الإيمان: أركانه، حقيقته، نواقضه – د. محمد نعيم ياسين

من بين أكثر المشكلات التي تعترض طريق المجموع المسلم في زمننا المعاصر، هي عدم معرفة المسلمين بحقيقة دينهم، في أهم شطر منها، وهو العقيدة؛ حيث التصور الشائع للعقيدة، هو شهادة ألَّا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فيما الكثير من الأمور المتعلقة بالعبادات والمعاملات والسلوكيات التي يفرضها على المسلم اعتناقه هذا الدين، غائبة، سواء على المستوى المفاهيمي أو على مستوى الممارسة.

كذلك لا يوجد فهم حقيقي واضح لنواقض الإسلام، والتي هناك شريحة عريضة منها، يقع فيها الكثير من المسلمين بدون علمٍ.

وبين أيدينا كتاب متخصص يتناول كل ما يتعلق بذلك، بصورة فقهية بحتة، استندت إلى النصوص الشرعية من قرآن وسُنَّة، بالإضافة إلى ما ذكره جمهور العلماء في القضايا التي تناولها المؤلف، وهو العلامة الفلسطيني، الدكتور محمد نعيم ياسين.

الكتاب جاء في 140 صفحة، قسمَّها المؤلف إلى قسمَيْن رئيسيين وخاتمة، تناول في القسم الأول، أركان الإيمان، بدءًا من الشهادتَيْن، ومحتوى ما يعرفه كل مسلم بعقيدة التوحيد، والتي تشمل الإيمان بالله واليوم الآخر وملائكته وكتبه ورسله وقضاء الله تعالى وقدره.

وتناول الكاتب بشيء من التفصيل علامات الساعة وأشراطها، وصفات الملائكة، وعذاب القبر ونعيمه، وسؤال الملكَيْن، وموقف الكُفَّار من القضاء والقدر، وأهمية الإيمان به في أن يحيا المسلم حياةً سوية.

القسم الثاني تناول نواقض الإيمان؛ حيث يجيب فيه أولاً على سؤال عن "كيف يصير الكافر مؤمنًا"، ومركزية الشهادتَيْن في هذا الصدد، ثم ينطلق بعد ذلك لكي يجيب عن سؤال: "كيف يصير المؤمن كافرًا".

وهنا تناول أكثر من فرع، مثل النواقض المتعلقة بذات الله العلية، مثل نقض توحيد الربوبية والألوهية والاسماء والصفات، والطعن في الرسول الكريم "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم".

ثم أفرد جزءًا كبيرًا من هذا القسم للحديث عن قضية ربما هي من أهم شواغل المسلمين في الوقت الراهن، وهي موالاة الكافرين، والمحاذير الموضوعة في تكفير المسلم الذي يقوم بعمل في هذا الصدد.

واستند في هذا الصدد إلى كلام الشيخ أحمد شاكر، ومن العلماء القدامى، كلام الإمام أحمد بن تيمية، والإمام الحافظ ابن كثير، وشروح العقيدة الطحاوية.

الخاتمة التي كانت مطوَّلة تناول فيها كذلك قضية جدلية مهمة، تُعتبر من أساسيات أزمة تكفير المسلم لدى بعض الحركات المنتسبة إلى الإسلام، وهي حكم أهل المعاصي.

وبالرغم من تعدد المدارس الفقهية التي عرض موقفها في هذا الصدد، ولاسيما حكم مرتكبي الكبائر؛ إلا أنه مال إلى تأييد ما ذهب إليه أهل السُّنَّة والجماعة في هذا الصدد، وهو عدم تكفير مرتكب الكبيرة.

ويُلاحَظ في هذا الشأن، أن المؤلف اهتم بتنويع مصادره والمدارس الفقهية التي استند إليها، سواء فيما ذهبت إليه، أو في تنويعها زمنيًّا بين ما هو قديم ومعاصر يراعي المستجدات، مع تقديم رأيه بترجيح هذا الحكم أو ذاك، ولم يقف عند مستوى العرض والنقل من المتون فقط، وإن كان في الغالب ما يميل إلى آراء الأصوليين والسلفيين المتأخرين في هذه المسألة أو تلك.