سورة الكهف..منهجيات في الإصلاح والتغيير- د. صلاح سلطان

تُعتبر قصة فِتْيَة الكهف، من أهم القَصَص القرآني؛ حيث تختص بمعانٍ عديدة تطرح منهجية عمل في أكثر من اتجاه، من بينها الصبر والمثابرة على الإيمان، وتعلُّم ترك الدنيا لأجل الدين مهما كانت العقبات أو المغريات، وأهمية الإيمان ورضا الخالق في تحقيق السعادة في الدنيا، وفي الآخرة، وضرورة توظيف ما مكَّن اللهُ تعالى فيه الإنسان من أمور ومقدَّرات، في سبيل الله عز وجل، مع طائفة أخرى من الدروس المستفادة في اتجاهات عديدة، في ظل تعدد القَصَص والمواقف الواردة فيها.

والكتاب الذي بين أيدينا، وحمل "سُورة الكهف: منهجيات في الإصلاح والتغيير.. دراسة تأصيلية تطبيقية"، هو أحد الكتب التي وضعها علماء ومفكرون مسلمون في تحليل هذه السُّورة، وهو من تأليف المفكر الإسلامي، الدكتور صلاح سلطان.

الكتاب جاء في 190 صفحة، وقدَّم له المستشار فيصل مولوي، الأمين العام الراجل للجماعة الإسلامية في لبنان، والمفكر الإسلامي المصري المعروف، الدكتور محمد عمارة، الذي قدَّم في مقدمته التي لا تنفصل عن محتوى الكتاب، 13 نقطة، توضح منهجية القرآن الكريم في التلقين والتعليم، ومنها الوضوح والوسطية، وأنه يدل على المعرفة، ويعترف بالتنوع والتعدد، وغير ذلك.

الكتاب نفسه؛ جاء في 14 نقطة، أطلق عليها الدكتور سلطان، مسمَّى "منهجية"، تناول في كل نقطة منها، توجيه معين في سُورة "الكهف"، والآيات الدالة عليه منها. أي أنه لم يفسِّر الآية أو يحكي قصصها بالطريقة التقليدية المتعارف عليها في كتب التفسير.

وبدايةً يميِّز سلطان بين المنهجية والشرعة؛ حيث الشرعة هي الحكم الشرعي، بينما المنهجية، هي الكيفية التي يتم بها الوصول إليه، وتطبيقه.

ثم ينتقل بعد ذلك إلى عرض تصوراته حول سُورة "الكهف"، فيبدأ بمنهجية التدرُّج من الاستضعاف إلى الحوار، ومنها إلى التمكين، ومنهجية بعث الأمل، والتحليل العميق للموقف، ووضع الحلول المناسبة للمشكلات القائمة، وذلك من خلال قصة فِتْيَة الكهف.

كما تناول منهجية ربط الأسباب بالنتائج، ومنهجية الإدارة الربانية، والتي تقوم على مبادئ ذكر منها، مبدأ الحوار، ومبدأ التفويض في الإدارة، ومبدأ فرق العمل، والتذكير فالعقاب، ثم الحسم، من خلال قصة موسى (عليه السلام) ورفيقه، وقصة الرجل الذي كفر بنعمة الله عز وجل.

كما تناول منهجية إدارة الفتن وكيفية التعامل معها كما وردت في السُّورة؛ حيث تناول فتنة زينة الحياة الدنيا في المال والولد، وفتنة السلطة، وفتنة الأصدقاء، وفتنة الشيطان الرجيم، وفتنة العلم.

كما قدم الآيات التي تشجع على الارتقاء في العبادة، من الممارسة إلى التذوق، ومنهجية الخطاب الدعوي المطلوب، وكيف يمكن للإنسان أن يختار في حياته.

وأخيرًا ينهي بمنهجية العناية الربانية، حال أداء الإنسان لما عليه من واجبات إزاء ما وضعه الله تعالى فيه من نعم، وكيفية تعامله مع المواقف المختلف وفق شرعة الله عز وجل.