دراسات تاريخية منهجية نقدية – د. محمد موسى الشريف

خلافًا لما يظنه الكثيرون؛ فإن عملية قراءة التاريخ ودراسته، ليست بالأمر السهل؛ حيث الكثير من الحوادث التاريخية، خاضع لعوامل قد تحيد من الحقيقة، فيكون الأمر مطلوبًا معه قراءة أكثر من مصدر، كذلك مع التباس بعض الأمور، والبُعد الزمني عن العصر الذي تتم فيه قراءة الحدث، بالإضافة إلى العامل الأهم، وهو طغيان الهوى على كَتَبة ومدوِّني الحدث التاريخي.

وفي هذا الإطار، يقدم لنا المفكِّر الإسلامي، الدكتور محمد موسى الشريف، هذا الكتاب، "دراسات تاريخية.. منهجية نقدية"، لكي يرشدنا إلى الكيفية الملائمة لقراءة التاريخ ودراسته بالصورة التي تحقق الهدف الأساسي، وهو الوصول إلى حقيقة ما جرى في المرحلة المعنية.

الكتاب صدر في العام 2016م، عن "دار الأمة" بجدة، وجاء في 580 صفحة تقريبًا، وقسَّمها المؤلف إلى ست رسائل أساسية كما وصفها، وكل رسالة منها، قسَّمها إلى مباحث ومطالب ومقالات فرعية، مع خاتمة، ومصادر ومراجع في كلٍّ منها.

الرسالة الأولى، جاءت في ثلاثة مباحث، كانت في صُلب عنوان الكتاب؛ فكانت عن كيفية قراءة التاريخ وفهمه، وركَّز في نقطة المصادر على المصادر الإسلامية، وعلى رأسها القرآن الكريم والسُّنَّة والسيرة النبويتَيْن، ثم المصادر العامة الأخرى.

كذلك تناول في هذه الرسالة، خصائص التاريخ الإسلامي، ومنها الانضباط والدقة.

الرسالة الثانية، جاءت في أربعة مباحث، وكانت عن طرائق إعداد المؤرخ الثقة، فتناول أولاً صفات المؤرخ الصحيح، ثم عملية تأهيله، مُركِّزًا على التأهيل الشرعي، ثم الثقافي والمعرفي.

الرسالة الثالثة، كانت الأطول؛ حيث جاءت في عشرة مباحث، وخصصها الكاتب للحديث عن التراجم والسير الذاتية، وأهميتها في قراءة التاريخ ودراساته، وتناول في هذا القسم من كتابه، قواعد الكتابة الصحيحة للتراجم.

أما الرسالة الرابعة، فقد تجاوز فيها المؤلف عن منهجية التقسيم إلى مباحث؛ حيث عُنِيَ فيها بتقديم نبذات موجزة عن أهم كتب التاريخ، مثل "تاريخ الطبري" و"سيرة ابن هشام" و"المقدمة" لابن خلدون.

الرسالة الخامسة خصصها للحديث عن الضوابط المنهجية في عرض السيرة النبوية، وحدد فيها تسعة ضوابط، مثل عدم التصرف في نصوص السيرة الشريفة بحكم العقل المجرَّد عن النص، وضرورة شمول العرض.

فيما تناولت الرسالة السادسة والأخيرة، جهود المؤرخين المحدثين في خدمة السيرة النبوية، وعرض فيها عددًا من الكتب التي تناولت السيرة النبوية لكبار المفكرين الإسلاميين المعاصرين، مثل الدكتور أحمد شلبي، والأستاذ محمود شاكر، والدكتور عماد الدين خليل، وغيرهم.