- Version
- عدد مرات التحميل 4833
- حجم الملف 4.40 MB
يرى البعض أن مالك بن نبي هو ابن خلدون العصر الحديث، وأنه – مع آخرين من المفكرين المسلمين المحدثين – مجدد علم العمران والاجتماع الذي وضع عبد الرحمن بن خلدون أسسه قبل قرون طويلة.
وفي حقيقة الأمر؛ فإن هذا المفكر الجزائري الأصل، انشغل بشكل أساسي بالقضايا المتعلقة بالحضارة والمدنية، والتي رأى أنها الحلول الأنسب لمشكلات التراجع الحاصل على مستوى الأمة المسلمة.
وبين أيدينا أحد كتبه المهمة التي صدرت ترجمة عربية لها، بعنوان: "القضايا الكبرى" ضمن مشروع فكري حمل مسمى "مشكلات الحضارة"، صدرت تحته عناوين أخرى.
الكتاب جاء في 224 صفحة، قسَّمها إلى مقالات تناولت المجموعة الأهم من المشكلات التي واجهت الجزائر، وكذلك الأمة الإسلامية، في مرحلة ما بعد الاستقلال.
وهي في الأساس ترجمة لخمسة محاضرات ألقاها على فترات متفرقة في محافل فرنسية، كان بعضها عن الحالة الجزائرية بعد الاستقلال، ضمَّنها في كتاب له بعنوان: "آفاق جزائرية"، وبعضها عن قضايا الحضارة والأيديولوجية والمشكلات التي تواجه الأمة الإسلامية في هذه المرحلة من تاريخها، ضمَّنها في كتابه "الديمقراطية في الإسلام".
ومن خلال العرض الذي قدمه عمر مسقاوي، وهو أحد تلاميذ بن نبي، لمحتوى الكتاب؛ فإنه يمكن القول إن الأفكار التي قدمها بن نبي عن الحالة الجزائرية ومشكلاتها في مرحلة ما بعد الاستقلال عن فرنسا؛ كانت معبرة بدقة عن سلسلة من الأحوال والمشكلات القائمة على مستوى الأمة بالكامل، كنموذج مصغَّر لها، من أبرزها مشكلة التخلف، وسؤال التنمية.
وتناول الكتاب ومقالاته في هذا الإطار، أثر التجربة الاستعمارية على الحالة الجزائرية، وعلى العالم الإسلامي بشكل عام، في الجوانب الثقافية والاجتماعية والسياسية، ودور الحركة الوطنية التي ظهرت في الجزائر، وظهر مثلها في كثير من بلدان العالم الإسلامي، وتصدرت، إسلامية أو غير إسلامية، مشهد الاستقلال.
ويركز بن نبي في هذا الإطار على دور التعليم في مواجهة مشكلة التخلف، والنهوض بعملية تنموية شاملة، ويشير إلى حالة الإحباط التي اعترته عندما تم تعيينه مسؤولاً عن التعليم العالي في الجزائر بعد الاستقلال.
المركزية الأخرى التي ركز عليها بن نبي، هو تأكيده على أثر الاستعمار والمستشرقين على الحالة الفكرية والثقافية في الجزائر، وفي عموم العالم الإسلامي، وأشار إلى أن ذلك واقع ينبغي التعامل معه والانطلاق منه من أجل إحياء ثقافة الأمة الذاتية مجددًا.
وفي هذا الإطار، يناقش بانفتاح كامل، قضية الأخذ من الميراث الحضاري الغربي، وكيف يمكن تطوير نماذج ذاتية ذات خصوصية من الديمقراطية وغير ذلك من مفردات المكوِّن السياسي والاجتماعي الغربي.
ولعل أهم رسائل الكتاب؛ هي أن بن نبي يرى أن استعادة الأمة لهويتها، لن يتأتى بالانغلاق والعودة إلى الأصول القديمة بشكل جامد؛ حيث ينبغي مراعاة متطلبات العصر، وما تطرحه في صدد النموذج التنموي المطلوب.
File | Action |
---|---|
107145.pdf | تحميل |