من قال إن أمة الإسلام أمة تمرض ولا تموت؟!

الرئيسية » خواطر تربوية » من قال إن أمة الإسلام أمة تمرض ولا تموت؟!
question

يقولون: دين الإسلام دين لا يمرض ولا يموت..

وهذه كلمة حق، فإن دين الإسلام دين قوي، لا يضعف بضعف أمته، بل يزداد قوة مع ازدياد ضعف أمته، وينتشر في كل الربوع والآفاق. تقول الإحصائيات إن الدين الإسلامي هو أكثر الأديان انتشارًا. وينتشر انتشارًا كبيرًا لافتًا، حتى تخشى أوروبا من أن تتحول قريبًا إلى قارة إسلامية. ويسيطر (الإسلاموفوبيا) على كل غير المسلمين في الشرق والغرب، وهو الخوف الذي يسيطر على الجميع من ذلك الدين الذي لا يقف في وجهه أي دين، ولا تقف في وجهه أي فلسفة.

يقول الله تعالى: ﴿وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمةُ الله هي العليا﴾ [التوبة: 40]. ويقول المفسرون في تفسير هذه الآية: إن كلمة الله جاءت مرفوعة على الابتداء، وهي إشارة إلى أنها دائمًا عليا، وكلمة الله هي دينه، ودينه الحق هو الإسلام، من لدن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، قال تعالى: ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ [آل عمران: 19].

فالدين عقيدة ومنهج، يحاور العقول والقلوب، بصرف النظر عن حال معتنقيه، بل إن حال المعتنقين، إذا كان بهذا الشكل، ربما يكون أدعى لمزيد من التفكير فيه والتساؤل حوله: كيف يموت الناس مدافعين عن هذا الدين، مع كل ما هم فيه من ضعف وفقر؟

ويقولون: أمة الإسلام أمة تضعف ولا تموت..

وقد كانت هذه المقولة صادقة إلى قريب، أما ما نحن فيه اليوم، فهو الذي يزعق فينا صارخًا: لقد ماتت أمة الإسلام.

الذي نحن فيه اليوم هو موت لأمة الإسلام بلا جدال، فالذي يحدث في غزة، مع ما يصم الأمة كلها من صمت وخذلان، لهو الدليل القاطع على أن أمة الإسلام تموت وتموت، بل ماتت وماتت.

لم يحدث في تاريخ أمة الإسلام أن ماتت كلها بهذه الطريقة، من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها.

يوم أن دخل الصليبيون إلى الشام، تجهز المصريون لهم، وهزموهم في موقعة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي في القرن السادس الهجري.

ويوم أن دخل التتار إلى العراق، تجهز المصريون لهم، وهزموهم في موقعة عين جالوت في القرن السابع الهجري.

حتى في حركة الاستعمار الغربي الأخيرة، لم تتوقف حركة الجهاد يومًا، وخرج المجاهدون وقادتهم في كل البقاع؛ في الجزائر بقيادة عبد القادر الجزائري، وفي المغرب بقيادة عبد الكريم الخطابي، وفي ليبيا بقيادة عمر المختار، وفي الشام بقيادة عز الدين القسام.

أما أن تصمت الأمة كلها بهذا الشكل، وتخرس بهذه الطريقة، فهو ما لم يحدث قط، وهو ما يؤكد على أن الأمة ماتت موتًا حقيقيًا.

نحن نقول اليوم: أمة الإسلام أمة تموت، بل وماتت..

أن تصمت الأمة كلها بهذا الشكل، وتخرس بهذه الطريقة، فهو ما لم يحدث قط

نقول لما رأيناه: أمة الإسلام أمة تموت، فقد رأينا موتتها الكبرى في ذلك الزمان؛ في زمان محنة غزة وحرب الإبادة والتهجير لها.

لقد ماتت الأمة في أنظمتها الحاكمة، وموتتها في هذه منذ زمان، فقد ماتت أنظمتها الحاكمة التي بها بقية من دين وقومية ووطنية، وبُعثت مكانها أنظمة حاكمة خائنة وعميلة ومنبطحة، إلى حد أن تعمل مع العدو ضد بعضها، بل وتعمل مع العدو ضد مصلحة شعوبها وناسها.

وقد ماتت الشعوب، ولم تعد تحرك ساكنًا، وقد كانت من قبل حيّة نابضة، تتظاهر وتنتفض لقضايا الأمة في الشرق والغرب.

وقد ماتت الحركة الإسلامية، بعدما ضربتها الأنظمة الحاكمة الضربة التي قصمت الظهور في خريف الانقلابات الغادر بعد ربيعها العربي الثائر.

ماتت الأمة بكل من فيها، ولولا أنها ماتت، ما كانت إسرائيل لتستطيع أن تفعل ما تفعله اليوم.

ونعقب ونقول: لقد كنا نقول من قبل: إن أمة الإسلام أمة تمرض ولا تموت، لأننا نعلم أن الله لم يجعل أمةً للإسلام بعد هذه الأمة إلى يوم القيامة، وبالتالي فهي الأمة التي ستحمل هذا الدين إلى نهاية الدنيا.

ولما أن حكمنا عليها بالموت لما رأيناه من حالها في تلك المحنة التاريخية؛ محنة غزة، فإننا لا بد وأن نعقب ختامًا للكلام ونقول: إنها أمة ماتت لكنها ستُبعث من جديد.

إن أمة الإسلام إن كانت قد ماتت؛ وهي قد ماتت حقًا، فإنها ستبعث من جديد، وستسري فيها الحياة، وستنتفض انتفاض القائم من رقدته وسباته، وستملأ الأرض حياة وفعلًا، بعدما ملأتها رقادًا وموتًا.

وقد جاء عن رسول الله ﷺ أن الله سبحانه وتعالى يبعث للأمة الإسلامية على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها. ونحن على أعتاب هذا التجديد، لكننا نقول في هذه استنادًا إلى ما قلناه آنفًا: إن تجديد الدين في هذا الزمان لن يكون كأي تجديد، لأنه في الحقيقة ليس بالتجديد ولكنه البعث من جديد.

ومجدد الدين في هذا الزمان لن يكون كأي مجدد، لأن مهمته ليست كمهمة كل من سبقوه؛ فهم جددوا في أمة موجودة أصابها ضعف ووهن، وهو سيجدد في أمة قد ماتت أو كادت.

ذروة الشيء بداية نهايته، ونحن في ذروة ضعف الأمة إلى حد الموت، وهو بداية التجديد والبعث من جديد

وقد جاء عن النبي ﷺ أنه ستكون خلافة على منهاج النبوة، بعد النبوة في عهد رسول الله ﷺ، والخلافة الراشدة في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والملك العاض في عهد بني أمية وبني العباس وبني عثمان، والملك الجبري في عهد الأنظمة الحاكمة الحديثة والمعاصرة.

وكل التجديد الذي حصل للد. ين من قبل كان في عهد الملك العاض والجبري، أما عن التجديد المنتظر، فهو التجديد الذي سيعيد الخلافة التي هي على منهاج النبوة، ولذلك فهو تجديد ليس كأي تجديد، ومجدد ليس كأي مجدد.

وذروة الشيء بداية نهايته، ونحن في ذروة ضعف الأمة، إلى حد الموت، وهو بداية النهاية لهذه الحالة، وبداية التجديد، والبعث من جديد.

شاهد أيضاً

سيكولوجية الرويبضة

لا أدري متى بالضبط بدأ هذا القلق يتسلل إلى داخلي. ربما حين رأيت أحد الممثلين …