«أنتم الإسرائيليون لا ينبغي لكم أن تكونوا رؤوفين حين تقتلون عدوكم، ينبغي عليكم أن لا تعطفوا عليهم طالما لم نقضِ على ما يسمى بالثقافة العربية، ولم نبنِ على أنقاضها حضارتنا نحن» مناحيم بيجن
إنه منذ قدوم اليهود إلى أرض فلسطين وشلال الدماء الفلسطيني يتدفق ولم يتوقف يومًا، وكيف لهذا الشلال أن يتوقف والوطن الفلسطيني يُغتصب والمقدسات تدنس والأعراض تنتهك والأرواح تذهق والممتلكات تُصَادر، كل ذلك بلا رحمة ولا شفقة، وبدون مراعاة لأي بُعد ديني أو إنساني، وبدون مراعاة لقانون ولا احترام لقرارات.
إن كل المجازر التي ارتكبها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني بينها عامل مشترك وملامحها واحدة، فكلها تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني بلا هوادة، وإجباره على ترك بلاده الأصلية إلى معسكرات اللاجئين، ولكن أنّى لشعب ولد على أرض وطأتها أقدام الأنبياء وسالت عليها دماء الصحابة وبها أهم المقدسات أن يُفرِّطوا في ذرة واحدة من تراب هذا الوطن.
أولًا/ أقوال بعض قادة الصهاينة وزعمائهم
إن البغض الذي يملأ قلوب قادة الصهاينة وزعمائهم ومفكريهم لم يستطيعوا كتمه فأخذوا يعترفوا به في كتبهم ومذكراتهم وفي شتى المواقف والمناسبات، بل وبدون مواقف أو مناسبات، وسوف نعرض هنا مقتطفات من أقوالهم:
بعد اندلاع الثورة العربية عام 1929م انضم إلى الهاجاناة آلاف الشباب اليهود، لتبدأ العصابات باستيراد السلاح وإنشاء الورش لتصنيع القنابل اليدوية والمعدات العسكرية الخفيفة وتحولت من مجرد ميليشيا إلى ما يشبه الجيش النظامي
1. تيودور هرتزل:
"إذا حصلنا يومًا على مدينة القدس وكنت ما أزال حيًا وقادرًا على أداء أي عمل، فسوف أزيل كل شيء ليس مُقدسًا لدى اليهود فيها، وسوف أحرق جميع الآثار الموجودة ولو مرت عليها قرون"
2. مائير كاهانا (زعيم حركة كاخ)
"إن أكبر خطأ ارتكبه جيش الدفاع، أنه لم يهدم المسجد الأقصى يوم دخول القدس عام 1967م، ونحن مهمتنا أن نصحح هذا الخطأ ونهدم الأقصى"
3. موشي ديان (يوم دخوله مدينة القدس في 7/6/1967م)
"لقد وصلنا أورشليم وما زال أمامنا يثرب وأملاك قومنا فيها"
4. جولدا مائير (عندما زارت مواقع في جنوب طابا) تنفست وقالت:
"أشم نسيم يثرب وخيبر"
5. رجل أعمال صهيوني يقيم في واشنطن:
"لكل مستوطن ينجح في قتل رجل فلسطيني مكافأة مقدارها 3000 دولار، و 2000 دولار لمن يقتل سيدة فلسطينية، و 1000 دولار لمن يقتل طفلًا فلسطينيًا"
صدق الله القائل في محكم التنزيل: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118]
البغض الذي يملأ قلوب قادة الصهاينة وزعمائهم ومفكريهم لم يستطيعوا كتمه فأخذوا يعترفوا به في كتبهم ومذكراتهم وفي شتى المواقف والمناسبات، بل وبدون مواقف أو مناسبات
ثانيًا/ أسماء أبرز العصابات الصهيونية
إن من يتتبع ما ارتكبه الصهاينة من مجازر ضد الشعب الفلسطيني يجد أنها نُفِّذَت من خلال عصابات بهدف إبادة الشعب الفلسطيني، ومن بين هذه العصابات الصهيونية، ما يلي:
1. عصابات الإرجون أو الإتسل
هي منظمة صهيونية شبه عسكرية وجدت في الفترة السّابقة لإعلان دولة الكيان الصهيوني في فلسطين عندما كانت فلسطين خاضعة للانتداب البريطاني في الفترة بين 1931م وحتى 1948م.
يرى الصهاينة أن "عصابات الإرجون" هي منظمة قتالية تتولى الدفاع عن إسرائيل وتعمل على تحقيق حريتها لذلك تلقت هذه العصابات دعمًا كبيرًا يتمثل في السلاح والتدريب، خاصة من الدول التي تريد تهجير اليهود منها إلى إسرائيل باعتبار اليهود يمثلون عبئًا على تلك الدول، ومن أبرز تلك الدول كانت بولندا.
نفذت المنظمة الصهيونية "إرجون" ما يزيد عن 60 عملية إرهابية ضد الفلسطينيين وذلك في فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وكان من أبرز هذه العمليات:
• قتل 53 مواطن فلسطيني بتفجير قنبلة في سوق بحيفا عام 1938م.
• تفجير فندق الملك داوود في القدس وسقوط 91 قتيلًا أغلبهم من المدنيين، وبينهم 41 فلسطينيًا، 17 يهوديًا، و15 بريطانيًا وذلك في عام 1946م.
• الاشتراك مع "جماعة شتيرن" الإرهابية لارتكاب "مذبحة دير ياسين" وذلك في 9 أبريل 1948م، والتي راح ضحيتها 360 شهيدًا من الفلسطينيين.
كل المجازر التي ارتكبها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني بينها عامل مشترك وملامحها واحدة، فكلها تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني بلا هوادة، وإجباره على ترك بلاده الأصلية إلى معسكرات اللاجئين
2. عصابات الهاجاناة
تأسست الهاجاناة الصهيونية في عام 1921م، وقد كانت بدايتها عبارة عن تكتل عسكري في الانتداب البريطاني على فلسطين في الفترة السّابقة لإعلان دولة إسرائيل.
وقد كان الهدف المُعلن من تأسيس "عصابات الهاجاناة" هو الدفاع عن أرواح وممتلكات المستوطنات اليهودية في فلسطين خارج نطاق الانتداب البريطاني.
بعد اندلاع الثورة العربية عام 1929م انضم إلى الهاجاناة آلاف الشباب اليهود، لتبدأ العصابات باستيراد السلاح وإنشاء الورش لتصنيع القنابل اليدوية والمعدات العسكرية الخفيفة وتحولت من مجرد ميليشيا إلى ما يشبه الجيش النظامي، مما جعل بريطانيا تبادر بدعمها وتدريب قواتها، هذا ما جعل الهاجاناة تستمر بحماية المصالح البريطانية في فلسطين وقمع وقتل الثّوار الفلسطينيين.
يُعرف أن عصابات الهاجاناة كانت قد شاركت بقسوة وعنف في "مذبحة دير ياسين"
3. عصابات شتيرن
منظمة عسكرية صهيونية شديدة التطرف أسسها البولندي أبراهام (يائير) شتيرن، وتعد من أكثر الميليشيات الصهيونية شراسة وشهرة.
كانت شتيرن تفضل التحالف مع ألمانيا النازية بدلًا من بريطانيا، وكان يطلق عليها (المقاتلون من أجل حرية إسرائيل)
يعود سبب إنشاء جماعة شتيرن لرغبة مؤسسها وأتباعه العمل المستقل خارج نطاق وتوجيهات المنظمة الصهيونية العالمية، بل أيضًا بعيدًا عن مظلّة الهاجاناة، الذراع العسكري للمنظمة الصهيونية على أرض فلسطين قبل إعلان دولة إسرائيل في عام 1948م.
