ما مدى فاعلية نموذج مونتيسوري التعليمي؟ دراسة تابعة لجامعة كونكورديا الكنديّة

الرئيسية » بصائر تربوية » ما مدى فاعلية نموذج مونتيسوري التعليمي؟ دراسة تابعة لجامعة كونكورديا الكنديّة
ما مدى فاعلية نموذج مونتيسوري التعليمي

ينتقد الكثيرون نظم التعليم التقليدية في المدارس الحكومية في الولايات المتحدة، وبالفعل فقد نالت تلك المدارس نصيبها من المشاكل بما دفع الكثيرين للبحث عن خيارات تعليمية بديلة لأطفالهم، إحدى تلك الخيارات تمثلت في تبني منهجية مونتيسوري في العملية التعليمية.

ما هو منهج مونتيسوري؟

تعود تسمية مونتيسوري لمؤسسّة المنهج "ماريّا مونتيسوري"، التي ولدت عام 1870م وكانت أول طبيبة امرأة في إيطاليا، ركزت خلال مسيرتها المهنية على طب الأطفال وعلم النفس، وكانت طبيبة ممارسة لا مدرّسة، في جامعة روما، لكنها تعد إلى ذلك رائدة في مجال التعليم الأوّلي وأشرفت على خبراء في تعليم وعلم نفس الأطفال، بما فيهم "آنّا فرويد" Anna Freud و"جان باجيت" Jean Paget و"إريك إريكسون" Erik Erikson.

كانت د. مونتيسوري تؤمن بأن للأطفال ميلًا فطريًا للتعلم، ومن خلال أبحاثها تبين لها أن الأطفال حين يتركون مع أقرانهم في محيط تتوافر فيه فرص التعلم، فإنهم يتعلمون كل شيء بدءًا من القراءة، إلى الكتابة، وحتى الزراعة، بدون دروس نظامية، وفي حين يبدأ بعض الأطفال التعلم بمنهج مونتيسوري من سن 18 شهرًا، فمتوسط السن الغالب لبدء التعلم هو 3 سنوات، يقسَّم الأطفال لمجموعات عمرية، في العادة من 3 : 6 سنوات، ومن 7 : 9 سنوات، ومن 10 : 12 سنة، وتوجد مدارس ثانوية تنتهج منهج مونتيسوري في التعلم لكنها أقل انتشارًا وإقبالًا.

ما يتعلمه الأطفال من دروس يكون من خلال الاكتشاف أكثر من التلقين، وتشمل تلك الدروس لا المواد الأكاديمية فحسب، بل تؤكد كذلك على الحفاظ على النظام واحترام بعضهم البعض، وتتيح للأطفال فرصة أفضل ليتعلموا ويعلّموا بعضهم البعض.

د. مونتيسوري تؤمن بأن للأطفال ميلًا فطريًا للتعلم، ومن خلال أبحاثها تبين لها أن الأطفال حين يتركون مع أقرانهم في محيط تتوافر فيه فرص التعلم، فإنهم يتعلمون كل شيء بدءًا من القراءة، إلى الكتابة، وحتى الزراعة، بدون دروس نظامية

فوائد تعليم مونتيسوري

مع أن منهج مونتيسوري بدأ أصلًا في أواخر القرن التاسع عشر، إلا أن الكثيرين يعدونه منهجًا تعليميًا حديثًا، في ذلك المنهج يُعطى كل طفل خطة تعليم مخصوصة به، تعتمد على عدم تعجل تعليمهم ما ليسوا مستعدين لتعلمه، ولا يتوجب عليهم انتظار أقرانهم ليتساووا معهم حتى يمكنهم الانتقال للمستوى التالي، ولأن الأطفال يعطون فرصة الاختيار فهم يتعلمون الحرص على مصلحتهم؛ وإذ ذاك يكون تعلمهم للعلم ليعثروا على نسقهم الخاص، ويحترموا مفردات محيطهم.

ولأنه منهج يركز على أن يتعلم الأطفال على مهلهم، يرى كثيرون أنه ليس منهجًا مقتصرًا على الأطفال في منتصف المنحنى التعليمي، بل هو كذلك مناسب للموهوبين أو ذوي إشكالات تأخر النمو، كذلك يستمر نفس المُعلم مع الأطفال لثلاث سنوات، بما يتيح معرفة طلبته جيدًا، وحسن العناية بهم وبهمومهم.

