لطالما كانت الشعوب العربية سندًا للفلسطينيين في جميع أزماتهم التي مرّوا بها، وإن كان تضامنهم ووقفاتهم تلك لا تتعدى بضعة طرائق تعد على أصابع اليد الواحدة، لعل أهمها: (الدعاء، المساعدات الإنسانية – ماديّة كانت أو معنوية، الصدقات بنية كشف الغمة عن فلسطين، الخروج في مظاهرات ومسيرات سلمية، رفعُ العلم الفلسطيني ونشر تعريف بالقضية)
وحين كانت تنقطع أسباب الأرض تتصل أسباب السماء التي لم تنقطع يومًا سواء بإرسال المطر غيثًا يعمي عيون المعتدي ويمنح الخائف أمَنَةً ربانيّة، أو بطرح البركة في القليل من المؤن، أو بإرسال جنود من لدنه يقاتلون مع المجاهدين، فالله تعالى يقول: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} [الأنفال: 17]
صحيح أن القضية الفلسطينية تستحق أكثر من مجرد الدعم من بعيد ولبعيد، لكن في الحقيقة أن الدعم في العدوان الحالي على قطاع غزة تعدى مجرد رفع العلم الفلسطينيّ، فإن ما كان يرمي إليه بنو صهيون (أن يعتّموا على الحقيقة ويروجوا لكذباتهم قدر ما منحهم العالم من قوة) ولله الفضل أن لم يحدث ما أرادوا، حتى أولئك المشككون ومجموعات الذباب الإلكترونيّ، لم تعد تستطيع فعل الكثير، أمام طوفان الوعي الذي بات يجابه طوفان الحظر الإلكتروني، ويساند طوفان الأقصى المبارك.
لم يعد الفلسطينيون ينادون إخوة الدم والإنسانية تحت القصف والعدوان – كما كانوا يفعلون من قبل – لم يعد أيهم يقول: "وينكم يا عرب، أو وين العالم"؛ لأنهم يعلمون تمام العلم أن أمر العرب ليس بأيديهم، وهذه حقيقة مؤلمة.
نشيد ونفتخر بالتضامن الواعي الذي ينم عن نهاية قريبة جدًا لأكذوبة الجيش الذي لا يقهر، ويؤكد أن للأرضِ المقدسةِ أصحابًا حقيقيين وليس كما روّج الكيان الغاصِب: "هي أرضٌ بلا شعبٍ وقد مُنِحت لشعبٍ بلا أرض" بل سيظلُّ بلا أرض؛ لأنه ليس شعبًا من الأساس
إلا أن التضامن – المحدود جدًا - في هذه الحرب التي تشنّها عصابات الإجرام الصهيونية مجددًا على قطاع غزة، يُعبّر عن وعيٍ حقيقيّ لدى المتضامنين وإدراك لما ترمي إليه وسائل إعلام العدو المغتصِب للأرض، والذي لا يزال يمثل دَوْرَ الضحية سواء عبر وسائل الإعلام أو عبر تظلّماته لدى منظمات حقوق الإنسان وقمم الأمم المتحدة التي لم تعد تغيّر شيئًا، وهذا ما يجعلني ويجعل كل فلسطيني وكل عربي ومسلم وغير مسلم أيضًا، بل كل إنسان (حر وشريف) نشيد ونفتخر حقًا بالتضامن الواعي - فمعركتنا الأبدية مع الصهاينة هي معركة وعي وذاكرة - الذي ينم عن نهاية قريبة جدًا لأكذوبة الجيش الذي لا يقهر، ويؤكد أن للأرضِ المقدسةِ أصحابًا حقيقيين وليس كما روّج الكيان الغاصِب: "هي أرضٌ بلا شعبٍ وقد مُنِحت لشعبٍ بلا أرض" بل سيظلُّ بلا أرض؛ لأنه ليس شعبًا من الأساس.
