مفاهيم قرآنية على طريق الجهاد

الرئيسية » خواطر تربوية » مفاهيم قرآنية على طريق الجهاد
quran251

ما أشدّ حاجتنا ونحن في معركة مستمرّة مع الباطل -لا سيّما في زمن المادية الطاغية- أن نعود إلى القرآن الكريم كي نَسْتقيَ من نبعِه الصَّافي مفاهيمَنا وأفكارَنا وقِيَمَنا؛ نقيّةً ربّانيّة من لَدُن حكيمٍ خبير.

ومِن هذه المفاهيم التي نحتاج أن نَتَلقّاها من الوحي "مفهوم النّصر"، وما يتعلق به من جهادٍ وإعدادٍ، وأخْذٍ بالأسباب، ومعرفةِ الغاية منه.

ففي غزوة بدرٍ، وبعد أن أنزلَ اللهَ تعالى ملائكته تُقاتل مع عباده المؤمنين؛ جاءت الآيات الكريمة لتُذكّر المؤمنين بمِنّة الله وفضله عليهم، ثم أعقب ذلك بتقرير الحَقائق، ووَضْع النَقاط على الحُروف؛ حمايةً لعقول المسلمين، وترسيخاً للمفاهيم الشّرعيّة التي ينبغي استحضارها في جهادهم الدّائم، فقال سبحانه: {وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطمئنَّ قُلوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ العِزيزِ الحَكِيمِ} [آل عمران: 126].

فقرّرتْ الآيةُ الكَريمةُ أنَّ النّصرَ مِن عندِ اللهِ وحده، وليسَ من عندِ الملائكةِ، ولم يكن إنزالُ اللهُ تعالى للملائكةِ إلّا لمراعاةِ النُّفوسِ البشريّة الضّعيفة؛ كي تستبشرً خيراً وتطمئنّ وتسكن!

ومن بلاغةِ الآية أنْ ختَمَها اللهُ باسْمَيْه العزيزِ الحكيم! فهو سبحانه العزيزُ الذي له كمال القدرةِ على تحقيق النّصرِ، وهو أيضًا الحكيمُ الذي له كمال الحكمةِ والعلم بمن يستحقُّ النّصرَ ومتى يستحقُّ النّصر؛ وِفق حكمته المطلقةِ.

ويترتّب على ذلك أن يفهم المسلمُ ثنائيّة الأخذ بالأسباب والتّوكّل على الله تعالى؛ فالأسباب ليس لها تأثير ذاتيّ مُستقلّ، ولا يمكنها أن تعمل بدون إذن الله، وقد أمَرَنا سبحانه أن نأخذ بالأسباب وأن نُعِدّ ما استطعنا من عُدّة، وأن نستفرغَ الوُسْع في ذلك.. مع تأكيده سبحانه في مواضعَ كثيرةٍ أنَّ الفاعِلية له والأمر كلّه بيده، فهو صاحبُ القدرة المطلقة.. وذلك كي تتعلّقَ القلوبُ به سبحانه ولا تعتمدَ أو تركنَ إلى سواه.. وبذلك تستوي المعادلة، وتتّزنُ النّظرةُ.

وأختم بكلامِ صاحب الظّلال -رحمه الله- إذْ يقولُ في التّعليق على هذه الآية الكريمة: (وبمثل هذه التّوجيهات المكرّرة في القرآن، المؤكَّدة بشتّى أساليب التّوكيد، استقرّتْ هذه الحقيقة في أخلاد المسلمين، على نحوٍ بديع، هادئ، عميق، مستنير. عرفوا أنّ الله هو الفاعل -وحده- وعرفوا كذلك أنّهم مأمورون من قِبَل الله باتّخاذ الوسائل والأسباب، وبذل الجهد، والوفاء بالتّكاليف.. فاستيقنوا الحقيقة، وأطاعوا الأمر، في توازن شعوريّ وحركيّ عجيب!).

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …