منذ اشتعل الصراع الدائر بين المقاومين الفلسطينيين والاحتلال الغاشم في معركة طوفان الأقصى، بدأ كثير من الناس بالتساؤل عن الفرق بين الأسماء المختلفة التي تطلق على المحتل الغاصِب عبر الإعلام – أو عبر المتحدثين والكتّاب ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي؛ - إذ أن الفرق كبير ويزداد تساؤل الناس حين يعلمون بأن الأمر قديم متجدد وليس مجرد صراع بين جماعة إرهابية، ودولة آمنة (كما يروّج المُحتلُّ الغاصِبُ للإعلام)
كان يظنّ كثيرون أن المسميات الأربعة (يهودي - عبراني - صهيوني - إسرائيلي) التي تتعلق بمن اغتصب أرض فلسطين هي مترادفات لمعنى واحد، ولكن الحقيقة يطول شرحها؛ فالفرق كبير وشديد بين المصطلحات الأربعة ، سوف نبيّن الفرق بينها في سطور موجزة، ثم نفصّل كل مصطلح منها قدر استطاعتنا، أو على الأقل بالقدر الذي يضمنُ تنوير القارئ بأهم نقاط الاختلاف بينها.
1. اليهودي: من يدين بالديانة اليهوديّة التي نزل بها سيدنا موسى عليه السلام.
2. العبراني: تسمية عرقية مشتقة من العبور، وطبقًا لها أتت تسمية اللغة العبرية.
3. الصهيوني: من يدعم المشروع الاستيطاني لاستعمار فلسطين واحتلالها.
4. الإسرائيلي: جنسية ابتدعها الكيان الغاصِب، يمنحها لمن يؤمنون بفكرته.
اقرأ أيضًا: الشباب العربي والأحداث الوطنية في ظل الثورة التكنولوجية
هل يقتصر الأمر على التعريف اللغوي، أو التعريف الاصطلاحي حتى؟ لا.. بالتأكيد فإن الشرح المطوّل سيطلع القارئ على الكثير من الأسرار التي يجب أن يعرفها؛ كي يفهم القضية الفلسطينية، أو الصراع العربي - الصهيوني، كما يجب!
اليهودية ديانة ويوسم باليهوديّ كل من يتبع كتاب التوراة الذي أوحي به إلى نبي الله موسى – عليه السلام – قبل أن يحرفه اليهود بالتأكيد
أولًا/ مصطلح اليهودي:
اليهودية ديانة كما يعلم الجميع، وهي ثالثة الديانات السماوية صحبة الإسلام والمسيحية، ويوسم باليهوديّ كل من يتبع كتاب التوراة الذي أوحي به إلى نبي الله موسى – عليه السلام – قبل أن يحرفه اليهود بالتأكيد، وللتنبيه.. فإن هناك كتابًا آخر ابتدعه حاخامات اليهود ورجالات الدين لديهم ألّفوه على حسب أهوائهم، جمعوا فيه أساطيرهم وخرافاتهم المختلفة وأسموه بـ (التلمود) فليس التلمود كتابًا سماويًا، لذلك وجب التنويه وتنبيه القراء.
وفي شأن اتباع الديانات السماوية ورد حديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال فيه: "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة (أو قال: يولد على هذه الملّة – يعني الإسلام)، فأبواه يهوِّدَانِه أو يمجّسَانه، أو ينصِّرانه" (صحيح البخاري) والمجوسية ديانة كذلك كالمسيحية، النصرانية، اليهودية والإسلام.
