- Version
- عدد مرات التحميل 3835
- حجم الملف 2.21 MB
يُعتبر تنظيم الدولة "داعش"، من أبرز الظواهر التي طرأت على الساحة الإسلامية، وأدت – وفق غالبية معتبرة من المحللين والمهتمين، ومن أبناء الحركة الإسلامية - إلى آثار سلبية كبيرة على سياقات وصيرورات المشروع الإسلامي، وقادت إلى تراجعات وخسائر لجهد عقود طويلة من الدعوة، سواء إعادة تعريف المسلمين بدينهم في المجتمعات المسلمة، أو في مجتمعات الدعوة غير المسلمة.
ولعل أهم الجوانب التي اهتم بها المفكرون الإسلاميون في الفترة الأخيرة، وفي السنوات التي تلت سيطرة التنظيم على مناطق واسعة من سوريا والعراق، وإعلانه ما أطلق عليه مسمى "دولة الخلافة"، ونجاحه في الحصول على "بيعة" تنظيمات أخرى مسلحة، من المصنَّفة تحت تصنيف "السلفية الجهادية"؛ هي تلك الجوانب المتعلقة بنشأة التنظيم، وكذلك أفكاره والفقه الذي يستند إليه، وتفنيد ما يقوله قادته بأنهم يستندون إلى صحيح الدين الإسلامي الحنيف.
وبين أيدينا كتاب على أكبر قدر من الأهمية في هذه الاتجاهات، وهو كتاب "الدولة الإسلامية "داعش": نشأتها – حقيقتها – أفكارها – وموقف أهل العلم منها"، من إعداد الدكتور صالح حسين الرقب، الأستاذ بكلية أصول الدين، بالجامعة الإسلامية، في غزة.
الكتاب تبنى أكثر من منهج في سبيل تحقيق الهدف منه، ولكن ينبغي التأكيد على أن كاتبه قد بدأ في كتابته في ظل أجواء سياسية معينة سادت قطاع غزة في الفترة التي وضع كتابه خلالها، عندما بدأ التنظيم في إصداراته الإعلامية المختلفة، في تكفير حركة "حماس" التي تسيطر على القطاع، ويدعو إلى "الجهاد" ضدها.
الكتاب جاء في 253 صفحة، قسَّمها المؤلف إلى عشرة مطالب، مع مقدمة وخاتمة وخلاصات.
المطلب الأول، تناول فيه نشأة التنظيم، انطلاقًا من العراق بعد الاحتلال الأنجلو أمريكي له في العام 2003م، والتطورات التي مرت بها التنظيمات الجهادية التي خرج التنظيم من اجتماعها معًا وبالذات جماعة "التوحيد والجهاد"، ثم النزاعات قامت بينها وبين "جبهة النصرة"، وانتهت بانفصال "داعش" عن تنظيم القاعدة، وإعلان نفسها تنظيمًا مستقلاً.
المطلب الثاني تناول تشكيلة القيادات العسكرية والشرعية للتنظيم، مع ملاحظات للكاتب على شخصية زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، وقادة التنظيم بشكل عام، سواء في العراق أو في سوريا، وإشارته إلى أن غالبية قيادات التنظيم من حزب البعث العراقي السابق، ودور إعلام "داعش" في تسويق التنظيم، والتغرير بالشباب المتحمس، ولكن غير الواعي أو الفاهم لدينه، لأجل الانضمام له.
المطلب الثالث، وهو ما يُعتبر الأهم في الكتاب، أجاب فيه المؤلف على تساؤل مهم للغاية، وهو: "هل دولة البغدادي شرعية؟".
ولقد أجاب الكاتب بالنفي؛ حيث يقول إن "الخليفة" البغدادي ودولته، لم يحققا مهام الخليفة ولا الخلافة، كما تمت إقامة "الدولة" دون أي تدرج أو مرحلية، وأن البغدادي لم يبايعه إلا أفراد تنظيمه، وليس عموم الأمة.
كما أشار المؤلف إلى أخطاء وقع فيها "شرعيي" "داعش،" مثل المقارنة بين دولة "داعش"، ودولة الرسول الكريم "صلى اللهُ عليه وسلَّم"، وإسقاط مصطلح دار الحرب ودار الإسلام، وغيرها مما ينقض أركانها وأسسها.
المطلب الرابع، كان كذلك من المطالب المركزية في الكتاب؛ حيث تناول المرتكزات الفكرية العامة لـ"داعش"، والتي تسقط مشروع التنظيم بالكامل، ومن بين ذلك أخطاؤهم في تطبيق عقيدة الولاء والبراء، والغلو في التكفير والقتل بغير حق، وعدم تفريق "داعش" في التكفير بين الطائفة والأعيان، وتكفير "داعش" للجيوش العربية والإسلامية، وللإخوان المسلمين والرئيس المصري السابق، الدكتور محمد مرسي، وممارسة الكذب والتُّقَيَّة، وغير ذلك من المخالفات الشرعية.
المطلب الخامس، وكان موجزًا، قارن فيه الكاتب بين "داعش" و"الخوارج"، وانتهى إلى أنهم يخالفون الخوارج في الكثير من الأمور التي غَالَوا فيها.
المطلب السادس، تناول فيه أوجه تغرير "داعش" بالشباب، سواء من خلال الادعاء بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وللحدود، وإباحة سبي النساء، والرواتب الشهرية، وكل ما من شأنه المساس بصورة المشروع الإسلامي النقية.
المطلب السابع، جاء شديد الإيجاز، وربما كان تمهيدًا للمطلب التالي؛ حيث تناول ما وصفه بالمغالطات المكشوفة للتنظيم في المجال الفقهي.
المطلب الثامن، حمل ملاحظات للمؤلف على الجانب الفقهي عند "داعش"، وهنا يظهر البُعد أو الخلفية السياسية لباعث وضعه هذا الكتاب، وهو تكفير التنظيم لحركة "حماس"، والملاحظات التي أعلنها "داعش" على الحركة بسبب سياساتها، ومواقف لها، مثل دخولها انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الثانية، عام 2006م، وهو ما رد الكاتب عليه سياسيًّا وشرعيًّا.
المطلب التاسع، حاول المؤلف فيه أن يحدد الأطراف التي تقف وراء تأسيس التنظيم، ورجَّح أن تكون الولايات المتحدة، أو بعض الأنظمة الإقليمية، مثل النظام الإيراني، وراء تأسيسها، ولكنه وصل إلى يقين بأن التنظيم مُخترَق من جانب بعض أجهزة المخابرات المعادية للمشروع الإسلامي في المنطقة، مثل المخابرات السورية.
ويشير إلى أن السقوط السريع لمدينة "الموصل" العراقية، على وجه الخصوص، في قبضة التنظيم في العام 2014م، واتهامات لساسة شيعة عراقيين، بالتورط في ذلك، من أجل تبرير ضرب أهل السُّنَّة في العراق.
أما المطلب العاشر والأخير، فقد تناول فيه المؤلف مواقف أهل العلم وغيرهم من "داعش"، فعرض موقف هيئات وروابط، مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والروابط العلمية والهيئات الشرعية السورية، وهيئة علماء المسلمين بالعراق، والمكتب العلمي بهيئة الشام الإسلامية، وشخصيات مثل الشيخ محمد بن صالح المنجد، وكلها أجمعت على خروج التنظيم عن صحيح الدين الحنيف ومنهجه، وفندت مواقف وسياسات "داعش" في المناطق التي تسيطر عليها، وخطابها الفقهي والإعلامي بشكل عام.
File | Action |
---|---|
book_alraqb.pdf | تحميل |