مع اقتراب حرب إبادة إسرائيل على غزة شهرها الثالث بلا أفق حل يوقف شلالات الدم والموت المتنقل وارتفاع عدد شهداء المجازر والتطهير العرقي والعقاب الجماعي لـ 22 ألف شهيد و7 آلاف مفقود تحت انقاض المباني والمنازل والملاجئ، والمصابين لحوالي 60 ألفًا، ثلثا الشهداء أطفال ونساء وكبار سن.
تتعمق المأساة ويكبر الجرح وتدمع العيون، خاصة بزحف المجاعة والأمراض وخروج المستشفيات عن الخدمة واستمرار تقنين دخول المساعدات والغذاء والدواء.
لم يشهد العالم - باعتراف خبراء وجنرالات عسكريين - هول وحجم الكارثة البشرية والإنسانية والقصف والدمار في ثلاثة أشهر، ما شهده قصف أمريكا للعراق في عامين! ولا قصف الأسد والميليشيات لحلب ومدن سوريا في أعوام... وحشية وجرم القصف الذي تتعرض له غزة وشعبها النازف، يتجاوز حجم قوة تفجير 3 قنابل نووية، قصفت بها أمريكا هيروشيما وناغازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية! ويقارن بقصف أمريكا الوحشي لسنوات في حرب فيتنام.
أثبتت دراسة استقصائية لشبكة سي إن إن الأمريكية أن سلاح طيران الاحتلال ألقى 500 قنبلة MK-84- زنة الواحدة 2000 رطل حوالي 900 كلغ في الشهر الأول للحرب على غزة، على أحياء ومخيمات مكتظة بالسكان وخاصة مخيم الشجاعية!! أدت لقتل مئات المدنيين في قُطر دمار وقتل وإبادة يتجاوز قطرها 120 مترًا، بالمقارنة ألقت أمريكا قنبلة واحدة فقط زنتها 2000 رطل، في حربها على تنظيم داعش في العراق وسوريا!
لم يشهد العالم - باعتراف خبراء وجنرالات عسكريين - هول وحجم الكارثة البشرية والإنسانية والقصف والدمار في ثلاثة أشهر، ما شهده قصف أمريكا للعراق في عامين!
ووصل الأمر بسبب الضغط من داخل حزب بايدن الديمقراطي والرأي العام الأمريكي، المطالب بأغلبيته بوقف الحرب على غزة، ومظاهرات الناشطين وطلبة الجامعات بالضغط لوقف حرب الإبادة - خاصة أن الرئيس بايدن وقيادات إدارته يوفرون الدعم والسلاح والغطاء السياسي والفيتو في مجلس الأمن بلا حدود لحرب إبادة إسرائيل؛ لاتهام الرئيس بايدن في أقسى انتقاد لإسرائيل في 12 ديسمبر، شن إسرائيل قصف عشوائي (Indiscriminate Bombings) - يفقدها الدعم الدولي.
وعلى رئيس الوزراء نتنياهو تغيير حكومته المتشددة، ما يؤشر إلى بداية تحول وتباين وخلافات بين إدارة الرئيس بايدن خاصة مع إصرار نتنياهو على رفض مطالب إدارة بايدن بعدم استهداف المدنيين والانتقال إلى مرحلة خفض عمليات القصف والتركيز على عمليات نوعية تستهدف قادة حركة حماس، لكن يستمر نتنياهو بانتحاره السياسي برفضه وحكومته المتطرفة لوقف حرب الإبادة!
حتى كما يدعي نتنياهو وفريقه المتطرف تحقيق جيشه أهدافه الثلاثة - (غير الواقعية حسب مسؤولين سابقين وخبراء عسكريين، كما يؤكد مسؤولون ورؤساء وزراء إسرائيليون سابقون - ايهود باراك وايهود أولمرت) - وأضاف نتنياهو في مقال رأي في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في 26 ديسمبر - لتبرير حرب إبادته التي باتت بلا أفق: «القضاء على حركة حماس - نزع سلاح قطاع غزة وتحييدها كمنطقة آمنة - وتطهير المجتمع الفلسطيني من ثقافة العنف والتطرف»
أيام نتنياهو ونهايته السياسية باتت مسألة وقت ومحسومة، وستبقى حماس وسيرحل مع تحالف حكومته المفككة، وتكشف تسريبات أمريكية أن إدارة بايدن تحضر لسيناريو مرحلة ما بعد نتنياهو
يعلم نتنياهو أنه بمجرد وقف الحرب ستُشكل لجان تحقيق بأسباب الفشل والإخفاقات العسكرية والأمنية والاستخباراتية، وتعثر الحرب البرية، وتراجع شعبيته وسيفقد نصف مقاعد حزبه الليكود! مقابل صعود فرص وزير الدفاع السابق عضو حكومة الحرب غانتس والمعارضة في الكنيست!
