قبل أيام قليلة، جسد طلبة التوجيهي في غزة والضفة المحتلة قدرتهم على التحدي والطموح وتحقيق معدلات النجاح رغم كل الظروف الصعبة التي يحياها الفلسطينيون في شقي الوطن.
صور الإصرار والعزيمة لدى الطلبة الفلسطينيين وذويهم شكلت تحدياً وانتصاراً على الاحتلال والدمار والظروف الصعبة التي يعيشون تحت وطأتها.
فانقطاع التيار الكهربائي وتداعيات الحرب على غزة وما نجم عنه من تشريد وتدمير واستشهاد، والعدوان المتواصل على الضفة المحتلة وقتل الأبرياء بدم بارد، لم يمنع طلبة التوجيهي من انتزاع التفوق وإضاءة واقعهم بالنجاح.
مظاهر الفرحة بالنجاح والتفوق في الثانوية العامة والتي عمت أرجاء القطاع الضفة وغمرت هؤلاء المتفوقين وذويهم بالسعادة كانت هي الصورة الأكثر حضورا والتي حملت في طياتها الكثير من المعاني الإنسانية التي فاضت بها المشاعر.
فالمنازل التي قلما يدخلها الفرح في هذا القطاع ازدانت بالأمس القريب بالمهنئين والأقارب والأصدقاء الذين أرادوا مشاركتهم هذه المناسبة.
الإرادة والإصرار على التفوق وتحقيق الذات رغم كل التحديات كان هو الجانب الأبرز في هذه المناسبة حيث تجاوزت الطالبة صابرين محمد الشيخ أحمد كل ظروف الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من عشر سنوات ووصلت لقمة التفوق، ونالت أحد المراكز الأولى على فلسطين في "التوجيهي"، لتؤكّد أن الحصار والدمار لا يمكن أن يفتّت من قوة وعزيمة الغزيين.
المعاناة تخلق الإبداع

الدكتور فضل أبو هين رئيس قسم علم النفس بجامعة الأقصى بغزة والمختص الاجتماعي، عزا هذا الإصرار لدى الطلبة ليؤكدوا دومًا أن الاحتلال والحصار لن يقفا عائقًا أمام طموح وإرادة الفلسطيني في كافة المحافل.
وقال أبو هين لـ" بصائر" المعاناة تخلق أجواء من الإبداع والتمييز لدى الإنسان الفلسطيني الذي يعيش في أجواء حصار وضغط نفسي وبالتالي أحد المخارج التي يلجأ إليها الطلبة في التعامل مع ظروف الضغط النفسي والحياة الصعبة بسبب الحصار والمعاناة اليومية أن يقدموا أشياء متميزة لإثبات ذاتهم ومكانتهم في الحياة وإثبات أن اليأس غير موجود في القاموس الفلسطيني.
وأضاف أبو هين: ظرف الحياة في غزة وارتفاع نسبة البطالة وندرة فرص العمل كلها عوامل تدفع الإنسان الفلسطيني لإثبات ذاته لأن يكون متميزا بمعارفه وخبراته.
وأشار الى الدافعية العالية لدى الأهل في قطاع غزة وكذلك في الضفة لحث أبنائهم والضغط عليهم من أجل الدراسة حتى تكون لهم مكانة في المستقبل لافتا إلى أن التعليم هو الحصن والأمان المستقبلي للأبناء في ظل محاولات الاحتلال قتل إبداعاتهم.
وشدد على أن التعليم "من أقوى أسلحة الأمم، وفي فلسطين العلم هو رأس مال شعبنا، وأغلى ما نملك الإنسان".
وتابع: الشاب الفلسطيني في غزة محروم ومقهور وغير قادر على الحركة وبالتالي لايوجد أمام هؤلاء الأبناء إلا التميز وتحقيق مكانة لهم واختيار آفاق الحياة، مشيرا إلى أن كل محاولات الاحتلال في محاصرتهم وقتل روحهم المعنوية ستفشل أمام إصرارهم في تحقيق ذاتهم ونجاحهم في الوصول لمكانة مرموقة ومتميزة أمام شباب العالم.
د. أبو هين: تميز الطلاب والطالبات دليل مواصلة طريق العلم والإبداع والتميز، وإصرار كبير على مواجهة التحديات بالتسلح بالعلم
وأشار إلى أن استمرار المسيرة التعليمية رغم الحصار والعدوان جزء من تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، مبينًا أن تميز الطلاب والطالبات "دليل مواصلة طريق العلم والإبداع والتميز، وإصرار كبير على مواجهة التحديات بالتسلح بالعلم".
