ألم يأن الأوان لطرد أولئك الجبناء من أرضنا؟

الرئيسية » بصائر الفكر » ألم يأن الأوان لطرد أولئك الجبناء من أرضنا؟

على مرأى من العالم أجمع، وعلى شاشات الفضائيات ومواقع الإنترنت، شاهد الجميع أولئك الجنود الذين فروا خوفاً وجبناً، بعد العملية التي قام بها الشهيد "فادي قنبر" ضد الصهاينة، حيث لم يستخدم إلا شاحنته ليجعلهم صرعى تحت عجلاتها، ويضرب من جديد منظومة الأمن الصورية التي يتباهى بها الاحتلال.

الجميل في الموضوع، أن الجنود المتواجدين في المكان نفسه، والمدججين بالسلاح، والذين كانوا بالعشرات، لم يبادروا بمواجهة الفاعل، وإنما فروا للحفاظ على أرواحهم، وكأن لسانهم يقول، فليذهب الآخرون إلى الجحيم، المهم نفسي نفسي!

إن هذا المشهد يضاف إلى سلسلة من حلقات مسلسل كبير يتحدث عن جبن اليهود ورعبهم، وأنهم أحرص على حياتهم، وليس عندهم أي استعداد للمواجهة أو التضحية.

أوهن من بيت العنكبوت

أهل فلسطين، يعلمون جيداً مدى وهن ذلك الكيان الذي يدعي أنه قوي وحصين، إلا أنه في الوقت نفسه تنكشف عيوبه عند أي هجوم يستهدفه  ، حتى لو كان عملاً فردياً بسيطاً.

الكيان الصهيوني يسعى لإظهار نفسه بمظهر القوي والمسيطر، من خلال سطوته الأمنية، وإذلال الفلسطينيين على الحواجز والمعابر، وعمليات التفتيش المذلة

والكيان الصهيوني يسعى لإظهار نفسه بمظهر القوي والمسيطر، من خلال سطوته الأمنية، وحملات الاعتقال، والأسلحة الحديثة التي يحملها جنوده، وإذلال الفلسطينيين على الحواجز والمعابر، وعمليات التفتيش المذلة، والتي لا تعكس إلا جبناً واضحاً وخوفاً من ذلك الفلسطيني، الذي لا يحمل في جنباته إلا الإرادة والكرامة، فكيف لو كانت البندقية بيده!!

وإن كان الفيديو الأخير قد كشف عن حالة الجبن التي تعتري قوات "النخبة" الصهيونية، فإن المخفي لا شك أنه أعظم، واسأل أهل الوغى، وأبطال المواجهات في غزة، في حرب العصف المأكول وما قبلها، عن أولئك الجنود الذين كانوا يقتلون من مسافة صفر، والذين كانوا يظنون أبطال غزة أشباحاً تخرج لهم في كل وقت وحين.

حتى الضفة الغربية، والتي تفصل المدن المحتلة بينها وبين غزة، كان أهلها يشاهدون الجنود وهم مختبئون في ثكناتهم، عند قصف القسام بصواريخهم لأي مدينة في الداخل الفلسطيني، حتى تمر على حواجز معروفة، كـ "زعترة" و"الكونتينر" و "عصيون" وكأن أولئك أصبحوا أمواتاً، وكل ذلك بسبب صاروخ واحد قصف إحدى المدن، وتسير بسيارتك من جنين أو طولكرم شمالاً، إلى الخليل وبيت لحم جنوباً، ولا تجد جندياً أو مستوطناً واحداً في الشارع، بسبب حالة الهلع التي أصابتهم.

وهذه الحالة من الخوف والهلع في صفوف قوات الجيش الصهيوني، هي ما دفعت بعض الصهاينة للنقد والاستياء.

فبعد انتهاء حرب العصف المأكول، كتب الخبير الاستراتيجي الصهيوني "يوآف شاروني": (نحن أكثر جيش في العالم ينفق المليارات على حماية جنوده، محولين إياهم إلى اتكاليين على النظم الحديثة التي يتفوق عليها العقل البشري.. لقد تحول الجيش "الإسرائيلي" من جيش خشن صلب لا يهاب الموت، إلى جيش ناعم جبان).