كما أكرر منذ اليوم الأول للحرب أيام نتنياهو ونهايته السياسية باتت مسألة وقت ومحسومة، وستبقى حماس وسيرحل مع تحالف حكومته المفككة. وتكشف تسريبات أمريكية أن إدارة بايدن تحضر لسيناريو مرحلة ما بعد نتنياهو.
لكن يؤخذ على إدارة بايدن الاصطفاف الكامل بشكل مستفز مع نتنياهو حرب إبادة غزة؛ بإقامة جسر جوي - حملت أكثر من 230 طائرة و30 سفينة نقل السلاح المتطور والذخيرة والعتاد منذ بداية الحرب، لتعويض السلاح في الحرب، والاستمرار بتدمير غزة وإبادة شعبها بالسلاح الأمريكي، كما طالبت إدارة بايدن الكونغرس بتخصيص 14 مليار دولار مساعدات عسكرية - وقام وزير الخارجية الأمريكي بلنكين بأربعة زيارات لتل أبيب ويستعد لزيارته الخامسة، فيما زار وزير الدفاع أوستن ومستشار الأمن الوطني سوليفان تل ابيب مرتين - مؤكدين على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها! (في مخالفة للقانون الدولي لا يحق للمحتل الدفاع عن احتلاله وقتل الشعب المقاوم لاحتلاله! ولماذا يحق لشعب أوكرانيا مقاومة الروس ولا يحق للفلسطينيين؟!)
تعمق سياسات الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود لإسرائيل العداء الشعبي لأمريكا والغرب، بالمقارنة لا يفوتنا كمراقبين ومحللين إلا أن نقارن موقف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي - من موقفهم ضد غزو وحرب روسيا على أوكرانيا، وقفوا داعمين ومناصرين ومحتشدين ضد روسيا المعتدية، وفرضت عقوبات أمريكية وأوروبية ومقاطعة الغاز والنفط الروسي - وتقديم دعم بأكثر من مائة مليار دولار لأوكرانيا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وتزويد أوكرانيا بمعدات عسكرية ثقيلة وصلت لتدريب طيارين أوكرانيين على طائرات F-16.
استخدام إدارة بايدن الفيتو بدعم غربي لمنع وقف الحرب على غزة يجعلهم شركاء، ويفضح انحيازهم وسقوطهم الأخلاقي، ويؤجج مشاعر العداء العربي والإسلامي والدولي تجاه أمريكا والغرب
وهكذا تفضح حرب غزة الانحياز والاصطفاف الغربي من أنظمة وإعلام، بوقوفهم مؤيدين ومناصرين أوكرانيا ومقاومة شعبها الغزو والاحتلال الروسي، ومع الضحايا الأوكرانيين بكل قوة وضد المعتدي والمحتل الروسي!
بينما يصطفون بشكل معيب مع المحتلين والمعتدين ومجرمي الحرب الصهاينة! وضد الضحايا الفلسطينيين!
لا يطلب ولا يتوقع الفلسطينيون من الغرب أي دعم واصطفاف وتزويدهم بالسلاح - بل كل ما يطلبونه لجم إسرائيل لوقف حرب إبادتها على غزة والتوقف عن تزويدها بالسلاح الذي تفتك به المدنيين الأبرياء - خاصة وأنهم صاروا يعانون من الجوع والأمراض والنزوح القسري.
باستطاعة بايدن وقف الحرب باتصاله وتهديد نتنياهو، يرى خبراء عسكريون - لولا الدعم الأمريكي لتوقفت الحرب منذ أسابيع، بدل استمرار إرسال وزرائه ومستشاريه، بل يوقف الدعم ويمارس ضغطا حقيقيًا، للتذكير أوقف ريغان قصف بيروت عام 1982 باتصال هاتفي بتحذيره وضغطه على مجرم الحرب رئيس وزراء الاحتلال بيغن حينها!
استخدام إدارة بايدن الفيتو بدعم غربي لمنع وقف الحرب على غزة يجعلهم شركاء، ويفضح انحيازهم وسقوطهم الأخلاقي، ويؤجج مشاعر العداء العربي والإسلامي والدولي تجاه أمريكا والغرب.
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
الوسوم
مراجع ومصادر
- صحيفة الشرق القطرية