الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي حديث متجدد من حيث فعاليتها وتأثيرها وقدرتها على تغيير التوجهات الشعبية وصناعة رأي عام ضاغط باتجاه ما، وهي التي تصابحنا وتماسينا.
فأغلب الناس يفتحون عيونهم عليها، وهي آخر ما يشاهدون قبل النوم. فالصالحون توقظهم لصلاة الفجر وتغلق عيونهم على أذكار النوم، والطالحون توقظهم على حاجات في نفوسهم وتنيمهم عليها.
وبالأمس طالعتنا أخبار الفيس بوك بإغلاق 200 من مواقع شخصيات فلسطينية –له يا فيس ما كان هيك العشم– وظننت أن الموضوع مجرد إشاعة، وصرت أغدو وأروح بين المواقع باحثة عن تأكيد، ليخرج تصريح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ينعى فيه الحرية الفيسبوكية بمزيد من الحزن والأسى استنكارا للإغلاق، وصار حال الكثيرين منا كحال المحب المغدور، لا هو قادر أن يتخلى عن محبوبه، ولا هو قادر على الانتقام.
وفي الصباح الباكر استيقظت لأجده يصبح علي قائلاً: صباح الخير يا نجود، ويسألني بكل براءة ?What’s on your mind ماذا في بالك؟
تعال سيدي الفيس بوك أخبرك ماذا في بالي!!
- في بالي أننا شعوب مقموعة رأينا في فضائك نسمة حرية فتنفسناها بعمق، وكتبنا وقرأنا بدون مقص الرقيب، وشعرنا أننا نحيا بعد سنوات الموات الطويلة، وجئت أنت الآن لتعمل عمل الرقيب وتقتل في مواقعنا الأمل.
في بالي أننا شعب ذاق الويلات ولم ينتبه لصراخنا أحد، ولا بكى على وجعنا باك. ففتحنا الفيس بوك وصرخنا لنسمع صوتنا، وجئت أنت لتنهرنا وتسكت حتى عند الوجع أصواتنا
- في بالي أننا شعب ذاق الويلات ولم ينتبه لصراخنا أحد، ولا بكى على وجعنا باك. ففتحنا الفيس بوك وصرخنا لنسمع صوتنا، وبكينا على جروح بعضنا، وظننا أننا على الأقل في هذه أحرار، وجئت أنت لتنهرنا وتسكت حتى عند الوجع أصواتنا.
- في بالي أننا في هذا العالم مشتتون، حتى أنك تجد الأسرة الواحدة من نفس الأب ونفس الأم موزعين على قارات العالم كلها، لا يوصلنا ببعضنا إلا أنت وإخوتك، وها أنت جئت لتقطع حتى هذا الاتصال!
- في بالي وطن أنتمي إليه لم أره ولا مرة في حياتي، أتابع صوراً منه على فضائك، وأتطفل على صفحات من رضي الله عنهم فبقوا على ثراه لأنعم بخيال له، وتآمرت أنت مع أعدائي لتحرمني حتى من صورة له!
- في بالي شهيد سقط وشهيد سيسقط، وأنا في حيرة بين أن أشيع الأول، أو أحذر الثاني، وأنت تعد صورهم جناية وتحريضاً على الإرهاب!
- في بالي أسير تتسرب أخباره عبرك، فنفرح كأنه خرج ولاقيناه، وأنت تحرم علينا ذلك وتنكر عليه الحياة.
- في بالي أيتام وأشباه أيتام نشم رائحتهم عبر صورهم المنشورة عندك، نطمئن فيها أنهم ما زالوا على قيد الأمل، وأنت تحرمنا من هذه الشمة وتحرمهم من ذلك الأمل.
- في بالي بلاد العرب أوطاني، أتابع هذا البلد فافرح لإنجازاته، وأرى كبوة ذاك البلد فأبكي لإخفاقاته، وأنت تريد أن تحرمنا حتى من نافذة تطل على حديقة بلادنا العربية إلا بأمر منك.
في بالي أن فلسطينيتي لا تزعجك، ولا تهز في بدنك شعرة، وإذا بها تؤرق نومك وتهز أركانك التي كنت أظنها راسخة
- في بالي أن فكري لا يحد، وحريتي ليست ملكاً لعبد، فكتبت ما أريد وقرأت ما أحب، وجئت أنت لتقول أن فضاءك لمن سار على نهجك ونورك فلا يرى إلا من خلالك.
- في بالي أن فلسطينيتي لا تزعجك، ولا تهز في بدنك شعرة، وإذا بها تؤرق نومك وتهز أركانك التي كنت أظنها راسخة!
- في بالي يا سيدي الكثير، ولكن أشأم ما في بالي: لتفعل ما فعلت، ترى أنت ماذا كان في بالك؟
