تقول المعلمة كاتي أوبرين: الطلاب الملتزمون يُصنَعون ولا يولدون، أي أننا بحاجة لأن نعلم أولادنا وطلابنا كيف يمتلكون مهارات النجاح، تنتشر نصيحة حالية مفادها: "كافئوا أولادكم على الجهد وليس على النتيجة"، هذه النصيحة ناقصة، لماذا؟
من المهم أن نقدّر جهد أولادنا، لكن عندما تكون النتيجة غير متكافئة مع الجهد، فقد يعني ذلك نقصًا في مهارات أولادنا في الدراسة، النتائج الجيدة لا تأتي من عادة واحدة، وإنما من مزيج من العادات والتصورات، والمهارات.
هناك ثلاث خطوات أساسية، لنفعلها مع أولادنا:
أولًا/ أن نعلّم أولادنا بعض المهارات، وننفذها معهم.
ثانيًا/ بعد تنفيذها معهم لمدة كافية، نرجع خطوة للوراء وننسحب تدريجيًّا.
ثالثًا/ بعد الانسحاب الكامل.. نستمر بالمراقبة من بعيد لنساعد طفلنا في حال احتاج إلينا.
بعضنا لا يدرك أهمية أن يعتمد أبناؤه على أنفسهم، إلا بعد أن يكبروا، وحينها ينسحب فجأة، ظنًّا منه أنهم ليسوا بحاجته
كي يستقل أولادنا بدراستهم يجب أن:
- يمتلكوا الثقة بالنفس أنهم يستطيعون الدراسة وحدهم، وشعور الأمان بأنهم لن يُعاقَبوا أو يُلاموا، فيما لو نقصت بعض درجاتهم، أو لم يتقنوا واجباتهم مائة بالمائة، بالإضافة إلى المهارات التنظيمية.
- نزرع فيهم أن العلم لله وأننا مأجورون عليه، وأن يدعوا الله ويستعينوا به قبل كل دراسة.
- لا نتركهم فجأة ليدرسوا وحدهم، بغية أن يعتمدوا على أنفسهم، بل ننسحب خطوة خطوة، حتى وإن كانوا كبارًا، فبعضنا لا يدرك أهمية أن يعتمد أبناؤه على أنفسهم، إلا بعد أن يكبروا، وحينها ينسحب فجأة، ظنًّا منه أنهم ليسوا بحاجته.
لنأتي الآن إلى بعض المهارات التنظيمية التي يحتاجها أولادنا:
1. عدم تراكم الدراسة:
لو سألت ولدك: ما هي الدروس المطلوبة منك؟ قد يجيب: لا شيء، برغم أن هناك دروسًا مطلوبة، هو لا يقصد التهرّب من الدراسة، ولا يقصد أن يكذب، لكنه لم يعتد عليها بعد، فتكون بعيدة عن تفكيره، الأفضل في البداية أن تمسك جدوله بيدك، وتحدد معه المواد الدراسية، تكتبها على ورقة، وتحدد ما هو المطلوب من كل مادة بالضبط، مثلًا: مادة الرياضيات، حل تمارين الدرس السابع.
ثم في المرحلة التالية، دعه يُحضّر جدوله ويحدد المواد المطلوبة بنفسه، لكن كن أنت موجودًا معه، في المرحلة الثالثة، فقط راقبه وتابعه واسأله: هل ذاكرت دروسك؟ أو افتح كتبه ودفاتره بعد أن ينتهي، لتطمئن أنه أنهى دروسه.
أن يدرس كل يوم لمدة عشر دقائق من المادة المطلوبة، يجعله ذلك يحفظها ويفهمها بشكل أعمق، من أن يدرس لمدة خمسين دقيقة متواصلة، وأيضًا من المهم أن يأخذ استراحة لمدة خمس عشرة دقيقة، كل ساعة.
علم طفلك أن يدرس بعيدًا عن التلفاز، ألعاب الفيديو، الجوال، وكذلك بعيدًا عن مكان ووقت تجمع العائلة، ومن المهم أن يتعلم أن لا يترك أية مَهَمّة حتى يكملها، إلا في الحالات الطارئة، كي لا يصبح التشتت عادة عنده
2. تجنّب التشتت:
علم طفلك أن يدرس بعيدًا عن التلفاز، ألعاب الفيديو، الجوال، وكذلك بعيدًا عن مكان ووقت تجمع العائلة، ومن المهم أن يتعلم أن لا يترك أية مَهَمّة حتى يكملها، إلا في الحالات الطارئة، كي لا يصبح التشتت عادة عنده.
في بداية أية مَهمة يستهلك العقل بعض الجهد، لكن ما إن يمضي بعض الوقت، حتى يستغرق بها ويصل إلى حالة تسمى التدفق، في هذه الحالة، يدرس بسهولة واستمتاع، لكن التشتت وتعدد المهمات، يجعله لا يصل إلى هذه الحالة.
اشرحوا لهم أنه من الطبيعي شعورنا بأننا نريد أن نترك المهمة، لكننا لا نستجيب لهذا الشعور ولا نتركها حتى نتمها.
3. طلب المساعدة:
قد يحدث كثيرًا أن لا يفهم الطالب الدرس، أو لا يسمع ما طلبه المدرس بشكل جيد، لكنه يخجل أن يطلب الإعادة، أو يخاف، وربما كانت شخصيته تستسلم بسهولة، تعلق في المشكلة ولا تتقدم خطوة لتفكر في الحل، حينها يكون من الضروري أن تشجع الطالب أن يسأل عما لم يفهمه، وأن نعلمه كيف يتعاون مع أصدقائه، فيتعلم هذه المهارة المهمة طوال العمر، يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ} [المَائـِدَةِ: ٢]
تعليم استراتيجيات القراءة الفاعلة مثل أخذ الملاحظات بطريقة كورنيل، والخرائط الذهنية، تلوين العبارات المهمة، وضع خط تحت الأفكار الرئيسة، كل ذلك يساعد الطفل في إتقان الدراسة، والمراجعة بشكل أيسر
4. إيجاد مساحة مصممة للدراسة:
ليس من الضروري أن تكون غرفةً مستقلة، أو مكتبًا خاصًا، لمن لا يستطيع تأمينها، المهم أن تكون منطقة من المنزل محددة لوقت الدراسة، وأن يجهز الطالب كل ما يحتاجه من أقلام وأوراق وأدوات مدرسية؛ كي لا يُضطر لترك الدراسة من أجل إحضار ما يلزمه، والأفضل أن يجهز كل ما يحتاجه مسبقًا، كي يبدأ الدراسة بدون مماطلة أو تردد.
5. تدوين الملاحظات:
تعليم استراتيجيات القراءة الفاعلة مثل أخذ الملاحظات بطريقة كورنيل، والخرائط الذهنية، تلوين العبارات المهمة، وضع خط تحت الأفكار الرئيسة، كل ذلك يساعد الطفل في إتقان الدراسة، والمراجعة بشكل أيسر، وقد وجد العلماء أن الكتابة بخط اليد يجعل حفظ المعلومات أفضل من الكتابة على الجوال أو اللابتوب.
هذه بعض المهارات المهمة، لكن أيضًا عندما يعتمد أولادك على أنفسهم في الدراسة، يبقى دورك في المراقبة والمساعدة والتقييم.