كان من أبرز أهداف عصابات شتيرن:
- الاستيلاء على أرض فلسطين بالقوة العسكرية.
- تحقيق حلم إنشاء دولة إسرائيل بالتخلّص من جميع «المحتلّين» العرب، حسب زعمهم.
- الحدود الجغرافية لحلم "عصابات شتيرن" تمتد من نهر الفرات شرقًا إلى نهر النيل غربًا.
- وجوب إنشاء جيش يهودي يقوم على حماية هذا الحلم.
- تنظيم هجرة اليهود في «الشتات» إلى أرض فلسطين.
وقد شاركت عصابات شتيرن في مذبحة دير ياسين بالتعاون مع بقية العصابات الصهيونية في عام 1948م.
من أبرز أهداف عصابات شتيرن الاستيلاء على أرض فلسطين بالقوة العسكرية، وتحقيق حلم إنشاء دولة إسرائيل بالتخلّص من جميع «المحتلّين» العرب، حسب زعمهم
4. عصابات البالماخ
تشكلت "عصابات البالماخ" في منتصف عام 1936م، وفي1941م توحدت البالماخ بعصابة الهاجاناة وكان هدفها الإشراف الكامل على الوضع العسكري الصهيوني في فلسطين لذلك عملت على تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية والمجازر ضد الفلسطينيين، من أهمها "مجزرة قرية سعسع" و "مجزرة بلدة الشيخ" والتي سقط نتيجتها عشرات الشهداء والجرحى، كما استهدفت تفجير العشرات من المنازل.
5. عصابات بيتار
بيتار هي حركة شبابية صهيونية تأسست عام 1923م بوساطة "فلاديمير جابوتنسكي"، وهذه الحركة مرتبطة بحزب الليكود السياسي في إسرائيل.
تشكلت "عصابات بيتار" كتطبيق عملي لمبادئ الفاشية الصهيونية معتمدة على التكتيكات السياسية المدعومة بالعسكرية المتطرفة مع توليفة من الأعمال الدعائية لتحقيق أقصى حالة من القوة العسكرية والوحدة الاجتماعية لتأسيس الدولة اليهودية.
قبل تأسيس دولة إسرائيل جدّت "عصابات بيتار" في تدريب شباب يهودي في عدة دول خدموا كميليشيات تفعل ما يمليه عليهم قادتهم الصهاينة المتطرفون، وقد برز من هذه العصابات العديد من الشخصيات السياسية في إسرائيل مثل رئيس الوزراء "شامير" و "مناحم بيجن"
استمرت حركة (بيتار) في العمل إلاّ أن سلطات الانتداب أصدرت أمرًا بحظر أنشطتها وذلك في العام 1947م، ثم تحولت (بيتار) بعد قيام إسرائيل الى حركة (حيروت)، وانضم أعضاؤها إلى كتيبة (الناحال) في الجيش الإسرائيلي.
من أبرز وأهم أهداف بيتار
• تسهيل وسائل تجميع شتات اليهود في فلسطين.
• إنشاء دولة عبرية على ضفتي نهر الأردن عن طريق عسكرة الشبيبة اليهودية في فلسطين و(الشتات)
وبعد استعراض أسماء بعض العصابات الصهيونية يجب أن ننوِّه بأنه بعد حرب 1948م، تفككت معظم تلك العصابات لتكون نواة لجيش دولة الاحتلال الصهيوني المُسماة "إسرائيل"
منذ قدوم اليهود إلى أرض فلسطين وشلال الدماء الفلسطيني يتدفق ولم يتوقف يومًا، وبدون مراعاة لأي بُعد ديني أو إنساني، وبدون مراعاة لقانون ولا احترام لقرارات
ثالثًا/ أبرز مذابح العصابات الصهيونية خلال عام 1948 فقط
إن المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني خلال عام 1948م فقط خير دليل على وحشيتهم، وخير دليل على أن هذه العصابات - مهما اختلفت في المُسميات - هدفها واحد، ألا وهو إبادة وتهجير الشعب الفلسطيني وإقامة دولتهم الصهيونية الكبرى من النيل إلى الفرات.
