كتاب العصف المأكول، المنهج والتربية والتحرير

كانت معركة "العصف المأكول"، التي اندلعت صيف العام 2014م، بين المقاومة الفلسطينية، وبين الكيان الصهيوني وترسانته العسكرية، أهم الجولات العسكرية التي جرت بين المقاومة وبين الجيش الصهيوني؛ حيث أثبتت المقاومة فيها كفاية عسكرية، كان لها أبلغ الأثر على مختلف المستويات، السياسية والمعنوية، وغيرها.

ولعل أهم هذه الآثار، هو ما أبرزته الحرب، وما حققته المقاومة فيها من منجزات، وكشفت عنه من حجم التطور في تكتيكاتها الحربية، وقدراتها العسكرية، في صدد إمكانية التصدي لخصم أكبر وأقوى مثل الكيان الصهيوني، من خلال كفاءة الإعداد، بمختلف مستويات هذا الإعداد، ولاسيما التربية وإعداد الإنسان.

في هذا الإطار، يتناول هذا الكتاب الذي وضعه فريق عمل "المنارات للبحوث التربوية"، وأصدره "بصائر للأبحاث والتطوير والدراسات"، في العام 2015م، ما تطرحه حرب "العصف المأكول"، في شأن أهمية العامل التربوي، والتنشئة الفكرية، في تجييش المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة بالكامل، في صدد الغاية الأساسية، وهي تحرير فلسطين.

الكتاب الذي جاء في مقدمة وخاتمة، وأربعة فصول، يتناول أكثر من جانب.

الجانب الأول، هو المتعلق المعجزة التي تحققت على يد المقاومة، في ظل الفارق المادي في مصادر القوة وعواملها، مما دعا الكتاب إلى وصف "العصف المأكول" بـ"عين جالوت العصر".

الجانب الثاني، تناول فيه الكتاب بشكل مفصَّل، المنهج الذي تم الاستناد عليه لإعداد الجيل الذي حارب في هذه المعركة، وخصوصًا الإعداد المفاهيمي والفكري والتربوي، والمرجعيات الفكرية وعلى رأسها القرآن الكريم، والمرجعيات الحركية، مثل المخيمات ودور المساجد، وكذلك القدوات التي سبقت وبذلت حياتها في سبيل القضية.

الجانب الثالث الذي تناوله الكتاب، كان رصديًّا؛ حيث تناول المواجهات المسلحة المتتالية التي وقعت بين المقاومة الفلسطينية، وما تطرحه في صدد قضية الكتاب المركزية، وهي الإعداد، سواء فيما يتعلق بمراكمة المقاومة للخبرات، ونمو قدراتها العسكرية، والطاقات الذاتية، ومظاهر التفاف أهل القطاع حول المقاومة، بسبب ما تبنته المقاومة وقياداتها السياسية من برامج تنشئة وتوعية وعمل في الجانب المجتمعي.

الجانب الرابع، هو ذلك المتعلق بالنواحي المفاهيمية التي جاء فيها "العصف المأكول" والانتصار الذي تحقق، ولاسيما فيما يتعلق بسُنن الله تعالى، في الجهاد ومركزيته في عقيدة المسلم، وفي التدافع الإنساني، وسُنَن التغيير والإعداد، والابتلاء والتمحيص، وصولاً إلى سُنَّة النصر والتمكين.

ثم ختم الكتاب بالحديث عن كيفية الاستفادة من هذه السُّنن، ومن دروس المعركة، والكيفية التي تم الإعداد لها بها، وكيفية المراكمة على ذلك كله، من أجل الانطلاق نحو التحرير الكامل لفلسطين.