كما نمّ صراحةً وبدون غبش أو تشويش على حقيقة رفض جميع الشعوب العربية لمجرد فكرة تطبيع حكوماتها مع الكيان الصهيوني المجرم أو مجرد الاعتراف بدولته المزعومة؛ إذ أن الكلمة اليوم في عصر الإعلام الاجتماعي باتت للمواطن والشعب وليس لغيرهم – كما يبدو جليًا – وبرغم ما تفعله إدارات ومُلّاك وسائل التواصل الاجتماعي، من حظر ومحاربة لأي محتوى مناهض للكيان الغاصِب .
وفيما يلي سأسرد بعضًا - على سبيل المثال وليس الحصر - من أشكال التضامن الذي أتحدث عنه، والذي يؤثر إيجابًا في معنويات الفلسطينيين – والغزيين تحديدًا – الذين تسلط عليهم عصابات صهيون سعير قصفها ونارها صباح مساء.
- المسيرات والتظاهرات (السلمية)
تظاهرات ووقفات مساندة طوال الوقت في الكثير من مدن العالم العربي والإسلامي وغير العربي وغير الإسلامي على حد سواء، حدّ أننا أصبحنا نرى من يدينون باليهودية في مقدمة هذه المسيرات يصرّحون ببغضهم الشديد للكيان المستوطن ويوجهون له رسائل تنص على أن: "لقد جعلتم الجميع يكرهنا، أنتم وحشيون، ودمويون، أنتم غير آدميين، لقد فضحتمونا، أسأتم إلى سمعتنا ومكانتنا حيث نعيش، أنتم مغتصبون ولا تمثلوننا إطلاقًا، نحن ننتصر لفلسطين وللدم المراق لأجل الحق وليس لأجلكم..." وغيرها من الرسائل التي تفضح الكيان الصهيوني أكثر.
رفع العلم الفلسطيني وارتداء الكوفية الفلسطينية المشهورة لياسر عرفات، والأخرى الحمراء التي اشتهر بها أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم الجناح العسكري لحركة حماس/ كتائب القسام في المحافل المختلفة وحتى في قلب ملاعب الكرة في بريطانيا.
اقرأ أيضًا: طوفان الأقصى، يفضح مجازر الصهاينة في فلسطين على مرّ التاريخ
- الهجوم على سفارات الكيان المغتصِب في بعض الدول
كثير من المتضامنين الأحرار تجمّعوا أمام مقار سفارة الكيان الغاصب وبعضهم أقدم على إحراقها، آخرون هتفوا بضرورة طرد سفرائها، كثيرون غيرهم توعدوا لكل من يناصرها ويتضامن معها .الإعلام الاجتماعي بات يمثل الإعلام الرسمي أكثر من الإعلام المسيّس والموجّه في التلفاز والراديو، فهو موسوم باسم الـ "سوشيال ميديا"
- الحديث والنشر المستمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي
الإعلام الاجتماعي بات يمثل الإعلام الرسمي أكثر من الإعلام المسيّس والموجّه في التلفاز والراديو، فهو موسوم باسم الـ "سوشيال ميديا"
سواءً بنشر ملايين مقاطع الفيديو التي ينشرها الفلسطينيون من قلب غزة مباشرة انتشارًا فيروسيًّا لن تستطيع إدارة التواصل الاجتماعي السيطرة عليه وحظره كاملًا، وإلا فتخسر جماهيرها وتقع بلا قيامة.
وترجمة تلك المقاطع والحقائق إلى جميع اللغات المتاحة لدى كل المتضامنين مع القضية الفلسطينية العادلة.
وتمثيل الحقيقة في مشاهد واسكتشات مختصرة تعبّر عن الوضع وحقيقة الكيان، إلى جانب التحدث عن القضية وشرحها كاملة بتفاصيلها.
وبالحديث عن المجازر الصهيونية الكثيرة المتلاحقة بحق الفلسطينيين منذ الأزل، بل وقد تعدى الأمر ذلك إلى تخوين وانتقاد كل مشهور أو مدوّنٍ لا يناصر القضية الفلسطينية بشكل لاذع.
مهاجمة الكثير من المشاهير والمثقفين الذين يرهقوننا بإنجازاتهم الشخصية التي يعد أغلبها اقل من العاديّ، والسكوت والوقوف على الحياد أمام طوفان الأقصى وهذا ما لم تحتمله عقول الأحرار.
إحدى الفتيات اللاتي يدونّ عن العناية بالبشرة والجمال للنساء راسلتها منصة ميتا لتنشر محتوى "تافهًا" كما تقول فبدأت بالنشر بشكل مشفّر عن مقاطعة منتجات الشركات التي كانت تروّج لها يومًا ما؛ وذلك لأنها اليوم تراها مضرّة للبشرة (والهدف أنبل من ذلك بكثير)
تصدّرت صور أطفال غزة تحت القصف والموت والدمار جميع الصحف والمجلات المحلية التي تصدر بالعربية أو بالفرنسية في دولة الجزائر التي لم تتوقف يومًا عن دعم غزة بكل الطرق المتاحة، مصحوبة بـ "مانشيت" ينص على التضليل الإعلامي المتعمد لحقيقة ما يحدث في غزة تحت عنوان: "غزة.. إعلام يغتال الحقيقة".
- الحرب الاقتصادية بمقاطعة المنتجات التي تنتجها شركات مناصرة للكيان الغاصب
انتشرت خلال هذه الحرب على قطاع غزة، عشرات بل مئات مقاطع الفيديو والمنشورات التي تؤكد مناصرة شركات بعينها للكيان الغاصب، يدعو المغردون إلى مقاطعة منتجاتها بل وينشرون الكود الخاص بأي منتج صهيوني وهو على الأغلب يبدأ بـ (729) (871) لكي لا يدعم الأحرار اقتصاد الكيان الغاصب؛ لأن كل ما يدفع في هذه المنتجات يساهم بشكل مباشر في إراقة الدم الفلسطيني أو إزهاق روح قضية فلسطين.
وينشر أولئك المشاركون الكثير من البدائل المحليّة أو العالمية التي لا تدعم الكيان المحتل؛ كي لا يجد من يستخدمها حُجة لاستخدامها وهي عدم وجود البديل مثلًا.
ابتكر المغردون طرقًا مختلفة لتخطي خوارزميات المنصات التي تحظر المحتوى الصحيح للنشر بدون حظر ومناهضة المحتوى المضلل من قبل المغردين الأحرار
- الحرب الإلكترونية بالطرق المستطاعة
شهدت الأيام السابقة كثيرًا من الطرق التي انتهجها مبدعو التقنية في أكثر من اتجاه إلكترونيًا معبرين بذلك عن التضامن مع القضية الفلسطينية العادلة ورفضهم لما يرتكبه الكيان الصهيوني الغاصب من مجازر فظيعة بحق الفلسطينيين، ومن الأمثلة على هذه الجهود:
شرح كيفية إضافة تعريف القدس كعاصمة لفلسطين والتأكيد على أن المحتوى الذي تنشره Google بهذا الخصوص هو محتوى مُضلل وغير دقيق، كما شرح الكثير من المختصين بالتقنية طرق تجاوز الحظر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كذلك الأمر بالنسبة إلى "تهكير" أو اختراق خرائط جوجل لتغيير أسماء الأماكن والمدن الفلسطينية التي اغتصبها اليهود وسمّوها كما أرادو...
حملة تقييمات ضعيفة لجميع منتجات منصة "ميتا" تحديدًا والتي تحتوي (فيس بوك - ماسنجر - انستجرام - واتساب) وكتابة مراجعات - REVEWS بأنها عنصرية ومضللة وهذا يؤذيها كما نعلم.
والحبل على الجرار – كما نقول في فلسطين!
قيمة التضامن تكمن في أن يشعر الفلسطينيّ بأنه ليس وحيدًا، وإن أغلقت عليه جميع المعابر، ومنعت عنه أسباب الحياة، ويظلّ حيًا بإيمانه بقضيته واتصاله بجذوره في أرضه ثم يقف التضامنُ العالميّ/ العربي/ المسلم وغير المسلم مساندًا لإيمانه
- في مصر تحديدًا شهدتُ – بشكل شخصيّ - أكثر من طريقة مختلفة عمًا سبق
مثلًا:
إعفاء الطلبة الفلسطينيين من رسوم ومصروفات الدراسة في بعض المعاهد والمدارس.
وتقديم خدمات المكالمات المجانية الدولية لغزة تحديدًا للاطمئنان على الأهل وتسهيل الوصول إليهم في حال غياب الكهرباء وانقطاع الإنترنت.
رفع العلم الفلسطيني ولافتات التضامن مع غزة وفلسطين ومقاومتها الشريفة من قِبل لاعبي كرة مصرييين في النادي الأهلي المصري بل
ونادي أرسينال الإنجليزي مثل محمد النني، ومحمد شريف، ومحمود كهربا، وأيمن أشرف، وعم حارث... وغيرهم.
رفض اللاعب المصري عبد الرحمن سامح هريدي الاحتفال بفوزه بذهبية بطولة السباحة؛ لأن إخوته يقتلون في غزة، وقد تلقى عدة تهديدات
بسحب اللقب والتهميش بسبب موقفه النبيل، بينما أصر عليه أكثر بالرغم من وصول الأمر لتهديده عدة مرات بالقتل بسبب مواقفه المؤيدة والداعمة لفلسطين.
السماح بالتظاهرات السلمية والوقفات الاحتجاجية في بعض الجامعات.
زيادة إنتاج الفنون والأشغال اليدوية التي تناصر القضية الفلسطينية.
وتوفير طُرق حديثة مبتكرة ومشفرة لدعم الغزيين بإرسال الأموال إليهم.
وقيمة هذا التضامن تكمن في أن يشعر الفلسطينيّ بأنه ليس وحيدًا، وإن أغلقت عليه جميع المعابر، ومنعت عنه أسباب الحياة، ويظلّ حيًا بإيمانه بقضيته واتصاله بجذوره في أرضه... أولًا وثانيًا... وخامسًا وعاشرًا... ثم أمّا بعد يقف التضامنُ العالميّ/ العربي/ المسلم وغير المسلم مساندًا لإيمانه ولو ببعض المُستطاع، وجهد المقل، بل بأضعف أضعف أشكال التضامن.
اقرأ أيضًا: الدعم المعنويّ ودوره في تثبيت أهل فلسطين وغزة في معركة طوفان الأقصى
لفت انتباهي منشور للكاتبة الصحافية المصرية شيرين عرفة تتحدث عن (بعض) ما يمكن لبلادها فعله تضامنًا مع غزة ولإيقاف حملة الإبادة الجماعية ونية التهجير التي ينتهجها الصهاينة في هذه الحرب، أورد فيما يلي مضمون منشورها، تقول: "جاءني في تعليق، سؤال من أحد المتابعين: ما هو الرد المناسب برأيك على ما يحدث في غزة وعلى ضرب الحدود المصرية - من غير الدخول مع إسرائيل في حرب - خاصة بعد الدعم السخي لها من دول عظمى، بإرسال بوارج عسكرية وحاملات طائرات؟!
