غزة لا تُباد بتهور المقاومة وإنما تُباد بخذلان الأمة!

الرئيسية » خواطر تربوية » غزة لا تُباد بتهور المقاومة وإنما تُباد بخذلان الأمة!
غزة لا تُباد بتهور المقاومة وإنما تُباد بخذلان الأمة!

يردد بعض المنافقين والمرجفين في الأمة: أن السبب في ما يحدث في غزة من إبادة هو نتيجة تهورُ المقاومة وإقدامها على ما فعلته في السابع من أكتوبر، وقد كان عليها - من وجهة نظرهم - أن تحسب حساباتها، وتعلم مقدار ما سيدفعه المدنيون من ثمن، جراء تهورها ذلك.

وقد بالغ بعض هؤلاء المنافقين والمرجفين، إلى درجة رفض ما فعلته المقاومة في السابع من أكتوبر، ليس من باب المصالح والمفاسد، وما ستؤول إليه النتائج، ولكن من باب المباديء والقيم؛ قد ادّعَوا أن ما فعلته المقاومة هو فعل بربري همجي، قتلت فيه المقاومة مدنيين عزّل.. ويا لفجاجة الطرح!

ولسنا هنا مشغولين بالرد على هذا الطرح الثاني، فمن نافلة القول الذي رددناه ألف مرة، أن نقول: "إن الإسرائيليين لا يوجد فيهم مدني واحد، فهم جميعًا محتلون غاصبون، جاؤوا من أشتات الأرض، واغتصبوا مقدساتنا ودورنا وأرضنا وأموالنا، ويقتلوننا مع ذلك ليل نهار"

من الممكن أن نتحدث عن قتل الأطفال الصغار، أبناء الإسرائيليين المحتلين، وعن وجوب تجنبه، أما كل بالغ عاقل منهم، يعلم ببلوغه وعقله أنه محتل لأرض غير أرضه، وسارق لمقدرات شعب ليست من مقدراته، فليس له إلا السيف؛ لأنه محتل غاصب بالغ عاقل، أما أطفالهم، فيجب تجنب قتلهم، إلى أن يبلغوا ويعقلوا، ويختاروا، إما البقاء محتلين غاصبين، وحينها ليس لهم إلا السيف، وإما العودة من حيث أتى آباؤهم وأمهاتهم.

ليس في إسرائيل مدني واحد، كلهم غاصبون محتلون محاربون، جاءوا من أشتات الأرض، واحتلوا أرضنا، وليس لهم جميعًا إلا القتل أو الأسر، متى قدرنا عليه، وأينما قدرنا عليه، وكيفما قدرنا عليه

أما عن الطرح الأول، والذي نحن بصدد الحديث عنه والتنبيه عليه هنا بشكل خاص، فهو الادعاء بأن تهور المقاومة هو السبب في هذه المجازر التي تحدث للمدنيين في غزة، وهي بذلك تكون مقاومة غير واعية وغير بصيرة بالمآلات والمصائر.

ولأهل هذا الطرح نقول: وماذا تنتظرون من شعب محتل، اغتصبت أرضه ومقدساته، منذ ما يقارب ثمانين عامًا، ولا يكتفي المحتل الغاصب باحتلاله، بل ويقتل شعبه الأصلي ليل نهار، والعالم كله يشاهد، فلا يبدي أسفًا أو انزعاجًا، بل يعين المحتل في احتلاله وقتله.

أي شعب يسكت على هذا الهوان، هو شعب جبان خانع ذليل، وحاشا أن يكون الشعب الفلسطيني كذلك! وأية مقاومة لشعب محتل ترضى بهوانه إلى هذه الدرجة، هي مقاومة جبانة خانعة ذليلة، وحاشا أن تكون المقاومة الفلسطينية كذلك!

ماذا تنتظرون وننتظر من هذا الشعب المحتل، ومن مقاومته؟!

أي شعب يسكت على هذا الهوان، هو شعب جبان خانع ذليل، وحاشا أن يكون الشعب الفلسطيني كذلك!

وأية مقاومة لشعب محتل ترضى بهوانه إلى هذه الدرجة، هي مقاومة جبانة خانعة ذليلة، وحاشا أن تكون المقاومة الفلسطينية كذلك!
الاحتلال الصهيوني بالغ في تجاوزه، كما ذكر ذلك القائد محمد الضيف - رئيس أركان كتائب القسام - في خطابه الذي بدأت به عملية طوفان الأقصى.

لقد وصل الاحتلال إلى ذروة تجاوزاته، باقتحامات الأقصى التي باتت يومية، مع ضرب واعتقال الفلسطينيين على أبوابه، وسب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في ساحات الأقصى وأكناف ساحات الأقصى.

لقد كان على المقاومة أن تفعل شيئًا، تردع به الاحتلال عمّا يفعله، وتعيد القضية إلى مكانها الرئيس في العناوين الرئيسة لاجتماعات العالم ووسائل الإعلام.

ليس تهورًا البتة ما فعلته المقاومة، فهي لم تفعل إلا أن اقتحمت الأرض المحتلة، وقتلت بعض الصهاينة المحتلين، وأسرت بعضهم، وفعل المقاومة، في أية أرض محتلة، لا بد أن يكون فعلًا يوميًا، حتى يتمّ التحرير الكامل، وقد فعلت المقاومة الجزائرية ذلك، والمقاومة الليبية، والمقاومة الفيتنامية والكوبية... وغيرها.