وعن سبب اختيارنا لعام 1948م تحديدًا أن هذا العام قد شهد العديد من المجازر ضد الشعب الفلسطيني، وبه "حرب النكبة" التي نتج عنها الإعلان الرسمي لدولة إسرائيل والاعتراف الدولي بها.
ففي 2 يناير 1948م هجمت عصابات الهاجاناة على قرية أبو شوشة (قضاء حيفا)، وبعد يومين فجّرت عصابات الإرغون سيارة مفخّخة في السرايا الكبرى (مركز الحكومة) في يافا، ما أسفر عن مقتل 26 مدنيًّا فلسطينيًّا، وفي اليوم التالي، فجّر الصهاينة فندق سميراميس في القدس وقُتِل 20 فلسطينيًّا.
وفي 7 يناير 1948م أقدمت عصابات الإرغون على زرع متفجّرات في باب الخليل بالقدس، ما أسفر عن مقتل 15 مدنيًّا فلسطينيًّا وجرح 41 آخرين.
وفي 11 يناير 1948م هجمت قوات صهيونية مشتركة على قرية لفتا ودمرت معظم المنازل وطردت جميع المواطنين منها.
وفي 19 يناير 1948م قامت اقتحمت الهاجاناة قريتي شفا عمرو (قضاء حيفا) وطمرة (قضاء الناصرة)
وفي 26 يناير 1948م دمرت عصابات الهاجاناة قرية سكرير (قضاء غزة)
وفي مايو 1948م استولت القوات الصهيونية على عدد من المدن الكبرى، مثل يافا وحيفا وطبريا، ففر عشرات الآلاف من الفلسطينيين لاجئين إلى دول الجوار خاصة بعد انتشار الأخبار بين السكان عن الفظائع والمجازر التي ترتكبها العصابات الصهيونية.
برز من هذه العصابات الصهيونية العديد من الشخصيات السياسية في إسرائيل مثل رئيس الوزراء "شامير" و "مناحم بيجن"
وفي 14 مايو 1948م أعلن الزعيم الصهيوني "ديفيد بن غوريون" قيام دولة يهودية تدعى إسرائيل.
في 15 مايو 1948م بدأت "حرب النكبة" وهي أولى الحروب العربية الإسرائيلية، حدثت الحرب عقب إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام إسرائيل، وقد أودت الحرب بحياة آلاف الجنود من الطرفين، وانتهت بهزيمة الدول العربية التي شاركت فيها، فأطلقوا عليها حرب النكبة، وبعد هدنة قصيرة عملت الأمم المتحدة على ترتيبها استؤنفت المعارك واستولت القوات الإسرائيلية بعدها على مدن الناصرة والرملة واللد بعد حصولها على شحنة ضخمة من الأسلحة من تشيكوسلوفاكيا، وانتساب أعداد كبيرة من اليهود المهاجرين الجدد والأجانب المتطوعين إلى الجيش الإسرائيلي.
وعندئذ اتفقوا على وقف إطلاق النار الذي استمر من 18 يوليو إلى 15 أكتوبر 1948م، ليعاود الجيش الإسرائيلي بعدها معاركه ويستولي على بقية الجليل والنقب ويفوز بالحرب.
أخيرًا تدخلت الأمم المتحدة لإنهاء المعارك، فأرسلت الدبلوماسي السويدي "فولك برنادوت" وسيطًا إلى فلسطين، ولكنه اغتيل في القدس في 17 سبتمبر 1948م على أيدي أعضاء في منظمة الليحي.
انتهت الحرب وما بعدها من مفاوضات بدون التوصل إلى حل قضيتي اللاجئين الفلسطينيين والتمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، مما ضاعف حجم الخسائر الكارثية لحرب 1948م على الفلسطينيين.
وللحديث بقية في الجزء الثاني من نفس الموضوع بإذن الله تعالى