افتقاد النظامية الواضحة عامة للهيكل التعليمي لمونتيسوري يقلق الكثيرين حول القصور المتوقع لدى الأطفال بسبب ذلك، ومبعث قلق آخر هو تكلفة التعليم عبر مناهج مونتيسوري

تخوفات من مناهج مونتيسوري

مع أن منهج موتيسوري يعد فاعلًا من وجهات عديدة للكثير من الأطفال إلا أنه نال نصيبه من الانتقاد، فلا وجود للامتحانات النظامية في مراحل التعليم المبكّرة، وافتقاد النظامية الواضحة عامة للهيكل التعليمي لمونتيسوري يقلق الكثيرين حول القصور المتوقع لدى الأطفال بسبب ذلك، ومبعث قلق آخر هو تكلفة التعليم عبر مناهج مونتيسوري، فغالب مدارسه خاصة، وحين لا يسجل الوالدان طفلهما مع المدرسة مبكرًا في المراحل الأولى، لا يستطيعون غالبًا مواكبة البرنامج لاحقًا.

كذلك بعض الأطفال يجد صعوبة في الانتقال من مدرسة مونتيسوري للصف التقليدي، الثقافة في كل من البيئتين مختلفة، وفي الفصول التقليدية حرية الحركة محدودة أكثر، إذ يتوقع من الأطفال أن يستمعوا للمدرس فوق البقية، وفي حين تشجع منهجية مونتيسوري طبع التساؤل والاستفهام في الطفل، إلا أنه ينظر لذلك أحيانًا على أنه مبعث تشويش أو إزعاج لدى المعلمين التقليديين، كذلك سرعة التعلم قد تشكل إشكالًا في البداية؛ لأن الطفل قد يكون متقدمًا في مجالات ومتأخرًا في أخرى.

من الأهمية بنفس القدر أن يتعلم الطفل الاستقلال، وينمّي المعرفة بمختلف المجالات، ويكون مرنًا في مهارات التواصل فيتجاوب مع مختلف المواقف بحسبها، ويكون مطّلعًا على مختلف الرؤى والثقافات

بين المعايير الجوهرية للمنهج الدراسي ومنهج مونتيسوري

نشطت بادرة عامة منذ 2010 لتطوير معايير تعليمية شمولية للأطفال عبر البلاد، وتبنت أربع وخمسون ولاية المعايير المقترحة لإعداد الطفل لتجربة جامعية أو مهنية مثمرة، وفي حين أن أغلب المدارس خاصة، لكن هنالك توجهًا لتمويل حكومي لمدارس مصممة وفقًا لتصوّر مونتيسوري، وبين صرامة نظم الامتحان المعيارية، ونظام مونتيسوري الحر، يتخوف البعض من أن الأطفال سيجدون صعوبة في تلبية المعايير كما ينبغي.

وتعمل مدارس مونتيسوري على توفير الإرشاد الطلابي بتوجيههم لتعلم ما يتوجب عليهم معرفته وفقًا لمعايير مرحلة الحضانة، للمرحلة العمرية بين 3 و 6 سنوات، ومعايير المستوى الدراسي الثالث يتوقع أن يبلغوها في سن 7 : 9 سنوات، والسادسة بحلول الثانية عشرة من العمر.

لكن المعايير الجوهرية المشتركة تتطلب أكثر من مجرد المعرفة بالمواد كالإنجليزية والرياضيات والعلوم، فمن الأهمية بنفس القدر أن يتعلم الطفل الاستقلال، وينمّي المعرفة بمختلف المجالات، ويكون مرنًا في مهارات التواصل فيتجاوب مع مختلف المواقف بحسبها، ويكون مطّلعًا على مختلف الرؤى والثقافات، وينبغي كذلك أن يطور مهارات التفكير النقدي وكيفية استخدام التكنولوجيا والوسائط الرقمية في البحث وحل المشكلات، كل هذه المجالات مما يعتني بها نظام مونتيسوري التعليمي.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • http://education.cu-portland.edu/blog/curriculum-instruction/is-the-montessori-curriculum-model-effective/
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …