كيف يمكن أن يؤثر شجار الوالدين على نفسية الطفل وسلامة عقله؟

الرئيسية » بصائر تربوية » كيف يمكن أن يؤثر شجار الوالدين على نفسية الطفل وسلامة عقله؟
كيف يمكن أن يؤثر شجار الوالدين على نفسية الطفل وسلامة عقله؟

إن العلاقة الزوجية مهما كانت طيبة ومتينة فإنها لا تخلو في كثير من الأحيان من الخلافات بين الزوجين، وليست المشكلة في وجود تلك الخلافات، أو نشوبها من حين لآخر طالما حرص الزوجان على حلها وتجاوزها، وإنما المشكلة في أن الكثير من الأزواج يتشاجرون أمام أطفالهم غير مدركين لخطورة هذا الأمر وأثره السيئ على أبنائهم على المدى القريب والبعيد.

لماذا يعدّ شجار الآباء أمام أبنائهم مشكلة؟

هناك أبحاث تشير إلى أن الطفل الذي لا يتجاوز عمره الستة أشهر يمكن أن يتأثر سلبًا بسبب شجار والديه ، وكذلك الأطفال والمراهقون حتى سن التاسعة عشرة يتأثرون بشكل كبير وخطير جراء خلافات ذويهم.

ما هي أبرز الآثار السيئة التي يسببها شجار الزوجين المستمر على الأبناء؟

- عدم الشعور بالأمان:

يشعر الأطفال الذين يتشاجر آباؤهم كثيرًا بالقلق حيال الطلاق، كما يصعب عليهم عيش حياة طبيعية؛ لأنه لا يمكنهم التنبؤ بأوقات الشجار وأسبابه.

يشعر الأطفال الذين يتشاجر آباؤهم كثيرًا بالقلق حيال الطلاق، كما يصعب عليهم عيش حياة طبيعية؛ لأنه لا يمكنهم التنبؤ بأوقات الشجار وأسبابه

- توتر العلاقة بين الوالدين والطفل:

تعدّ حالات الخلاف الشديد مرهقة للآباء كذلك، فلا يقضي الوالد أو الوالدة المتوترين الكثير من الوقت مع أطفالهم، وحتى إذا ما فعلوا يكون من الصعب عليهم بمكان إظهار مشاعر الحنان والمودة لأطفالهم وهم غاضبون ومستاؤون من بعضهم البعض.

في عام 2012، نُشرت دراسة في مجلة تنمية الطفل تتناول تأثير الخلاف الزوجي على الأطفال من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف السابع، فعندما كان الأطفال في الروضة، سُئل الآباء عن مدى جدية الخلافات التي يواجهونها في زواجهم، كما طُلب منهم التحدث عن موضوع يسبب خلافًا دائمًا بينهم كالمشاكل المادية مثلًا، وبعد سبع سنوات تابع الباحثون نفس الأسر، ثم سئل الأطفال عن طبيعة الشجار بين آبائهم وأثره النفسي والعقلي عليهم، فكان أطفال الروضة الذين كان آباؤهم يتشاجرون بشكل متكرر أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والمشاكل السلوكية عند وصولهم إلى الصف السابع.

6 آثار طويلة الأمد للشجار بين الأزواج من شأنها التأثير على نفسية الطفل وصحته العقلية:

1- انخفاض الأداء المعرفي:

وجدت دراسة نشرت عام 2013 في مجلة تنمية الطفل أن التوتر المرتبط بالعيش في منزل كثير الخلافات بين الزوجين قد يضعف الأداء المعرفي للطفل، كما يضعف قدرته على حل المشكلات بسرعة، ويزيد من احتمالات عدم رغبته في استكمال دراسته أو الحصول على درجات سيئة.

2- القدوة السيئة:

كثرة شجار الوالدين يزيد من فرص معاملة الأطفال للآخرين بعدائية ، ومن الشائع أن يبدأ الأطفال في حل المشاحنات بين إخوتهم وغيرهم من الأطفال بنفس الأساليب التي شهدوا آباءهم يستخدمونها.

