تحدثنا في المقال السابق عن فكر الجماعة التربوي، وسعيها لأسلمة المنهاج التربوية. واليوم سنتكلم عن قضية هامة، وهي محو الأمية، ودورها في تطوير المؤسسات التعليمية، وأبرز الأهداف التربوية التي تسعى الجماعة لتحقيقها.
فقد شاركت الجماعة في مشروعات كثيرة تهدف إلى مكافحة الأمية، وقدمت الحقائب المدرسية والكراسات والأقلام للطلاب الفقراء قبل بداية العام الدراسي.
وكان يتم إرسال طلاب اللغة العربية في إجازاتهم الصيفية لتعليم الأميين من الناس القراءة والكتابة، كما فتحت الجماعة مدارس ليلية مهمتها تعليم الأميين والكبار.
وكان تعليم القراءة والكتابة بالمجان؛ لأن هيئة التدريس كانت كلها من المتطوعين من أفراد الجماعة، كما كانت الجماعة تقدم الدورات في السجن للمساجين الأميين.
مراكز الجماعة كانت مراكز تعليمية يتعلم فيها الأميون القراءة والكتابة، كما حاربت الأمية بين العمال والمزارعين، وكل ذلك بغية الوصول إلى مجتمع مترابط متعلم
نستنتج مما سبق أن مراكز الجماعة كانت مراكز تعليمية يتعلم فيها الأميون القراءة والكتابة، وأن الجماعة حاربت الأمية بين العمال والمزارعين، كل ذلك بهدف إعداد الفرد للتعامل مع المشكلات اليومية بغية الوصول إلى مجتمع مترابط متعلم متكامل.
تطوير المؤسسات التعليمية في مصر
قامت الجماعة ببناء العديد من المدارس مثل: مدرسة الهدى في المنصورة، ومدارس الجيل المسلم في طنطا، ومدارس المدينة المنورة في مدينة الإسكندرية، ومدارس الرضوان في مدينة نصر بالقاهرة، والمدارس الإسلامية في دمياط، ومدارس جمعية الدعوة في بني سويف.
ونستطيع القول إن الجماعة كانت تشرف على ألف وخمسمئة مدرسة منتشرة في جميع أنحاء مصر.
وفي عام 1935م قدم الإخوان المسلمون مقترحات هامة لوزارة التعليم، ذكروا فيها توسيع دائرة اختصاص جامعة الأزهر بما يجعلها متوافقة مع التطورات الجديدة، وأن يتم توفير المكتبات والمعامل في جميع المعاهد والجامعات.
واستطاع الإخوان المسلمون تشجيع الشباب على دخول مدارسهم حيث يضمن الطالب الوظيفة بجانب التعليم.
ومن جهة أخرى أقامت الجماعة مصانع صغيرة مرتبطة بالمدرسة تساهم في تغطية مصاريف الطالب أثناء دراسته، وبعد التخرج من مدارس الجماعة، كأن يتم توظيف الطالب على الفور في إحدى مشروعات الجماعة، وبالتالي ساهمت الجماعة في تقديم العون المالي لميزانية المؤسسات التعليمية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال خلق مشروعات جديدة.
كما أقامت الجماعة لجاناً خيرية مهمتها الأساسية تقديم العون والمساعدة للفقراء، يقول الامام البنا رحمه الله: "وهذه اليقظة الروحية التي ندعو الناس إليها لابد أن يكون لها الأثر العملي في حياتهم! ولابد أن تسبقها ولاشك نهضة عملية تتناول الأفراد والأسرة والمجتمعات. ستعمل هذه اليقظة عملها في الفرد فإذا به نموذجاً قائماً لما يريده الاسلام في الأفراد".
أهداف التربية عند الإخوان المسلمين
اهتمام الإخوان المسلمين بالتربية ينبع من الهدف العام للتربية في الإسلام وهو إعداد المسلم لعبادة ربه والسعي لتنفيذ كل ما أمره ربه واجتناب كل ما نهاه عنه
يرى الإخوان المسلمون أن أهداف التربية تنبع من أهداف التربية الإسلامية، واهتمام الإخوان المسلمين بالتربية ينبع من الهدف العام للتربية في الإسلام وهو إعداد المسلم لعبادة ربه والسعي لتنفيذ كل ما أمره ربه واجتناب كل ما نهاه عنه، وأن يكون صالحاً وأن يتعامل بأمانة وصدق مع أخيه الإنسان.
وقد تركزت أهداف التربية عند الجماعة حول أربعة محاور هي:
1- التربية العقلية
وقد سعى الإخوان إلى تطوير الفكر العقلاني وتوسيع المدارك العقلية؛ بهدف الوصول إلى هدف رئيسي هو الوعي بالحقيقة، ومعرفة الطريق إلى رضا الله في الدنيا والآخرة.
2- التربية الجسمية
اهتم الإخوان بالمهارات البدنية والأنشطة التدريبية؛ بهدف تنشئة أفراد يتمتعون بالصحة والقوة، وكان أحد أبرز وسائلهم تأسيس قسم الجوالة، فقد وصل عدد المشاركين عام 1953م إلى سبعة آلاف، بالإضافة إلى النوادي والمعسكرات الصيفية والمراكز الرياضية.
3- التربية الخلقية
تؤمن الجماعة أن الأخلاق هي معيار الفرد، وبالتالي اهتمت بغرس المفاهيم الأخلاقية الصحيحة في نفوس أفرادها.
4- التربية الاجتماعية
والهدف من هذه التربية بناء فرد قادر على تحمل المسؤولية الاجتماعية، حتى يساهم في بناء مجتمعه وخدمته على أكمل وجه.
