لا يتميز الناجحون عن بعضهم بعضًا بالذكاء، بقدر ما يتميزون بالصبر والجَلَد والمثابرة، يكاد يتفق الجميع أن صفة الصبر قد ضعُفت في أيامنا، يعزو البعض ضعفها إلى توافر الإنترنت، وسهولة الوصول إلى ما نريد من معلومات وبرامج ماتعة، و"زاد الطين بلة" توفُّر المتاجر الإلكترونية وتطبيقات التوصيل، التي هي خير في ذاتها لكن من آثارها الجانبية أنه لم يعد كثيرون منا بحاجة لبذل جهد وصبر من أجل الحصول على ما يريدون، لذا وجب على المربين أن يعودوا ليدربوا أولادهم على الصبر، من خلال بعض الأنشطة اليومية، وأن يذكّروا أولادهم بأهمية الصبر وجزاء الصابرين في ديننا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البَقَرَةِ: ١٥٣]
متعة الخَبْز:
هذا النشاط يعلمنا الصبر، ويعلم أولادنا الصبر أيضًا، العديد من المربين لا يصبرون على تعليم أولادهم الشؤون المنزلية، ولا يصبرون على الفوضى التي تحدث جراء انشغال الأطفال بالأعمال المنزلية، يأتي نشاط الخبز ليكون طريقة ممتازة للحفاظ على صبر المربين والأطفال معًا!
كما أن هذا النشاط يسمح للمربين بقضاء وقت ماتع مع أطفالهم، يتعلم الطفل الصبر من خلال:
- تجهيز كل المكونات قبل البدء؛ لأنه في العادة يكون مستعجلًا، ويريد أن يبدأ منذ أن يحضر المكون الأول.
- التركيز على الوصفة ومراقبة قياسات المكونات المختلفة.
- انتظار المخبوزات حتى تنضج وتبرد.
- والأمر المهم أن ينظف كل شيء بعد الانتهاء من الخبز.
معظم الأنشطة التي يشارك فيها أطفالنا تعطي نتائج في وقت قصير، ونتيجة لذلك يبدؤون في توقّع حدوث كل شيء بسرعة
ازرع نبتة:
معظم الأنشطة التي يشارك فيها أطفالنا تعطي نتائج في وقت قصير، ونتيجة لذلك يبدؤون في توقّع حدوث كل شيء بسرعة، لتجنب ذلك ولتنمية الصبر، أشرِك طفلك في أعمال البستنة؛ فسوف تؤتي جهوده ثمارها ببطء، دعه يزرع بعض البذور، ويسقيها كل يوم، ويرى الشتلة تنمو لتصبح نباتًا كبيرًا.
ألعاب جماعية تعلم الصبر:
لعبة الهدية في الأعماق
غلّف هدية بطبقات عديدة من ورق تغليف الهدايا وسلّمها للأطفال، ثم اطلب منهم أن يتناوبوا على فتح الطبقات، هذا سيعلمهم الصبر بطريقة ممتعة وحماسية للغاية! سيشعر الأطفال عدة مرات أنهم يريدون أن يمدوا أيديهم ليسحبوا الهدية من يد صديقهم أو أخيهم ليفتحوها، لكن عليهم ضبط أنفسهم، وانتظار اللعبة حتى تنتهي.
لعبة سرد القصص:
يجب أن يبدأ الطفل قصة بجملة واحدة فقط، ثم يجب أن يواصل الطفل التالي القصة بجملة أخرى، وهكذا، اطلب من أطفالك جعل الجمل قصيرة ومضحكة، كي تكون اللعبة ممتعة ومثيرة، فالجمل الطويلة تصبح مملة.
أفضل طريقة للآباء لتعليم الصبر لأطفالهم هي توفير بيئة لهم ليست محفزة فحسب، بل يمكن التنبؤ بها أيضًا
في هذا النشاط، يتعلم الطفل الصبر عن طريق:
- الصبر على التفكير بتتمة للقصة؛ ليقولها هو عندما يحين دوره.
- الصبر حتى يسمع من أصدقائه، عندما يكون المستمع.
لعبة سأخبرك سرًا، أو لعبة سأقص قصة:
احكِ قصة مشوقة، ثم اترك القصة عند حدث مهم، بدون أن تكملها، وعلى الطفل أن ينتظر قليلًا كي يعرف التتمة.
لعبة الصمت:
الصمت جانب مهم للغاية من جوانب التحلي بالصبر، في هذا النشاط البسيط، كل ما عليك فعله هو تحديد مدة زمنية، وإرشاد طفلك إلى التزام الصمت خلال هذه المدة، يمكن أن تطلب منهم أن يأخذوا أنفاسًا عميقة، أن يذكروا الله بصمت، وأن يركزوا على تنفسهم، أو يتأملوا الأشياء حولهم.
في البداية قد تكون المدة دقيقة أو حتى ثلاثين ثانية للبعض، ثم نزيدها كلما استطاع الطفل أن يصبر عليها، وهذا يختلف حسب عمر الطفل وشخصيته، وليس حسب ما تحبون أنتم، لذا حذار أن تبدؤوا بمدة طويلة بالنسبة له.
ويمكن أن نختبر مستوى أعلى من الصبر، بأن ندير حديثًا أمام الطفل، أو نسأل سؤالًا، وعلى الطفل أن يصبر ولا يشارك به.
السماح للأطفال بمعرفة ما هو متوقع في المواقف المختلفة، والاطلاع على القواعد بشكل متكرر، سيساعدهم على تعلم كيفية ممارسة ضبط النفس والتحلي بالصبر
لعبة الكرة والملعقة:
هذه اللعبة مهمة جدًا للتدريب على الصبر، يضع طفلان ملعقة في فمهما، وفي كل ملعقة يضعان كرة صغيرة، وتكون مهمتهما أن يتسابقا كي يصلا إلى خط النهاية، وبالتأكيد فإن مَن يصل أولًا يكون هو الفائز.
في هذه الحالة نطلب من الأطفال الانتباه إلى وجود شعورين متعاكسين، شعور الاستعجال كي يفوز، وشعور الإبطاء كي لا تقع الكرة، وخلال ذلك عليه تقبُّل شعور الإبطاء.
إن أفضل طريقة للآباء لتعليم الصبر لأطفالهم هي توفير بيئة لهم ليست محفزة فحسب، بل يمكن التنبؤ بها أيضًا، إن السماح لهم بمعرفة ما هو متوقع منهم باستمرار في المواقف المختلفة، والاطلاع على القواعد بشكل متكرر، سيساعدهم على تعلم كيفية ممارسة ضبط النفس والتحلي بالصبر.
عرضنا بعض الأنشطة التي تساعد على تعلّم الصبر، وسنتعرف في مقالة لاحقة على التقنيات التي تساعد على الصبر والمثابرة إن شاء الله.