تؤكد معظم الأبحاث والدراسات على العلاقة الوطيدة بين كثرة الخلاف بين الزوجين وزيادة العنف والمشاكل السلوكية والأخلاقية لدى الأطفال

3- سوء الخلق:

تؤكد معظم الأبحاث والدراسات على العلاقة الوطيدة بين كثرة الخلاف بين الزوجين وزيادة العنف والمشاكل السلوكية والأخلاقية لدى الأطفال، كما يغدو هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للمشاكل الاجتماعية وزيادة صعوبة التكيف مع أقرانهم في المدرسة.

4- اضطرابات التغذية والأمراض الجسدية:

ربطت العديد من الدراسات اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية والشره المرضي بكثرة الخلافات الزوجية، كما قد يعاني بعض الأطفال مشاكل النوم أو آلام المعدة والصداع.

5- التدخين وتعاطي المخدرات:

كثرة الشجار في المنزل ترفع من احتمالية لجوء الأبناء للتدخين وتعاطي المخدرات .

6- النظرة السلبية للحياة:

وجدت دراسة نشرت عام 2012 في مجلة الشباب والمراهقة أن الأطفال الذين يشهدون خلافات آبائهم باستمرار يعانون من قلة الثقة بأنفسهم وبالآخرين حين يكبرون.

كيف يمكن التخفيف من آثار الخلافات على الأبناء؟

في بعض الأحيان، يخرج الخلاف عن نطاق السيطرة، فيقول شخص ما شيئًا لا يقصده، ثم لا يدرك أحد الوالدين أن أطفاله يستمعون إليهم، ويتأثرون بما يحدث من خلاف بين أبويهم، وإليك بعض الأمور التي يمكنك فعلها للتخفيف من وقع أي خلاف بينك وبين شريك حياتك على أبنائك:

- ناقش الشجار:

على الرغم من أنك لست مضطرًا إلى الخوض في تفاصيل الأمر، فاحرص على عقد اجتماع عائلي توضح فيه الأمر للأطفال فتقول مثلًا: "لقد تشاجرت أنا ووالدتكم ليلة أمس وخرج الأمر عن نطاق السيطرة، فقد اختلفنا في الرأي ولكن كان من الخطأ أن نختلف بتلك الطريقة"

- طمأنة الأطفال:

ذكّرهم بأن هذا مجرد جدال وليس مؤشراً على مشاكل أكبر، وأنكما كزوجين لا تفكران في الطلاق، واشرح لهم أن الخلافات تحدث في بعض الأحيان بين البشر، ويمكن أن يفقد الناس أعصابهم، ومع ذلك، فهذا لا يعني أن أحد الطرفين يكره صاحبه.

الطلاق يمكن أن يكون له أثر نفسي سيئ على الأطفال؛ فغالبًا يتعرض الأطفال الذين يكبرون مع أحد الوالدين لمشكلات اقتصادية أكثر، ولا يكون أداؤهم المدرسي جيدًا

هل من الممكن أن يكون الطلاق أفضل حل لمصلحة الأطفال أحيانًا؟

يتساءل العديد من الآباء عما إذا كان من الأفضل لهم البقاء معًا من أجل الأطفال أو مجرد الطلاق، ومن المعروف أن الطلاق يمكن أن يكون له أثر نفسي سيئ على الأطفال؛ فغالبًا يتعرض الأطفال الذين يكبرون مع أحد الوالدين لمشكلات اقتصادية أكثر، ولا يكون أداؤهم المدرسي جيدًا.

بيد أن العيش في منزل كثير الخلافات والمشادات الكلامية قد يغدو أكثر إرهاقًا وأذى للأطفال مما لو انفصل والديهم؛ فعندما يتفق الوالدان أثناء الطلاق وبعده، لا يعاني الأطفال عادةً من مشاكل نفسية طويلة الأمد، ولذلك إذا لقيت نفسك في خلافات مستمرة مع شريك حياتك فاعلم أن قرارك في استمرار الزواج قد لا يكون في صالح أبنائك كما تظن، فادرس أبعاد الموقف جيدًا وناقشه مع أطفالك حتى تتوصل لأفضل حل ممكن لك ولشريك حياتك ولأطفالك.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • https://www.verywellfamily.com/how-parents-fighting-affects-children-s-mental-health-4158375
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …