إن كل المجازر والانتهاكات التي ارتكبها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني بينها عامل مشترك وملامحها واحدة، فكلها تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني بلا هوادة وبلا رجعة وإجباره على ترك بلاده الأصلية إلى معسكرات اللاجئين، ولكن أنى لشعب ولد على أرض وطأتها أقدام الأنبياء وسالت عليها دماء الصحابة وبها أهم المقدسات أن يفرطوا في ذرة واحدة من تراب هذا الوطن.
تحدثنا بفضل الله تعالى في الجزء الأول من هذا الموضوع عن:
أولًا/ أقوال بعض قادة الصهاينة وزعمائهم
ثانيًا/ أسماء أبرز العصابات الصهيونية
ثالثًا/ أبرز مذابح العصابات الصهيونية خلال عام 1948 فقط
وفي هذا الجزء سنتحدث بإذن الله تعالى عن:
كان قائد "مذبحة دير ياسين" هو "مناحم بيجن" فقد أقدمت عصاباته على ذبح الضحايا والتمثيل بجثثهم ثم ألقوا بالجميع في بئر القرية، علاوة على بقر بطون النساء وقطع أثدائهن، كل ذلك تحت سمع وبصر الحكومة البريطانية
رابعًا/ استعراض أبرز المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 فقط
1. مذبحة بلدة الشيخ 31/12/1947
نفذت عصابة الهاجاناة الصهيونية مجزرة بلدة الشيخ - والتي يطلق عليها الآن اسم «تل حنان» - في 31 ديسمبر عام 1947م ولاحقت المواطنين مما أدى إلى مصرع العشرات، وجدت جثث معظمهم داخل منازل القرية؛ فقد هاجمت عصابات الهاجاناة البيوت النائية في الأطراف وقذفوها بالقنابل اليدوية ودخلوا على الأهالي بيوتهم ليلًا وأمطروهم بنيران رشاشاتهم مما أدى إلى مصرع العديد من النساء والأطفال.
بلغت حصيلة المذبحة ثلاثين شهيدًا وستين جريحًا حسب الموسوعة الفلسطينية، معظمهم من النساء والأطفال والعجائز، ومن المشاهد البشعة في "مذبحة بلدة الشيخ" أن اليهود ذبحوا ستة أطفال من أسرة واحدة ثم ذهبوا إلى والد الأطفال وقالوا له أن يذهب لرؤية أطفاله الستة فلما رآهم قد ذبحوا جميعًا أصيب بالجنون.
صرح "مناحيم بيجين" بأن: "المذبحة ليست مُبرّرة فقط، لكن لم يكن من الممكن أن توجد دولة إسرائيل بدون النصر في دير ياسين"
2. مذبحة دير ياسين 10/4/1948
داهمت عصابات شتيرن والأرغون والهاجاناة قرية دير ياسين الواقعة غربي مدينة القدس في الساعة الثانية فجرًا، وقد شرع أفراد العصابات الإسرائيلية بقتل كل من وقع في مرمى أسلحتهم.
وبعد ذلك أخذوا بإلقاء القنابل داخل منازل القرية لتدميرها على من فيها؛ فقد كانت الأوامر الصادرة لهم تقضي بتدمير كل بيوت القرية، في الوقت ذاته سار خلف رجال المتفجرات أفراد من الأرغون وشتيرن فقتلوا كل من بقي حيًا داخل المنازل المدمرة.
وقبل انسحاب العصابات الصهيونية من القرية جمعوا كل من بقي حيًا من أهالي القرية وأطلقوا عليهم النيران، وقد استشهد 360 فلسطينيًا معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال.
وقد كان قائد "مذبحة دير ياسين" البشعة هو "مناحم بيجن" فقد أقدمت عصاباته على ذبح الضحايا والتمثيل بجثثهم بشكل بشع ثم ألقوا بالجميع في بئر القرية، علاوة على بقر بطون النساء وقطع أثدائهن، كل ذلك تحت سمع وبصر الحكومة البريطانية التي كانت لا تزال تحتل فلسطين ومسؤولة عن الحكم بها.
وقد وصف "آرنولد توينبي" المذبحة بأنها تشبه الجرائم التي ارتكبها النازيون ضدّ اليهود، ومما صرح به "مناحيم بيجين" أنه قال: "المذبحة ليست مُبرّرة فقط، لكن لم يكن من الممكن أن توجد دولة إسرائيل بدون النصر في دير ياسين"
أطلق جنود لواء جعفاتي الذي نفذ المذبحة في قرية أبو شوشة النار على كل شيء يتحرك بدون تمييز، كان سبب كل ذلك هو أن أهل القرية قرروا البقاء والدفاع عن ديارهم
3. مذبحة قرية أبو شوشة 14/5/1948
بدأت المذبحة في قرية أبو شوشة (الرملة) القريبة من قرية دير ياسين فجرًا، راح ضحيتها نحو 60 شهيدًا من النساء والرجال والشيوخ والأطفال ضربت رؤوس العديد منهم بالبلطات، وقد أطلق جنود لواء جعفاتي الذي نفذ المذبحة النار على كل شيء يتحرك بدون تمييز، كان سبب كل ذلك هو أن أهل القرية قرروا البقاء والدفاع عن ديارهم.
