“الخداع الاستراتيجي” مصطلح عسكري جديد

الرئيسية » حصاد الفكر » “الخداع الاستراتيجي” مصطلح عسكري جديد
الخداع الاستراتيجي مصطلح عسكري جديد

ما فعلته المقاومة صبيحة يوم السبت 07 أكتوبر 2023 وسمته طوفان الأقصى لم يتوقعه المراقبون في أجهزة العدو المحتل. ولا أجهزة مسمى "التنسيق الأمني"..!! ولا خطرت ببال أصدقاء الجيش الذي لا يقهر..!! ولا حكومة المتطرفين التي توعدت الفلسطنيين بالويل وسواد الليل. فسودت المقاومة نهارها وأفسدت عرسها..

مهما كانت مخلفات هذه المعركة من الشهداء والقتلى والجرحى من الطرفين، "والأسرى النوعيين" الذين وقعوا كالخراف بأيدي المقاومة فإن الوضع بعد "يوم السبت البطولي" الذي استهدف 07 مدن كانت تظن نفسها آمنة مطمئنة، سيكون إعلانًا عسكريًا بأن المقاومة انتقلت من الدفاع إلى الهجوم. وأن الحرب ستدور داخل الأرض المحتلة. وهو ما لم يحدث منذ هزيمة 67.

بعيدًا عن الشكر والتمجيد والافتخار والاعتزاز والتكبير والشكر والثناء.. فإننا أمام حالة "حرب مفتوحة" تملك المقاومة جميع مقومات النصر فيها مهما امتد زمانها واتسعت رقعتها:

- عدالة القضية

- وحدة القيادة

- استعداد المقاومين للشهادة

- معرفتهم الدقيقة بالميدان

- سرعة التحرك وذكاء المباغتة

- إصرارهم على استرجاع الشرف العربي الذي دنسه المنهزمون

بهذه العملية النوعية تحطمت منظومة الردع معنويًا وحسيًا وليس من السهل ترميمها بشعب رأيناه يتراكض ذعرًا أمام جرافة يقودها فدائيان لفتح الأسلاك الفاصلة بين غزة وبين محيطها المحتل

هي بداية جريئة ستعود بنا إلى ما قبل 05 جوان 1967. بفقدان الكيان الغاصب (الصهيوني) خمسة مقومات عسكرية كان يفاخر بها الأمم. وبها فرض منطق (التطبيع) على أنظمة بعيدة جغرافيًا عن الأرض المحتلة. باستهداف كوماندوز القسام 25 موقعًا. منها مقر قيادة عسكرية للعدو..!! وهي مواقع كانت إلى صبيحة اليوم آمنة..!! فلا أمن بعد اليوم لعسكري ولا مدني. فكل المستوطنات باتت في مرمى المقاومة.

بهذه العملية النوعية تحطمت منظومة الردع معنويًا وحسيًا وليس من السهل ترميمها بشعب رأيناه يتراكض ذعرًا أمام جرافة يقودها فدائيان لفتح الأسلاك الفاصلة بين غزة وبين محيطها المحتل.

ومهما كان عدد الشهداء، وحجم الخسائر المادية انتقامًا من سكان غزة.. فإن العملية تستحق هذه التضحية الكبيرة؛ لأن لها ما بعدها، وبأيدي المقاومة أسرى وتلك هزيمة نكراء. وأشنع الهزائم هزيمة يأسر فيها المهاجم عساكر يفاوض بهم عدوه من موقع القوة والعزة والفخار..

هجوم اليوم طوى صفحة تاريخ عمره قرابة 80 عامًا ( 1948/ 2023) بوضع نقاط ساخنة على أحرف متبجحة:

- نهاية أسطورة القبة الحديدية

- طي صفحة الجيش الذي لا يقهر، وتحميل قادة الجيش عواقب ما حدث

- فقدان حالة الأمن التي كانت تروج لها حكومات الكيان الغاصب، وتدعو مواطنيها في العالم إلى شد رحالهم إلى "الأرض الموعودة"؛ فلما قدموا وجدوا الأسود في استقبالهم بطوفان الأقصى الذين طوروا تقنيات المواجهة:

- بإعلان الفشل الذريع لجهاز الشاباك

- وبوقف بناء المستوطنات والتوسع الاستيطاني

- وبالاضطرار إلى التفاوض مع "الإرهابيين" حول الأسرى والرهائن الذين سيذكرون الكيان المحتل بالعار الذي لحقه باختطاف الجندي (شاليط)

بعد هذا التاريخ لن يجرؤ مستوطن واحد على مجاورة الغزيين!! ولن نسمع بعد اليوم تفاخر من صدعوا رؤوسنا بالتدثر برداء الغاصب كي لا نتعرض للاغتصاب!! وإننا لسنا فلسطنيين أكثر من الفلسطينين

تفاجأ العالم، في يوم عيد الغاصب المحتل، بزحف بَرّي للمشاة وبحريّ للضفادع وبحوامات جوية مركوبة بأسود غزة العزة تحمل قذائف الموت وتلقي بها على أهداف محددة لمستوطنات جائرة أرعبت ساكنيها في سبع مدن واقعة على محيط غزة، ومنها ما يبعد عنها ببضعة أميال إلى قلب تل أبيب، وهو ما سماه المحللون "الخداع الاستراتيجي" الذي حددت فيه المقاومة الزمان واختارت المكان وفاجأت العدو الذي دنس المقدسات وكان جيشه يحضر - بعد نهاية عيدهم - لشن غارات على الضفة والقطاع فوجد نفسه في قبضة أبناء القسام وأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب.

بعد هذا التاريخ لن يجرؤ مستوطن واحد على مجاورة الغزيين!! ولن نسمع بعد اليوم تفاخر من صدعوا رؤوسنا بالتدثر برداء الغاصب كي لا نتعرض للاغتصاب!! وإننا لسنا فلسطنيين أكثر من الفلسطينين...

إن على العالم كله - بعد اليوم - أن يعيد حساباته مع المقاومة (التي يسمونها إرهابًا..)، وهم أصحاب الأرض، وأصحاب الحق. وأصحاب المبادرة.. لكنهم مظلومون وقد أكدت الأيام أنهم طوروا وسائل دفاعهم وانتقلوا من مرحلة تهريب السلاح من داخل الأنفاق إلى مرحلة صناعتها في مشاغل تحت الأرض ثم مرحلة الاستيلاء عليها من أيدي العدو. وتلك نهاية الحلم اللذيذ الذي تغنى به اليسار المتطرف.

فلا نستغرب خلال الأيام القليلة القادمة أن يُفاجأ العالم بسيناريو غير متوقع من المقاومة مجتمعة، سيناريو ينهي أحلام الدولتين، ويعيد الصراع العربي - الإسرائيلي إلى نقطة الصفر. أي إلى 45 سنة خلت.

وقد تثور الشعوب الحرة (الإسلامية والإنسانية) ضد أنظمتها الخانعة المستسلمة. وتنتفض ضد سياسة الكيل بمكيالين وتستعيد ثقتها في المقاومة فتقف ضد من زرعوا في أوصالها الهزيمة المنكرة والقابلية للاستعمار: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 4، 5]

ويقولون: متى هو؟ قل عساه يكون قريبًا، فاللهم نصرك الموعود للوائنا المعقود.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

قراءة سياسية في عبادة الصيام

عندما نضع الصيام في سياق العبادة في الإسلام نجد أن العبادة وسيلة تحقق غايات عليا …