وفي أواخر عام 2015، كتبت محررة جريدة هآرتس الصهيونية "عميرة هس": (عندما يجري الحديث عن الشجاعة والجرأة فإن الشبان الفلسطينيين والمتظاهرين ينتصرون على الجنود "الإسرائيليين" وحرس الحدود) ثم تضيف: (لقد اعتاد هؤلاء الجنود الإحساس بالشجاعة والبطولة من الطائرات والدبابات وغرف الاعتقال والتحقيقات، وأبراج الحراسة والتجهيزات الذكية التي بحوزتهم، والاقتحامات الليلية للمنازل، وسحب القاصرين من سرائرهم بسيارات الجيب المحصنة).

تضاعف عدد الجنود الصهاينة الذين يتلقون العلاج النفسي 3 مرات في السنوات العشر الأخيرة

وبالإضافة إلى حالات الجبن الواضحة، فإن ما يعزز ذلك هي تلك الإحصائيات التي تتعلق بأولئك الجنود. فهناك الآلاف ممن تهربوا من أداء الخدمة العسكرية، وتشير إحصائية صهيونية نشرت أواخر نوفمبر الماضي، أن 28% من الرجال الصهاينة لا يؤدون الخدمة العسكرية ويعزفون عنها.

ناهيك عن تضاعف عدد الجنود الصهاينة الذين يتلقون العلاج النفسي 3 مرات في السنوات العشر الأخيرة. 350 منهم طلبوا العلاج النفسي بعد حرب غزة!

ولعلاج هذا الإشكال، تسعى سلطات الاحتلال لجلب مرتزقة من أوروبا وأمريكا وغيرها، ليؤدوا الخدمة العسكرية مقابل دخل مادي مرتفع  ، وقد سلطت قناة الجزيرة الضوء عليه، في تحقيقها الذي نشر الصيف الماضي.

ما هو الدور المطلوب؟

اليهود ومرتزقتهم يسعون للمال فقط فإن تضررت مصالحهم، واستهدفت أرواحهم، هربوا وهاجروا

إن على الجميع أن يعلم، أن هذا العدو ليست له أية علاقة بهذه الأرض، ولا يمتلك عقيدة تدفعه للتضحية والدفاع عن كيانه المجرم، إن اليهود ومرتزقتهم يسعون للمال فقط فإن تضررت مصالحهم واستهدفت أرواحهم، هربوا وهاجروا.

لا يكفي أن نقول بأن صورة الجندي الصهيوني الذي لا يقهر قد سقطت منذ زمن، بل إننا بحاجة لترجمة ذلك أمراً واقعاً وعملياً.

إن الشعب الفلسطيني، فيه الكثير من الأبطال المستعدين للتضحية بأرواحهم، ويحتاجون إلى الدعم والتخطيط لإيلام العدو  ، وما انتفاضة القدس إلا دليلاً على ذلك، فالطعن والدهس وغيرها، إشارات واضحة أن روح المقاومة ما زالت تسري في نفوس أبناء شعبنا، ولا يمكن أن تختفي طالما أن الاحتلال ما زال موجوداً.

إننا كفلسطينيين ومسلمين، ما زلنا نعطي الصهاينة الفرصة تلو الأخرى لاستمرار البقاء على أرضنا، وإن الأمر يحتاج إلى بناء خطة واضحة للتحرير وعدم الاقتصار على المقاومة فحسب، فقد آن لنا أن نفكر باستراتيجيات التحرير لا الدفاع والمقاومة  .

صحيح أن الأوضاع الإقليمية والعالمية تصعب الأمر كثيراً، لكننا كحركات تحرر علينا أن لا نعدم الوسيلة، خصوصاً أننا ابتلينا بأجبن عدو عرفته البشرية، ولا يستقوي علينا إلا بطائراته ودباباته وأسلحته المتطورة.

إن أولى الخطوات اللازمة، أن نزرع في نفوس أبنائنا وإخواننا حب الشهادة، والإيمان بقضيتنا، وسعينا لتحرير كل أرضنا، والله سائلنا غداً ماذا قدمت ووطنك مستباح، والمسجد الأقصى يغتصب، من قبل شرذمة من الجبناء والمرتزقة؟

إنني موقن أن زوال الاحتلال بات قريباً، إن أحسنا التخطيط والتعبئة والإعداد، وهذا يحتاج إلى إيمان، وتضحية، وثبات وتوكل  ، والله عز وجل لن يضيعنا.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب فلسطيني، متخصص في الشريعة الإسلامية والسياسة، مهتم بالإعلام والتربية والتعليم.

شاهد أيضاً

أزمة القيادة: من يملك حقّ التصحيح.. ومن يملك حقّ العزل؟

القيادة في الحركات الإسلامية ليست وظيفة إدارية ولا منصبًا تنظيميًا، بل هي موقع محوري يتشكل …