تأملات – مالك بن نبي

ضمن اهتمامه الأصيل بقضية التطور الحضاري، ومشكلاته في وطنه الأم الجزائر، وفي العالم العربي والإسلامي بشكل عام؛ وضع المفكر الإسلامي مالك بن نبي مجموعة من الأدبيات في إطار عنوان كبير، هو "مشكلات الحضارة".

وضمن هذا العنوان، ألقى بن نبي مجموعة من المحاضرات، ووضع العديد من الدراسات والمقالات، التي تم إصدارها في كتب بعد ذلك.

وبين أيدينا كتاب بعنوان "تأملات"، صدر بإشراف "ندوة مالك بن نبي"، وهي هيئة تعنى بالنتاج الفكري للمفكر الراحل، وتعمل على نشره.

الكتاب الذي جاء في 240 صفحة، كان قد صدر قسم منه عام 1960م، تحت عنوان: "حديث في البناء الجديد"، وقسمه الآخر، صدر عام 1961م، بعنوان: "تأملات في المجتمع العربي".

ويعالج الكتاب العديد من الظواهر التي توطنت في العالم العربي والإسلامي، وكيفية التعامل معها، والعمل على البدء في بناء جديد، ينقل الأمة إلى مستوى تعود به إلى المشاركة في مسيرة الحضارة الإنسانية.

والتأملات التي وردت في الكتاب، هي حاصل ما أحاط بالمؤلف من أحداث في الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن العشرين، خلال جولاته في مصر وسوريا ولبنان.

والسمة الأهم في مقالات مالك بن نبي التي تضمنها الكتاب، هي أنه لم يقف عند حد التنظير، أو عند مستوى الخطاب الحماسي.

فهو عندما يتناول مشكلات العالم العربي والإسلامي؛ فإنه يقدم تشريحًا دقيقًا للواقع المجتمعي والسياسي، وكذلك تشريحًا ثقافيًّا؛ لأنه كان يؤمن أن الجانب الفكري هو أساس أية نهضة.

كذلك بدا الجانب التطبيقي في نظرته للأمور، في تناوله لقضية الديمقراطية، والتي أكد أنها لا تزال بحاجة للكثير من الإعداد لكي تكون نمطًا للحكم في عالمنا العربي والإسلامي.

إضافة إلى ذلك؛ فإنه عندما يطرح قضايا التخلف وسؤال التنمية؛ فإنه يؤكد على أن عموم المشكلة؛ يتطلب إجراءات على مستوى الأمة بالكامل.

بل إنه وسَّع رؤية تناوله؛ فأكد على أهمية أن يكون العمل الجماعي شاملاً لكل بلدان الجنوب أو العالم الثالث التي تسعى إلى النهضة.

ومن هنا اهتم بالكتابة عن حركة التضامن الأفرو آسيوي التي كانت قد بدأت في ذلك الحين في التبلور، وتأثر بما عاشه في القاهرة بالذات من حِراك في هذا الاتجاه.