الأصوب والأسلم للموقف أو للطرف الآخر بدون إظهار أنك على حق ، فمثلًا إذا فعل شريك حياتك خطأً ما فمن الذكاء هنا أن تساعده على تصحيحه بدون التنويه بأنك كنت على صواب؛ تفاديًا لجدل لا طائل منه، أما تصرفك بذكاء سيجعل الطرف الآخر يدرك خطأه وإن لم يعترف به صراحة.إذا حرصت على أن تثبت أحقيتك في الموقف فإنك ستصحح الخطأ وهنا ستفتح بابًا للجدل وتخلق عدواة بينك وبينه أنت في غنى عنها
أما إذا حرصت على أن تثبت أحقيتك في الموقف فإنك ستصحح الخطأ مع التنويه لشريك حياته بأنك على حق، وهنا – غالبًا - ستفتح بابًا للجدل وتخلق عدواة بينك وبينه أنت في غنى عنها.
وضع في اعتبارك أن فعل ما يثبت أحقيتك في موقف ما لا يعني فعل ما هو حسن أخلاقيًا، فقد تُصِر على قول شيء يتسبب في جرح مشاعر الطرف الآخر فقط لأنك على حق، وأحيانًا قد يتطلب منك التصرف بذكاء فعل أمر قد يجور على حقك وهذا لحرصك على التمسك بمبدأ معين أو الوصول لغاية أسمى، مثل أن تؤثر غيرك بمالك ووقتك على نفسك برغم احتياجك لهما، وهما في النهاية من حقك أنت.
ثانيًا/ أمثلة على التصرف بذكاء عوضًا أن إثبات الأحقية:
- إذا علّق أحدهم تعليقًا خاطئًا أو لا معنى له على منتدى أو مدونة أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، فمن الذكاء تجاهله عوضًا عن الدخول في جدل عقيم.
التصرف بذكاء يعني أن تفعل ما تراه الأصوب والأنفع للموقف وللأطراف الأخرى بغض النظر عن أحقيتك في الأمر، وهذا يساعدك في تحقيق أهدافك والحفاظ على علاقاتك الشخصية وتوفير وقتك وجهدك للانشغال بما ينفع
- إذا أردت إقناع مجموعة من الناس بأمر تود منهم تنفيذه، فمن الذكاء أن تعرض وجهة نظرك بطريقة تشجعهم على تأييد طرفك، بدلًا من مهاجمتهم - وإن كان الحق معك – كي لا تخسر تأييدهم، بل وتكسب عداوتهم.
- إذا أردت عبور الشارع فمن الذكاء التلفت يمنة ويسرة لتقليل احتمالية تعرضك لحادث وإن كان لك حق الطريق في ذلك الوقت.
ثالثًا/ لماذا يعد التصرف بذكاء أفضل من إثبات الأحقية؟
إن التصرف بذكاء يعني أن تفعل ما تراه الأصوب والأنفع للموقف وللأطراف الأخرى بغض النظر عن أحقيتك في الأمر، وهذا له أن يساعدك في تحقيق أهدافك والحفاظ على علاقاتك الشخصية وتوفير وقتك وجهدك للانشغال بما ينفع، والتصرف بذكاء يكسب الإنسان القدرة على التأني والتفكير في أفعاله ومن ثم اختيار ردة الفعل الأنسب للموقف والأحسن لحفظ المودة.
رابعًا/ كيف تتأكد أنك بالفعل تتصرف بذكاء؟
المفتاح للإجابة على هذا السؤال هو أن تسأل نفسك: "ترى هل تصرفتُ أفضل وأنسب تصرف ممكن في هذا الموقف؟" فإذا كان هذا ما فعلته بالفعل فقد أحسنتَ صنعًا، وإن كان غير ذلك فغيِّر تصرفك إذًا واختر أنسب الخيارات المتاحة.
على الإنسان أن يتأنى في ردات أفعاله ويختار الأنسب والأنفع في كل موقف، وأن يدرك أن هناك أمورًا وعلاقات في الحياة يعد حفظها أولى من إثبات أي حق
خامسًا/ ماذا إذا وجدت نفسك محتارًا بين التصرف بذكاء وإثبات أحقيتك؟
حينها ضع في اعتبارك النقاط التالية:
- لا يتوجب عليك الإقدام على أمر ما فقط لأنك تملك الحق أو تملك القدرة للإقدام عليه .
- في كثير من الأحيان يدفع الإنسان ثمن تسرعه والإصرار على الإتيان بما هو حقه؛ لأنه لم يتأمل في بقيّة حيثيات الموقف.
- عادة ما يكون دافع إحساس الإنسان بالأحقية هو شعوره بالنقص أو الأنا، أما الذكاء فيحتاج جهدًا أكثر وقدرة أكبر على ضبط النفس.
هناك فرق شاسع بين أن يحرص الإنسان على إثبات أحقيته وبين أن يستخدم ذكاءه للخروج بأفضل نتائج من الموقف، وإن عنى هذا استغناءه عن هذا الحق، أو على الأقل التغاضي عنه لصالح الموقف برمته أو إبقاء لأواصر المودة مع الطرف الآخر، وعلى الإنسان أن يتأنى في ردات أفعاله ويختار الأنسب والأنفع في كل موقف، وأن يدرك أن هناك أمورًا وعلاقات في الحياة يعد حفظها أولى من إثبات أي حق.
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://effectiviology.com/better-to-be-smart-than-right/