في فصل الصيف تبدأ العطلات وتكثر الزيارات العائلية التي يتلهف لها بعض، ويستثقلها آخرون للأسباب التي سنوردها فما يلي بإذن الله، فلماذا تعد زيارات الأهل والأقارب عبئًا ثقيلًا على كثيرين؟ ولماذا يتمنون انقضاءها والتخلص منها بأسرع ما يمكن؟ وما الذي يمكننا عمله لكي نجعل الزيارات العائلية سببًا لإدخال السرور على قلوبنا وقلوب من نزورهم، لا سببًا للتفكير والهم؟
أولًا/ ما هي أبرز الأسباب التي تجعل من زيارات الأقارب مشقة؟
1. عدم الاستعداد النفسي والجسماني:
في كثير من الأحيان لا يُراعى اختيار الوقت المناسب لجميع الأطراف؛ بسبب كثرة العدد وضيق الأوقات وانشغال الناس، فيحصل أن يأتي المرهق والمنهك... إلخ، ويغدو الكبار عادة في هذه الزيارات عصبيين لكبر سنهم وكذلك بسبب كثرة التحضيرات وقلة النوم، وكذلك الأطفال حين يجبرون على تجهيز أنفسهم للخروج لزيارة الأهل في وقت يودون النوم فيه أو اللعب مع أقرانهم أو التنزه في مكان، مما يؤدي بطبيعة الحال لكثرة إلحاح الأطفال بطلبات معينة، وعصبية الكبار وضيق صدورهم، وكثيرًا ما تكون المسافات الطويلة بين بيوت الأقارب سببًا كبيرًا في استثقال الزيارات.
فلنحاول قدر الإمكان اختيار أوقات مناسبة للزيارات، كي ينال الناس القدر الكافي من الراحة ويكون عندهم الوقت اللازم للاستعداد، ويُقبلوا على الزيارات واللقاءات الأسرية بصدر رحب
2. النظافة والترتيب:
عادة ما تكون هذه مشكلة المستضيف الذي يحمل همَّ الأعداد الكبيرة وتهيئة المنزل للزيارات المستمرة في فترة الصيف والإجازات، ثم إعادة ترتيبه وتنظيفه بعد انصراف الضيوف وتهيئته للزيارة القادمة، مما يجعله بطبيعة الحال يستثقل استقبال الضيوف.
3. تحدي التعرف على أناس جدد:
أحيانًا تتضمن الزيارات الالتقاء بأقارب أو معارف لم يسبق للإنسان أن التقى بهم من قبل أو مرت عدة سنوات على اللقاء الأول؛ لانشغال الناس وضيق الأوقات، وبالتالي يستثقل بعضهم الالتقاء بأناس جدد والتعرف عليهم والدخول في حوارات عديدة معهم في شؤون الحياة المختلفة .
4. حرج التصرف في بيوت الآخرين:
شئنا أم أبينا فإن الإنسان لا يشعر عادة بالأريحية وحرية التصرف خارج منزله ، فيكون مرتبكًا في تصرفاته ومعرفة ما هو مقبول أو مرفوض في عرف الآخرين وإن كانوا من الأقارب وهذا يكون سببًا وجيهًا آخر لاستثقال الزيارات.5. اختلاف درجة القرب والمودة بين الأقارب فتحصل الخلافات والحزازيات:
عدم معرفة بعض الأقارب لبعضهم واختلاف طبائع الناس وأمزجتهم، يَرِد بطبيعة الحال حدوث خلافات وسوء تفاهم قد تنجم عنه بعض الحزازيات والمشاكل، مما يجعل البعض يستثقل زيارات الأقارب.
لا داعي للمبالغة الشديدة في أمور النظافة والترتيب، وكذلك لا بد من مراعاة وجود الأطفال وتقبل ضوضائهم كتعبير عن حماستهم وسعادتهم ووسيلة تفريغ طاقاتهم
ثانيًا/ كيف نتلهف للزيارات العائلية ونجعلها حقًا سببًا لإدخال السرور على قلوبنا؟
1. اختيار الأوقات:
فلنحاول قدر الإمكان اختيار أوقات مناسبة للزيارات، كي ينال الناس القدر الكافي من الراحة ويكون عندهم الوقت اللازم للاستعداد، ويُقبلوا على الزيارات واللقاءات الأسرية بصدر رحب.
2. خير الأمور الوسط:
لا داعي للمبالغة الشديدة في أمور النظافة والترتيب، وكذلك لا بد من مراعاة وجود الأطفال وتقبل ضوضائهم كتعبير عن حماستهم وسعادتهم ووسيلة تفريغ طاقاتهم، وحبذا التعاون في هذا الأمر؛ كي لا يقع العبء كله على عاتق الأمهات بينما يكتفي باقي أفراد الأسرة بالاستمتاع بثمرة الترتيب والنظافة.
إن حدث وتسبب موضوع بحرج ما - بدون قصد منا - فلنتلاف الأمر بتغيير الموضوع مباشرة والتعامل مع الموقف وكأنه لم يكن
3. الحوار وسيلة للترابط لا التباعد:
إذا ما خشينا الوقوع في فخ الإحراج أو التحدث في موضوعات قد تؤدي لخلافات وإشكالات، خاصة في وجود أشخاص جدد لا نعرفهم، فلنكتف بالتحدث في مواضيع عامة يشترك فيها معظم الحاضرين، وإن حدث وتسبب موضوع بحرج ما - بدون قصد منا - فلنتلاف الأمر بتغيير الموضوع مباشرة والتعامل مع الموقف وكأنه لم يكن، ومن الضروري تجديد النوايا وتذكر هدف تلك الزيارات ألا وهو صلة الرحم وتوطيد أواصر القرابة، لا الانتصار في النقاش وفرض الرأي .
4. وسعوا صدوركم:
فلنسع لتقبل اختلاف الآخرين وأخذ مزاحهم وتعليقاتهم على أحسن وجه ممكن، وافتراض حسن النية طالما أتيح أي مجال لهذا ولم تتبين أية إشارة لنقيضه، فلا داعي لافتراض سوء النية في كلام الآخرين وتأويله على نحو ربما لم يرد ولو في خواطرهم.
إن زيارة الأقارب من العادات الطيبة والنبيلة، وفيها حث على صلة الرحم وود الناس، ولكن كغيرها من التقاليد قد تتحول بسوء استخدام الناس لها وتحمليهم لأنفسهم فوق طاقتها إلى عبء ثقيل وهمِّ كبير، فليكن هدفنا في كل زيارة لأقاربنا إدخال السرور على قلوبنا وقلوب أحبابنا، ولتغدُ زيارتنا لطيفة وقصيرة وخفيفة فيتوق أقاربنا لزياراتنا ولا يتنفسوا الصعداء وقت رحيلنا!