ورد في كتب بعض المؤرخين لتاريخ الأنبياء: أنَّ اليهودية ليست هي الدين الذي جاء به سيدنا النبي موسى عليه السلام، ولكنه الدين الذي اختاره هؤلاء القوم الذين بُعِثَ فيهم موسى - عليه السلام - نبيًّا، وقد أنزل الله تعالى فيهم التوراة، ومع ذلك فإنّ موسى لم ينزل باليهودية إنما نزل كما غيره من الأنبياء بدين الإسلام ، لقول الله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} [يونس: 84] وتجدر الإشارة إلى أن اليهود يَعُدُّونَ كلَّ من يولد لأب يهوديّ شخصًا يهوديًّا وإن لم تكن أمه يهودية، وإنْ لَم يكن يطبق شعائر الديانة أو طقوسها المختلفة.
وقد اشتهر اليهود بالبخل، والغدر ونقض العهود منذ عهد الأنبياء – عليهم السلام جميعًا – واشتهروا كذلك بالتكالب على جمع المال، وسلوك السبل الملتوية في الوصول إلى أهدافهم، وبلوغ غاياتهم، حتى قال أحد الزعماء السياسيين الأوروبيين عنهم: "ما من فعلٍ مغاير للأخلاق، وما من جريمة في حق المجتمع إلا ولليهود فيها يدٌ"
العبريّ أقدم مسمى يطلق على اليهود؛ إذ يسمون أنفسهم بالعبرانيين أو العبرييين ويفضّلونها على نسبتهم إلى إسرائيل والديانة اليهودية؛ إذ أن وجود العبرانية يسبق الوجود اليهوديّ
ثانيًا/ مصطلح العبراني:
يقال أيضًا العبريّ، وهو مسمى عرقيٌّ – كما أسلفنا – وهو رديفُ الإسرائيلية بشكل أو آخر؛ وهو أقدم مسمى يطلق على اليهود؛ إذ ينسبون أنفسهم إلى نبي الله يعقوب – عليه السلام – ويسمون أنفسهم بالعبرانيين أو العبرييين حدّ أنهم يفضّلون تلك التسمية على تسميتهم بـ (الإسرائيليين) ويفضّلونها كذلك على نسبتهم إلى الديانة اليهودية؛ إذ أن وجود العبرانية يسبق الوجود اليهوديّ – بما أن سيدنا إبراهيم عليه السلام والمذكور في عقيدتهم باسم أبرام العبراني، هو أصلًا (أبو الأنبياء) كما أنه أيضًا من أجداد النبي موسى ويعقوب عليهما السلام - وهذا الأمر يخدمهم بشكل ما في التأصيل لأنفسهم ودولتهم المزعومة!
وقد اختُلف كثيرًا في أصل هذا المسمى المزعوم بقوميّته إلا أن التفسير الأقرب يشير إلى اشتقاق الكلمة من عبور سيدنا يعقوب – عليه السلام – لنهر الفرات، وقد وردت رواية عن أن العبرانيين يعتقدون أن الله يجلس في السماء على العرش.
اقرأ أيضًا: طوفان الأقصى، يفضح مجازر الصهاينة في فلسطين على مرّ التاريخ
مصطلح إسرائيلي منسوب زعمًا فقط إلى سيدنا النبي يعقوب، وليس حقيقة بل تجنيًّا على الحقيقة كما هي عادة تلك الثلة وما وُسِمَت به بين الأمم
ثالثًا/ مصطلح الإسرائيلي:
وإسرائيل اسمٌ لشخص كما جاء في القرآن الكريم: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]، وحسب إجماع مفسري القرآن الكريم فإن إسرائيل المقصود في الآية هو سيدنا النبي الكريم يعقوب عليه السلام، وبنو إسرائيل هم أبناؤه الاثنا عشر مع ذرياتهم مجتمعة، وبينهم ديانات مختلفة، (مسلمون، مسيحيون، ملاحدة... إلخ) أي أنهم ليسوا يهودًا فقط واليهود ينتسبون إلى واحد من أبنائه الاثني عشر وهو – على الأغلب – لاوي؛ إذ هو جد النبي موسى عليه السلام!
ومن هنا يتأكد لك أن مصطلح إسرائيلي منسوب زعمًا فقط إلى سيدنا النبي يعقوب، وليس حقيقة بل تجنيًّا على الحقيقة كما هي عادة تلك الثلة وما وُسِمَت به بين الأمم.
وفي الأيام التي نعيشها الإسرائيلي هو أي شخص ينتمي إلى الكيان المغتَصِب، ويحمل جنسيته المبتدعة، وإن كان المصطلح أقدم منهم ومن كيانهم ومشروعهم الاستيطاني بكثير زمان كما لا يشير إليهم إطلاقًا؛ لكنّهم اختاروه لكيانهم لأن معناه يرسّخ قناعتهم بأنهم شعب الله المختار، إذ أن اسم إسرائيل يعني لديهم لغويًا: "الإنسان الذي يجاهد مع الرّب" ، فيميّزون أنفسهم به عن أبناء سيدينا النبيين إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام!
ويجدر الذكر أن الكيان الغاصِب يغري اللاجئين بمنحهم امتيازات وضمانات وتأمينات معيشية في الأراضي المحتلة – طمعًا في التوسع بشكل أسرع من ناحية وتكثيرًا لسواد الكيان المحتل من ناحية أخرى – طالما أثبت وفاءه وانتماءه وإخلاصه لفكرتهم ومشروعهم، أيّ كلّما كانت الصهيونيّة مبدأه في الحياة حصل على جنسية الكيان الغاصِب وامتيازاتها أسرع!
الصهيونيّة فكرة والصهيوني هو من يؤمن بتلك الفكرة أو المشروع الاستعماري الذي يستوطن فلسطين ويوطّن الإسرائيلييين فيها ويمنحهم ما ليس يحق لهم من الحقوق والامتيازات
رابعًا/ مصطلح الصهيوني:
فصّلنا الحديث في مقال سابق عن أن الصهيونيّة فكرة، وبالتالي فإن الصهيوني هو من يؤمن بتلك الفكرة أو المشروع الاستعماري الذي يستوطن فلسطين ويوطّن الإسرائيلييين فيها ويمنحهم ما ليس يحق لهم من الحقوق والامتيازات في أرض ليس لهم، ويؤمّلهم – للأسف – بمزيد من التوسّع حسب عدد اللاجئين المؤمنين بفكرة الصهيونية كما أسلفنا.
اقرأ مقال: من أيّة عقيدة يكتسب الصهاينة مشروعية احتلالهم؟
فالصهيونية تسمية تنظيمية للحركة التي تأسست في مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897م، وتطلق الصهيونية على المجموع الذي يؤمن بفكرة الاستيطان، وتشجع الهجرة من بقاع العالم إلى أرض فلسطين المحتلة، بإغراء المهاجرين إليها وإقناعهم بأنها أرض الميعاد التي يجب أن يعمرها الصهاينة .
ويجدر التنبيه على أنه ليس شرطًا أن يكون الصهيونيّ يهوديًا، بل إن أغلب قادة الحركة الصهيونية ومؤسسي وداعمي المشروع الاستيطاني هم تجمّع لا يجمعه دين أو معتقد واحد إطلاقًا، فبينهم: علمانيون، ملاحدة، اشتراكيون، مسيحيون، وحتى إن بعض الصهاينة مسلمون.. للأسف!
لكنهم يتفقون جميعًا على معتقد كون اليهوديّ نبيًّا وشهيدًا، وشخصًا مقدسًا سواء كان متدينًا أم أرثوذكس، ووصف أحد المؤلفين الصهاينة ابن غوريون بأنه نبيّ مدجج بالسلام!
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
الوسوم
مراجع ومصادر
- كتاب: المدخل إلى القضية الفلسطينية: تأليف وتحرير: جواد الحمد وآخرون... إصدار مركز دراسات الشرق الأوسط، 1999م
- مقابلة عبر يوتيوب مع د. أحمد ويحمان عبر تلفزيون إبداع الرقمي: https://www.youtube.com/watch?v=HgzcFj15OKw
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
- مركز الدعوة الإسلامية