ومما يذكر في هذه المجزرة أن النساء هن من دفنَّ الموتى، ولم يكن هناك بُد من استخدام الخنادق والمغارات كمقابر جماعية لعدم وجود مقابر ولصعوبة حفر مقابر جديدة، كل ذلك حدث وسط ملاحقات من جنود الصهاينة، وبلا رحمة انتزع أحد جنود الصهاينة طفلًا في الثالثة عشر من عمره من يد أمه وشطر رأسه أمامها ببلطة.
اختار جيش الاحتلال قرية الطنطورة بالذات بسبب موقعها على ساحل البحر المتوسط، وسهولة مهاجمتها متذرعين أن القرية تمثل تهديدًا لهم، واتّهموا أهلها بتحويلها لمرفأ يصل منه السلاح للفلسطينيين
4. مذبحة الطنطورة 22/5/1948
استكمالًا للهدف الصهيوني الرئيس المتمثّل بعملية التطهير العرقي للبلاد بقوة السلاح، والترهيب للسكان تمهيدًا لتهجير أكبر عدد من المواطنين الفلسطنيين، جاءت مذبحة الطنطورة.
اختار جيش الاحتلال هذه القرية بالذات بسبب موقعها على ساحل البحر المتوسط، وسهولة مهاجمتها متذرعين أن القرية تمثل تهديدًا لهم، واتّهموا أهلها بتحويلها لمرفأ يصل منه السلاح للفلسطينيين.
وقد نُفِّذت المجزرة على يد لواء الإسكندروني وقد قتل في المجزرة أكثر من 250 من أهل القرية، وقد أجبر البعض على أن يحفروا قبورهم بأيديهم، ودُفِنَ آخرون في مقابر جماعية في مقبرة القرية.
بعد كل هذه الأحداث الدموية طرَد الصهاينة النساء والأطفال بعد تفتيشهم ومصادرة كل ما يملكون، كما أُسِر الرجال والشباب في معتقلات تابعة للقوات الصهيونية، ثم عمل على تصفية وقتل العديد من هؤلاء الأسرى قبل أن يسجلوا من قبل الصليب الأحمر الدولي.
من الجدير بالذكر أن رجال القرية قد قاوموا قوات الاحتلال مقاومة باسلة ولكن لضعف تسليحهم لم يستطيعوا الصمود أمام القوات الصهيونية.
مذبحة اللد" أشهر مذبحة قامت بها قوات "البلماخ" الصهيونية، فتح جنود البالماخ نيران مدافعهم الثقيلة على جميع المشاة، وأخمدوا مقاومة أهالي القرية خلال ساعات قليلة
5. مذبحة "اللد" في 11 يوليو 1948م
مذبحة "اللد" ارتكبتها وحدة كوماندوز صهيونية بقيادة «موشيه دايان» اقتحمت المدينة وقت المساء تحت وابلٍ من القذائف المدفعية، وقد واجه رجال المدينة الآلية العسكرية الصهيونية ببنادقهم القديمة، وبعد القتال ونفاد الذخيرة، اضطروا للاستسلام، فعملت القوات الصهيونية على إبادتهم جميعًا.
تُعَد "مذبحة اللد" أشهر مذبحة قامت بها قوات "البلماخ" الصهيونية، فتح جنود البالماخ نيران مدافعهم الثقيلة على جميع المشاة، وأخمدوا مقاومة أهالي القرية خلال ساعات قليلة وراح ضحية هذه المذبحة 250 فردًا، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن القتلى قد بلغ عددهم 426 شهيدًا منهم 176 قتيلًا داخل "مسجد دهمش" في المدينة، وفي إحصائية أخرى أن القتلى بلغوا 335 شهيدًا، 80 منهم داخل مسجد دهمش.
إن كل ما ذكر هو المذابح الرئيسة التي ارتكبها الصهاينة ضد القرى الفلسطينية خلال عام واحد ولم يخلُ يوم من ارتكاب انتهاكات وحشية لا تقل في بشاعتها عمَّا ذكر في المجازر التي استعرضها المقال.
ومن أبرز المذابح الأخرى التي ارتكبتها القوات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني أيضًا (مذبحة كفر قاسم - القوبية - قلقلية - خان يونس - صبرا وشاتيلا - عين قارا - المسجد الأقصى - المسجد الإبراهيمي... إلخ)
اغتالت قوات الاحتلال الصهيوني كثيرين من قادة ورموز المقاومة الفلسطينية محاولة بذلك تفكيك فصائل المقاومة أو على الأقل النيل من الروح المعنوية لجنود المقاومة
خامسًا/ استعراض أسماء أبرز القادة الفلسطينيين الذين اغتالهم الصهاينة
بالإضافة إلى كل ما ذكر من مجازر اغتالت قوات الاحتلال الصهيوني كثيرين من قادة ورموز المقاومة الفلسطينية محاولة بذلك تفكيك فصائل المقاومة أو على الأقل النيل من الروح المعنوية لجنود المقاومة.
ومن بين قادة ورموز المقاومة الفلسطينية التي قامت قوات الاحتلال الصهيوني باغتيالهم، على سبيل المثال لا الحصر:
- اغتيال القيادي "عماد عقل" في 24 نوفمبر1993م.
- اغتيال القيادي "يحيى عيَّاش" في أوائل عام 1996م.
- اغتيال القياديين "جمال سليم" و "جمال منصور" أنصار حماس في مدينة نابلس في 31 يناير 2001م.
- اغتيال القيادي "محمود أبو هنود" في 23 نوفمبر 2001م.
- اغتيال القيادي "صلاح شحادة" في 22 يوليو 2002م، فقد عمدت قوات الاحتلال إلى إلقاء قنبلة تزن أكثر من طن على منزل في "حي الدرج" شرق مدينة غزة أدت إلى مقتل صلاح شحادة و 18 شخصًا آخرين بينهم زوجته ومرافقه القيادي في كتائب القسام "زاهر نصَّار"
- اغتيال القيادي إسماعيل أبو شنب في 21 أغسطس 2003 باستهداف سيارته بخمسة صواريخ من قبل مروحية عسكرية.
- اغتيال الزعيم والأب الروحي لقادة المقاومة ومؤسس "حركة المقاومة الإسلامية حماس" الشيخ القعيد "أحمد ياسين" في 22 مارس 2004م وذلك في هجوم صاروخي شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية.
- اغتيال القيادي "الدكتور عبد العزيز الرنتيسي" وذلك بعد أقل من شهر من توليه قيادة حماس خلفًا للشيخ أحمد ياسين حيث اغتالته إسرائيل في 17 أبريل 2004م بعد إطلاق مروحية إسرائيلية صاروخًا على سيارته في قطاع غزة.
- اغتيال القيادي "عدنان الغول" بعد أن فقد اثنين من ابنائه في عمليات اسرائيلية سابقة، وقتل الغول عندما أصاب صاروخ اطلقته طائرة استطلاع إسرائيلية سيارته في غزة فقتلته الى جانب رفيقه "عماد عباس"
- اغتيال القيادي "سعيد صيام" في غارة نفذها الطيران الإسرائيلي يوم 15 يناير 2009م أثناء الحرب على قطاع غزة، وأدت الغارة إلى مقتل شقيقه وستة آخرين.
- اغتيال القيادي "أحمد الجعبري" في 14 نوفمبر 2012م فقد تمكنت إسرائيل من الوصول إلى مكانه فاستهدفته بغارة جوية عندما كان في سيارة بالقرب من مجمع الخدمة العامة في مدينة غزة بعد أسبوع من عودته من الحج.
- اغتيال القيادي "رائد العطار" والقيادي "محمد أبو شمالة" والقيادي "محمد برهوم" في غارة جوية استهدفت منزلًا في رفح بقطاع غزة في 21 أغسطس 2014م.
ما زال مسلسل الاغتيالات مستمرًا وما زالت التضحيات مستمرة ولن تنتهي حتى يأذن الله تعالى بتحرير كامل تراب أرض فلسطين
وما زال مسلسل الاغتيالات مستمرًا وما زالت التضحيات مستمرة ولن تنتهي حتى يأذن الله تعالى بتحرير كامل تراب أرض فلسطين، وهذا لن يكون إلا على يد جند ذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم بصفاتهم، قال تعالى: {... فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]
أخيرًا أقول:
بعد عرضنا اليسير والبسيط لما ارتكبه الصهاينة من مجازر ومذابح في حق الشعب الفلسطيني على مدار القرون الماضية لعلنا نكون قد استطعنا:
- أن نقدم صرخة في وجه الغافلين من أبناء الأمة الذين لا يعرفون تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني وملامحه وأهدافه عسى أن ينتبهوا.
- أن نوجه رسالة إلى كل طوائف الأمة عسى أن تحرك هذه المجازر فيهم ساكنًا.
- أن نسدد صفعة على وجه المطبِّعين مع الكيان الصهيوني، والمتخاذلين عن نصرة القضية الفلسطينية، والذين يعيبون على فصائل المقاومة مقاومتها ضد الكيان الصهيوني.
- أن نفند مزاعم الحمقى المتعلقين بأكذوبة السلام والمفاوضات مع المحتل الغاصب عساهم أن يفيقوا مما هم فيه ويعودوا لرشدهم.
- وأن نقدم دعوة للمخلصين من أبناء الأمة لإعداد العدة بكل صورها لمواجهة حاسمة تقتلع هذا الورم السرطاني الخبيث من جسد الأمة... وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ.