هل وضعت خطة عامك الجديد؟
بدأ العام الجديد وبدأت تتعالى معه – بل قبل بدئه بوقت - أصوات من يعملون في حقل التنمية الذاتية/ البشرية، وينادون بإدراك جدوى ومعنى الحياة، بدؤوا يدعون الجميع إلى وضع خطته الخاصة بعامه الجديد وتحديد أهدافه، وكتابة إنجازات العام السابق، بالإضافة إلى أخطائه فيه أيضًا، وبناءً عليه تدوين أولوياته في العام الجديد..
لا أخفيكم أنني واحدة من هؤلاء الذين يدعون الآخرين دومًا للتخطيط للعام الجديد مُتّعظين بأخطاء العام السابق، والدخول إلى الجديد متفائلين مستعدين متسلحين بخطة لا تخلو من مقترحات تعلم المزيد، وإنجاز المزيد، والتطوع... إلى غير ذلك من أهداف، إلا أنني في هذا العام وقفت وقفة طويلة جدًا مع خطة العام الجديد وقبل أن أضع أي هدف..
وأنا هنا اليوم لأسأل فعلًا: كيف غيّر السابع من أكتوبر منّا؟ إذ لا بد أولًا أن يؤثّر فينا فيغيّر من خططنا بالتبعية!
كما أنني تعمّدت الدخول بهذا المقال بعد بدء العام وليس قبله؛ إذ وجدت أن التأكيد على تنبيه المهتمين من المثقفين ومحبّي الإنجاز والتنظيم والقيادة - وجدته مهمًّا - تنبيههم بأن يغيّروا بعضًا من الأهداف أو يزيدوا ما يلزم.. وإن فات من العام الجديد أكثر من أسبوعين، وليفت نصفه.. المهم أن نعدّل أهدافنا كما يجب!
الحرب اليوم حرب وعي، وكما يقول أحدهم: "وإن خسرنا الحرب، فقد ربحنا جيلًا كاملًا بات يفهم ماذا تعني فلسطين، وكيف يجب أن يتعاطى معها"
بعد هذه المقدمة الطويلة، سوف أقدّم إليك بعضًا من المقترحات – أضفتها شخصيًّا على خطتي السنوية – والتي ربما تقيك ذنب أن تكون معول هدم لأمتك ومجتمعك ونفسك؛ إذ تجنّبك أولًا تُهمَةَ السلبية التي غزت العالم بأكمله دهرًا طويلًا حتى لعب أصحاب الأجندات على سلبيتنا تلك فجعلنا جزءًا من أهدافه المغرضة!
اقرأ أيضًا: وجوه الأقصى في الرسائل العربية الصامتة
1. إحداث تغيير جذري في حياتك
ليس جديدًا ما سأقوله – أعلم – إلا أن من الضروري التأكيد عليه، إن لم تغيّر الأحداث التي مر بها العالم في نفسك شيئًا، فلا بد أن هنالك مشكلة عليك التنبه والبحث عنها.. وحلّها!
في هذا العام أؤكد أن أيةَ خُطّة سنويّة أو فصليّة تخلو من أهداف متعلقة بفلسطين والقضية الفلسطينية فهي خُطّة لا شك ناقصة، أو أن صاحبها لم يَعِ بعدُ أنّ قضية فلسطين جزء من عقيدته وعليها يجب أن يبني أهدافًا متينة تصنع تحوّلًا جذريًّا في خطته ؛ إذ اليوم – كما أسلفنا – الحرب حرب وعي، وكما يقول أحدهم: "وإن خسرنا الحرب، فقد ربحنا جيلًا كاملًا بات يفهم ماذا تعني فلسطين، وكيف يجب أن يتعاطى معها"وليكن التغيير الذي أعنيه: ترك عادة سيئة أو إضافة عادة جديدة تبني عقلك ونفسك ووقتك وتعمل عليها طوال العام حتى تثبُت!
2. ضع على قائمة القراءات كتابًا واحدًا على الأقل عن قضية فلسطين في كل شهر، أو كل فصل على أبعد تقدير
ربما عليّ تنبيهك أيضًا بألّا تختار الكتب عشوائيًّا، بل اقرأ ودقق قبل أن تشتري الكتاب أو تقرر وضعه على قائمة الكتب التي تنوي قراءتها، ونوّع بين الكتاب التاريخي، السياسي، والأدبيّ.. وغيره.
إليك بعض الكتب التي أنصحك بقراءتها مثلًا: (المدخل إلى القضية الفلسطينية - حقائق وثوابت في القضية الفلسطينية - نهاية اليهود - رواية رأيت رام الله - سلسلة أولستُ إنسانًا - بروتوكولات حكماء صهيون - المطامع الصهيونية التوسعية - الموسوعات المصورة لفلسطين، ولليهود - روايات أمير الظل - اليهود وراء كل جريمة - رواية الشوك والقرنفل - الرسول واليهود وجهًا لوجه... وإن بحثت ستجد الكثير)
اقرأ أيضًا: تراث القدس سلوة النفس
لا بأس أيضًا بمتابعة بعض البرامج التلفزيونية أو الإذاعية أو الكتب المسموعة التي تضيء على القضية الفلسطينية - إن كنتَ تفضّل المعلومات المرئية والمسموعة - أسبوعيًا أو متابعة الدراما التي تتحدث بإنصاف عن القضيّة الفلسطينية، وسوف أنشر تباعًا في صفحتي هنا قراءات عن بعض الكتب التي أحبّذ أن يقرأها الجميع.
أضافت الأيام المائة الماضية منذ بدء الحرب مفردات عدة إلى قواميس الجيل الصاعد، وأصبح الأطفال الذين لم يكن أحدهم يعي ماذا تعني.. أصبحوا يعون الرموز الحقيقية التي تستحق أن تكون رموزًا للانتصار والكرامة والشرف
3. ليكن أهم هدف لديك هو مغادرة المنطقة الرمادية ونبذ الحياد على إطلاقه
لقد أضافت الأيام المائة الماضية منذ بدء الحرب مفردات عدة إلى قواميس الجيل الصاعد، وأصبح الأطفال الذين لم يكن أحدهم يعي ماذا تعني.. أصبح الأطفال ينادون اليوم بالمقاطعة والوقوف مع فلسطين ونصرة القضية، أصبحوا يعرفون من هم الأبطال الحقيقيون ومن يستحق أن يتخذوا قدوة لهم.
الجيل أصبح يلغي متابعة الكثيرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأنهم لا يتحدثون عن القضية ولم ينصروها ولو بمنشور واحد أو إشارة، أصبحوا يعون الرموز الحقيقية التي تستحق أن تكون رموزًا للانتصار والكرامة والشرف...
4. خصص مكانًا للقرآن في يومك وكل أفعالك
لاحظ الجميع كيف يتسلّح المقاومون بالقران قبل تنفيذ المهمّات العسكرية في مقاومتهم للمعتدي، وسمع الكثيرون عن كتيبة الحفاظ، وتابعوا تخريج فوج صفوة الحفّاظ في غزة قبل بدء العدوان بقليل.. وقد بات واضحًا كيف يمكن أن يؤثر القرآن في سلوك الإنسان، وتوفيقه، وقدراته، وقوته، وكل مناحي حياته.
5. غيّر/ عدّل أهدافك وطريقتك في تربية أولادك
لطالما تابعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي تساؤلات الكثيرين عن طريقة الفلسطينيين (الغزيين) في تربية أبنائهم تلك التربية التي تنشئ جيلًا كهذا الجيل الذي ألمعته تغطيات الإعلام خلال العدوان الغاشم بعد السابع من أكتوبر.
حتى إن أحدهم حين قال: "أعطوني أحد الأيتام من أبناء الشهداء الذين رحلت عائلاتهم جملة وتركتهم وحيدين؛ لأربيه" ردّ عليه الآخرون: "نحتاج لنرسل أبناءنا جميعًا لأهل غزة كي يربوهم!"
ركّز في تربية أبنائك، تعلّم.. طبق أفضل ما تتعلمه من الإسلام والقرآن في تربيتهم كي تربحهم دنيا وأخرى!
فرضت أحداث طوفان الأقصى علينا جميعًا أن نفكّر في كل ما ننفقه، كيف ومتى وأين وعلام يجب أن ننفق!
6. أعد النظر في إنفاقك (مكانه، كيفُه، وكمّه)
لمّا كان أحد أهداف إقامة ركن الصيام هو الإحساس بجوع ووجع الآخرين، فضحت أحداث طوفان الأقصى حقيقة أن كثيرين منّا لم يفهموا هذا الغرض ولم يصوموا يومًا كما يجب، وقد فرضت أحداث طوفان الأقصى علينا جميعًا أن نفكّر في كل ما ننفقه، كيف ومتى وأين وعلام يجب أن ننفق!
7. ليكن الشيء الجديد في عامك متعلقًا بقضية فلسطين
في مفتتح كل عام نخصص هدفًا لتحقيق شيء جديد خلال العام ليكن هدفنا هذا العام متعلقًا بنصرة فلسطين، كل منا في مجاله وضمن قدراته، ولو تطلّب ذلك تعلم مهارة جديدة أو تطوير مهارة موجودة، أعتقد أن فلسطين قضية عقيدة وتستحق كل ذلك!
اقرأ أيضًا: الشباب العربي والأحداث الوطنية في ظل الثورة التكنولوجية
تربينا على الخوف والتردد وتقديم الكثير من الحسابات قبل الإقدام على أي جديد في حيواتنا، إلا أن ما حصل في السابع من أكتوبر يعلّمنا أننا إن لم نربح شيئًا بقوة الجرأة والشجاعة فلن نخسر شيئًا!
8. المهارات التي نكتسبها: جرأة وشجاعة في الحق مهما لام لائم
تربينا – كعرب - على الخوف والتردد وتقديم الكثير من الحسابات قبل الإقدام على أي جديد في حيواتنا، إلا أن ما حصل في السابع من أكتوبر وما يحدث منذ ذلك الحين من قبل الفلسطينيين ومقاومتهم يجب أن يعلّمنا أننا إن لم نربح شيئًا بقوة الجرأة والشجاعة فلن نخسر شيئًا!
وأن الخوف والجبن سوف يجعلنا نخسر أنفسنا أولًا وقبل أي شيء، وليس أدلّ على ذلك من قول نجيب محفوظ: "الخوف لن يمنع الموت، ولكنه يمنع من الحياة"
9. ضع خططًا بديلة لأي طارئ، وكن مستعدًا لتغيير أهدافك في أية لحظة والتعامل مع أحداث مفاجئة
كما رأينا ونرى، تتغير الأحوال على أناس يعيشون حياتهم – وإن لم تكن طبيعية وهانئة لكنها مستمرة وهم بها راضون – وفجأة ينقلب كل شيء.. لا خطط ولا أهداف يمكن أن ينفذوها.
السؤال: كم واحدًا من الفلسطينيين كان قد بنى أحلامًا وأمانيَ على الأيام القادمة، وكم أمنية كان أصحابها يسعون لتحقيقها.. لكن كل شيء انقلب بين لحظة وضحاها، لذلك لا يَفُتْكَ أن تكون مستعدًا لأي طارئ صغيرًا كان، أم كبيرًا كطوفان الأقصى!