• Version
• Download 6
• File Size 6.69 MB
• File Count 1
• Create Date 30 أبريل,2025
• Last Updated 18 مايو,2025

الفطرة وعلاقتها بأصول التشريع الإسلامي - نجية عابد

يتناول كتاب الفطرة وعلاقتها بأصول التشريع الإسلامي موضوعًا بالغ الأهمية في علم أصول الفقه، إذ يبحث في العلاقة بين مفهوم الفطرة الإنسانية السليمة ومبادئ التشريع الإسلامي، ويقدّم معالجة علمية تهدف إلى إبراز مركزية الفطرة كمصدر معرفي أصيل، وكمحور يمكن أن يُبنى عليه كثير من الأحكام والتصورات. ينطلق المؤلف من كون الفطرة هي الأصل في تكوين الإنسان، وهي مستودع القيم الأول، وأن الشريعة جاءت منسجمة مع هذه الفطرة، بل مؤكدة لها ومزكّية لما فيها من قابلية الخير والحق، لا مصادمة لها ولا مناقضة.

يعتمد الكتاب على المنهج التحليلي المقارن، ويستعرض الأقوال المختلفة حول مفهوم الفطرة، ومدى اعتبارها في الاستدلال الشرعي، ويتناول بالدراسة التأصيلية كيف وظّف علماء أصول الفقه مفهوم الفطرة في بناء قواعد التشريع، سواء في باب المصالح المرسلة، أو العدل، أو الاستصلاح، أو مراعاة أحوال المكلفين. ويرى المؤلف أن الفطرة تُمثّل الجسر الرابط بين عالم الوحي وعالم الإنسان، وأنها لو فُهمت فهما صحيحًا، يمكن أن تكون مدخلاً قويًا لفهم مقاصد الشريعة، ومصدًّا للتيارات التي تتهم التشريع الإسلامي بعدم الواقعية أو الجمود.

ويستعرض المؤلف نصوص القرآن والسنة التي تشير إلى الفطرة، مثل قوله تعالى: "فطرة الله التي فطر الناس عليها"، ويُبرز كيف أن هذه الفطرة تتضمن قابلية الإيمان، وحب الخير، والنفور من الشر، وهي مبادئ تُعدّ في أصلها أُسسًا لأي نظام تشريعي أخلاقي سليم. كما يناقش الكتاب العلاقة بين الفطرة والعقل، ويرى أن كلاهما مصدران متكاملان لفهم الوحي، وليس بينهما تعارض، بل علاقة انسجام وتكامل.

من القضايا التي يطرحها الكتاب كذلك: حدود الاحتجاج بالفطرة في الفقه الإسلامي، وهل تصلح الفطرة لأن تكون أصلًا من أصول التشريع المستقلة، أم أنها تُعدّ فقط مرجعًا مساعدًا؟ كما يناقش الموقف من التحولات الفطرية الناتجة عن الانحراف أو التبدّل الحضاري، وكيف يمكن للفقيه أن يميّز بين الفطرة السليمة والفطرة المشوّهة، في سياق تغيّر العادات والمفاهيم.

ويعدّ الكتاب إسهامًا معرفيًا يُثري النقاش حول تجديد أصول الفقه، من خلال التأسيس لرؤية تجعل من الفطرة عنصرًا حيًّا في البناء التشريعي، لا مجرد مفهوم وعظي أو وجداني، بل إطارًا مرنًا يعيد للتشريع حيويته واتصاله بالإنسان كما خُلق. وهو بذلك يربط بين الجوانب العقدية والتشريعية والفلسفية في عرض متماسك، يعيد الاعتبار لقيمة الإنسان في الخطاب الأصولي.

Attached Files