المقاومة الفلسطينية - لو استطاعت - ستفعل ما فعلته في السابع من أكتوبر في كل يوم، ولكنها لا تستطيع ذلك، بفعل حصارها واجتماع العالم كله على عدائها، كما لم يجتمع على عداء مقاومة تحريرٍ مثلها

المقاومة الفلسطينية - لو استطاعت - ستفعل ما فعلته في السابع من أكتوبر في كل يوم، ولكنها لا تستطيع ذلك، بفعل حصارها واجتماع العالم كله على عدائها، كما لم يجتمع على عداء مقاومة تحريرٍ مثلها.

إن سبب ما فيه غزة الآن، من قصف وهدم وإبادة وتهجير، ليس تهور المقاومة كما يدّعي هؤلاء المافقون والمرجفون، ولكن السبب في ذلك هو خذلان الأمة للمقاومة، وعدم إسنادها، سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا وعسكريًا.

لقد فعلت المقاومة ما كان يتوجّب عليها، بل ويتوجب عليها أن تفعل مثلما فعلته في كل يوم وليلة، ولكنها مقاومة محاصرة مخذولة من أمتها. فعلت المقاومة ما توجّب عليها، ولم تفعل الأمة ما يتوجب عليها.

لقد خذلت الأمة كلها المقاومة والشعب الفلسطيني، خذلتها حكامًا ومحكومين على السواء، وحكام الأمة معلومون من قديم، هم ما بين خائن عميل، يساعد إسرائيل فيما تفعله، حتى وإن أظهر في العلن خلاف ذلك، حفظًا لماء الوجه أمام شعبه، وبين جبان ذليل، لا يجرؤ على رفض ما تفعله إسرائيل، خوفًا على كرسيه ومكانه.

إن الكثيرين من حكام العرب، مؤيدون بقوة لما تفعله إسرائيل؛ لأن هؤلاء الحكام يعادون حركة المقاومة الإسلامية وامتدادها الإسلامي الحركي في بلادهم، أكثر من عدائهم لإسرائيل

وإن الكثيرين من حكام العرب، مؤيدون بقوة لما تفعله إسرائيل؛ لأن هؤلاء الحكام يعادون حركة المقاومة الإسلامية وامتدادها الإسلامي الحركي في بلادهم، أكثر من عدائهم لإسرائيل.

لسنا نطلب من الحكام العرب دخول الحرب؛ فهم أجبن وأهون من ذلك، ولو أعلنوا إيقاف تصدير البترول والغاز لبلاد الغرب لتوقفت الحرب فورًا، ولكنهم يبدو أنهم أجبن وأهون من ذلك أيضًا.

ولو أنهم أعلنوا قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني، لتوقفت الحرب فورًا، ولكنهم أجبن وأهون من ذلك كذلك.
لم يعد لنا في حكام العرب أيُّ رجاءٍ، فهم بين خائن عميل، ومنافق ضليل، وجبان ذليل، لكن المؤسف أكثر، أن الأمة كذلك خذلت المقاومة!

فأين جماهير الأمة، التي لو خرجت في تظاهراتها ومسيراتها الهادرة، التي طلبتها منها المقاومة، لربما أوقفت الحرب، أو غيرت مجراها.

ويجب أن لا ننسى أن مظاهرات ومسيرات الأمة، تفعل أفاعيلها في حكام العرب الخونة العملاء والمنافقين الجبناء على السواء، وتفعل من وراء ذلك أفاعيلها في العدو الصهيوني والغربي، الذي يعمل ألف حساب لغضبة الأمة الكبرى، التي لن تبقي إن كانت لا حُكامًا ولا حدودًا.

لم يعد لنا في حكام العرب أيُّ رجاءٍ، فهم بين خائن عميل، ومنافق ضليل، وجبان ذليل، لكن المؤسف أكثر، أن الأمة كذلك خذلت المقاومة!

وإذا كان العدو الصهيوني والغربي الصليبي قد أمن جانب الحكام العرب والمسلمين، فهم تحت قدمه جميعًا، ما بين خائن عميل وجبان ذليل، فإنه لا يأمن أبدًا جانب الأمة العربية والإسلامية، التي إن زأرت زأرتها الكبرى، فلن يقف أمام زئيرها شيء.

جماهير الأمة خانت المقاومة كما خانها حكام الأمّة، وقد كان الواجب أن لا تتوقف مظاهراتهم ومسيراتهم يومًا واحدًا، وأن تضغط بذلك على الحكام، ليرتدع كل عميل منهم عن عمالته، وكل جبان منهم عن جبنه وذلته.

قادة مقاومة الأمة طلبوا من جماهيرها أكثر من مرة، أن تخرج للتظاهر الكبير، ومثل هذه التظاهرات المرجوة توقف حروبًا وتسقط أنظمة وحكامًا.
ولا أنسى يوم أن قال أحد قادة حماس من زمن: لا تستهينوا يا جماهير الأمة بمظاهراتكم ومسيراتكم دعمًا للمقاومة في فلسطين، فأنتم لا تدرون ما تفعله بإخوانكم المجاهدين، من تحفيز لهم، وتثبيت لقلوبهم، وتقوية لسواعدهم ولضرباتهم.

فاللهم إنا نبرأ إليك مما يفعله حكام أمتنا، خذلانًا لإخواننا في فلسطين، ونعتذر إليك مما تفعله جماهير أمتنا، خذلانا كذلك

ولا حول ولا قوة إلا بالله

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …