فقه الجهاد – د.يوسف القرضاوي

يُعتبر الجهاد من أهم الفرائض في الإسلام، إلا أنه، مع فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجهت الكثير من مساعي الطمس والتطويع من جانب الكثير من الأطراف، سواء الحكومات والأنظمة المستبدة التي تعاقبت على حكم بلدان عالمنا العربي والإسلامي، أو قوى الاستعمار والاستكبار العالمي، التي يهمها أن ينكفئ المسلمون على أنفسهم، وتجريد الإسلام من أهم أسلحته في الدفاع عن قيمه، وعن حدوده، وعن أمته.

وفي ظل متطلبات الصراع مع العدو الصهيوني، على أرض فلسطين، ومن خلفه القوى التي تعادي المشروع الإسلامي منذ بداية ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، عندما تحرَّشت الدولة الرومانية بحدود الدولة البديلة؛ فإنه كان من اللازم العمل على إحياء الكثير من الأمور التي دفنتها عوائد الزمن والسياسة، وعلى رأسها الجهاد وفقهه.

وهذا الكتاب الذي وضعه الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بعنوان: "فقه الجهاد: دراسة مقارنة لأحكام الجهاد وفلسفته في ضوء القرآن والسُّنَّة"، هو من أكمل وأشمل الموسوعات التي تم وضعها في العصر الحديث عن الجهاد، والأمور المتعلقة به.

والطبعة التي بين أيدينا، هي الطبعة الثانية، وتضمنت المزيد من الإضافات والملاحق الأساسية، إضافة على طبعته الأولى، بحيث استوفى مختلف أركان الحديث عن مسألة "الجهاد"، والأحكام المتصلة بكل ركن منها.

وفي هذه الطبعة، وسَّع الدكتور القرضاوي من نظرة تناوله لمسألة "الجهاد"، بحيث يمكن اعتبار هذا الجزء من الكتاب، هو سفر متكامل عن أحكام الحرب والسلم والقتال في الإسلام، وبالذات القضايا الخلافية، مثل ضمان أمان المدنيين والأبرياء وكذلك قضية العنف في وجهه السياسي على النحو الذي تعرفه الساحة الإسلامية وبلدان العالم العربي والإسلامي في زمننا المعاصر، مركزًا على الحالة المصرية لمركزيتها في هذا الصدد، والمراجعات التي أجرتها الجماعة الإسلامية في الإطار.

كما وسَّع المؤلف في تناوله لقضية الحرب والسلم في الإسلام، بحيث تناول قضية الحوار مع الآخر غير المسلم، سواء أهل الكتاب، أو الوثنيات الشرقية، مثل البوذية والهندوسية، وما يطرحه ذلك في صدد قضية التسامح وقبول الآخر، وتأصيلها في الإسلام.

كما أنه تناول الكثير من القضايا المطروحة على الساحة الإسلامية المعاصرة؛ حيث تناول حقائق الصراع مع الصهاينة، وموقف الغرب المسيحي اليهودي، من المسلمين، وأزمة التنصير بين ظهراني عالمنا الإسلامي.

الكتاب لم يقف عند حد تناول الأمور والأحكام الشرعية؛ حيث قدم تصورات للمعالجة في مختلف القضايا التي تناولها، كما حرِص على أن تكون الملاحق توضيحية للمحتوى؛ إذا ضمنها فتاوى لعلماء المسلمين في القضية الفلسطينية والجهاد، وغير ذلك من الأمور التي تضمنها الكتاب، ووثائق تتعلق بالتنصير، والإسلاموفوبيا واضطهاد الإسلام والمسلمين في أوروبا والولايات المتحدة، وغير ذلك.