شيماء عرفة: "بخلاف الانبطاح والخنوع والاستسلام، فهذا ليس تخاذلًا أو ضعفًا، هذا مشاركة للإسرائيليين في سحق وإبادة أهل غزة"
وقد رددت عليه بوجود خيارات كثيرة جدًا مثل: طرد السفير وغلق القنصلية، قطع العلاقات الدبلوماسية ووقف التبادل التجاري، تعليق إمداد إسرائيل بالغاز المصري، دعوة حكام وملوك الدول العربية لإصدار موقف محترم وموحد، تخشاه إسرائيل، وتعمل له حسابًا، وقد يشمل التهديد بوقف إمدادها بمصادر الطاقة، أو تعليق كافة اتفاقيات السلام والتطبيع معها ، دعوة مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لمناقشة انتهاكات إسرائيل بحقنا وحق فلسطين، التهديد بإلغاء معاهدة كامب ديفيد التي انتهكتها إسرائيل وداست عليها، لمّا حركت دباباتها باتجاه حدودنا المصرية وقصف برج المراقبة "يعني هم يلغوها، ونحن نتمسك بها؟!" دعوة قادة حماس للقدوم إلى مصر، والاجتماع معهم بخصوص الأحداث الأخيرة، في إشارة منا لدعم الجانب الفلسطيني (فهم الممثلون عن قطاع غزة) في حرب الإبادة التي يتعرض لها شعبهم، إمداد أهل غزة بالسلاح ليدافعوا به عن أنفسهم، أو على الأقل بمضادات طيران، تحميهم من الحمم والنيران التي تصبها إسرائيل عليهم.. وها هو العالم كله يمد الصهاينة بالمال والسلاح، فما المانع أن نمد يد العون لأشقائنا؟!، السماح لصوت الشعب أن يعلو، فيعبروا عن رفضهم للمجازر التي تحدث، سواء بوقفات أو مظاهرات، أو وفود شعبية تزور القطاع، والأهم من هذا كله، فتح معبر رفح وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وحمايتها بطائرات الرافال التي سيدفع أبناؤنا وأحفادنا مبالغ القروض التي اشتراها بها النظام، وظَلَّت بلدنا طَوَال عشرة أعوام، واحدة من أعلى خمس دول في العالم في شراء السلاح"
وتعقّب الصحافية المصرية: "بخلاف الانبطاح والخنوع والاستسلام، فهذا ليس تخاذلًا أو ضعفًا، هذا مشاركة للإسرائيليين في سحق وإبادة أهل غزة" وتضيف باللكنة المحكيّة: "لما جاري في العمارة يدخل عليه لصّ مُجرم، وأعرف أنه بيقطّع فيه وفي أولاده بالسكين، ثم لا أكتفي بعدم إنقاذهم أو مساعدتهم، بل أُغلق عليهم بوابة العمارة بالمفتاح، وأقعد طول الليل بسمع صراخهم، وأنا ساكت، لا أفعل شيئًا.. هذا ليس تخاذلًا - لا سمح الله - أنا كدة مُجرم، مُشارك في الذبح"
اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأطفال ضحايا الحرب في غزة
هل تأكدتم الآن أن الأوطان أشبه بالعلب الزجاجية الشفافة فاخرة الصنع ومديدة الفائدة، ولكن أغطيتها صناعة دكتاتور القرن، فكيف سيتنفس من انحبسوا فيها؟
الخوف الحقيقي هو أن يتعوّد العالم على مشاهد الدم الغزيّ المراق، وإبادة الغزيين ويملّ التضامن شيئًا فشيئًا، ثم ينشغل في نفسه وحياته ولا يبقى من الأمل شيءٌ نابضًا في قلوب الغزيين الذين تعبوا وأرهقتهم الحربُ جدًا
كيف يمكنني أن أستوعب أن هذي النفوس يمكنها أن تخون، وتظلم؟
لكن الخوف الحقيقي – ولا أبوحكم سرّا خطيرًا حين أبوح به؛ إذ يشاركني معظمكم هذا التخوّف – الخوف الحقيقي هو أن يتعوّد العالم على مشاهد الدم الغزيّ المراق، وإبادة الغزيين ويملّ التضامن شيئًا فشيئًا، ثم ينشغل في نفسه وحياته وينغمس في أموره التي سيعدّها حينئذٍ أهمّ، ولا يبقى من الأمل شيءٌ نابضًا في قلوب الغزيين الذين تعبوا وأرهقتهم الحربُ جدًا.