إنها سورة الإسراء التي حملت في صدرها وأواخرها بشريات نهايات الغطرسة اليهودية التلمودية المنحرفة.
أمّا الإشارات ذات الدلالة في صدر سورة الإسراء:
- «سبحان الذي أسرى بعبده»
- «موسى عليه السلام»
- «ألا تتخذوا من دوني وكيلاً»
- «ذرية من حملنا مع نوح»
- «لتفسدن في الأرض مرتين»
- «ولتعلن علواً كبيراً»
- «وعد أولاهما»
- «أُولي بأسٍ شديد»
- «فجاسوا خلال الديار»
- «رددنا لكم الكرة عليهم»
- «وأمددناكم بأموالٍ وبنين»
- «وجعلناكم أكثر نفيراً»
- «وعد الآخرة»
- «ليسوءوا وجوهكم»
- «وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة»
- «وليتبروا ما علوا تتبيراً»
- «وإن عدتم عدنا»
ويُختَم مشهد البشريات بقوله تعالى: «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم».
تسع عشرة آيةً وعلامةً فارقة، وإشارةً واضحة الدلالة ذكرت في صدر السورة. انقضى الكثير وبقي القليل.
أمّا اليوم فقد بدأ وقوع ثلاث آيات: الصراع على المسجد الأقصى صراع في أوضح الصور، وما العدوان على غزة والسابع من أكتوبر إلا محصلة تداعيات الاعتداء على المسجد وما جاوره.
كل هذه الآيات حُشدت في صدر السورة وخُتمت ببشريات الموعد الأخير لإنهاء الوجود اليهودي المنحرف المتغطرس.
الآيات الأخريات جلّها قد انقضى وحدثت أو تحدث الآن، مهما اختلفت تأويلاتها أو تفسيراتها وما صاحب ذلك من غرابة وتعجب.
أما أواخر سورة الإسراء، فآياتها وإشاراتها أقل، لكنها القادمة، وهي الآخرة المتلهّف لحدوثها وبزوغ فجرها وإشعاع نورها.
كما أن صدر سورة الإسراء حشد إشارات كثيرة متعددة ساطعة فاصلة، كذلك جاءت نهاية السورة بإشارات وإن قلّ عددها، لكنها كلها تنطق بما سطّره صدر السورة من بشريات فصلٍ في نهايات السورة.
أمّا أول هذه الإشارات الخفية التي تجلّت في أواخر السورة، فهي المنازلة والمناظرة القوية بين نبينا موسى عليه السلام والخطّ الإجرامي الطاغوتي فرعون.
فالبعد الإعلامي وسقوط دعاية فرعون يملأ مشهد أواخر السورة، وهي الومضة الوحيدة عن فرعون، لكنها كانت قوية ومعبرة ومبشرة، وإشارة نصرٍ ستُرفع قريباً بإذن الله تعالى.
«فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحوراً». فردَّ موسى عليه السلام فأطلق كلمة بصائر وتنوير للعقول المتفرعنة، وكانت الواوُ و«إني لأظنك» حَسماً لأي شكٍّ أو ظنٍّ، فقال: «وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً».
إشارة ثانية: «فأراد أن يستفزهم من الأرض».
إشارة ثالثة: «فأغرقناه ومن معه جميعاً».
إشارة رابعة: «اسكنوا الأرض».
إشارة خامسة: «فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً».
إشارة سادسة: «وبالحق أنزلناه وبالحق نزل».
إن إشارات أواخر السورة هي سبع بشرياتٍ وإشاراتٍ ترسم مشهد النهاية لليهود المغتصِب المعتدي الطاغية، تماماً كما رسمت نهاية فرعون الطاغوت المتجبِّر المتغطرس.
إن القوة التي أَعْمَت بصيرة فرعون هي هي القوة التي تُعمي اليهود الكفرة، وهي العنجهية والفطرة الملتوية الممسوخة التي نبتت في مشاتل الانحراف والإجرام والفساد والقتل والظلم.
إن القوة التي أعمت بصيرة فرعون هي هي القوة التي تعمي اليهود الكفرة، وهي العنجهية والفطرة الممسوخة التي نبتت في مشاتل الانحراف والإجرام.
فرعون يقول مستهزئاً بموسى عليه السلام: «إني لأظنك يا موسى مسحوراً».
هو الخطاب الإعلامي الذي اتّكأ عليه فرعون لإقناع الملأ الأعلى وما دونه. هو خطاب فيه ما فيه من العنجهية وبطلان الحُجّة وتدليس واضح مفضوح مكشوف.
فجاء ردّ موسى عليه السلام واضحاً مدوّياً لا لَبْس فيه بالواو: «وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً».
إنك يا فرعون فاقدُ العقل والمنطق والحجّة، حاطبُ ليلٍ تَهْبِشُ هَبْشاً.
فاندفع فرعون كالبركان يَزْبِد ويَرْعَد؛ كيف لموسى أن يُقدِم على هذا التحدي ويعلو صوته فوق صوت فرعون؟! فأطلق فرعون وعيده بالاستئصال والسحق لكل أتباع الحق: التهجير، والاقتتال، والإبعاد.
لقد صدع موسى رأس فرعون، ونغّص عليه حياته، وكَدّرها وجعلها لا تُطاق، فقد انكشف فرعون أمام مَلَئِه سخيفاً عنجهيّاً لا منطق له ولا عقل. وهذا كله علامةٌ وإشارةٌ إلى نصرٍ قريب، وبِشارة بفجرٍ قادم ومكانةٍ عالميةٍ كبرى.
«فأراد أن يستفزهم من الأرض فَأَغْرَقْنَاهُ ومَنْ معه جميعاً».
إن مجرّد التهديد بإخراج الرسل وأتباعهم، وسياسة التطهير العرقي والترحيل والاستفزاز من الأرض، لهو الإشارة القوية إلى دنوّ النصر والتمكُّن.
فجاءت البُشرى الكبرى: «وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض». وقد تحقق ذلك، وساح اليهود في كل الأرض، ولم تخلُ بقعة إلا قَطَنَها يهود.
ثم كانت البُشرى الثانية، وقد وقعت: «فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً». وقد وقعت، وهم لفيفٌ لا أصل له، أصولٌ شَذَر مَذَر، أمثالُ «وجنّاتٍ ألفافاً» تلتفّ على بعضها، لكن أصولها كثيرةٌ مبعثرة.
هذه الكلمة «لفيفاً» تعكس واقع الكيان الغاصب وتركيبته الاستعمارية الغازية، وهي بُشرى وإشارة حدثت.
وبعد هذا اللفيف والطغيان والمناظرة الكبرى التي ساحت في الأرض كأنها طوفان نوح عليه السلام كما في صدر السورة، والذي عمَّ الأرضَ كلَّها، سيكون طوفان وعد الآخرة قد سُمِع صداه في كل مكان، وهو قد وقع.
ولم يتبقَّ إلا نهاية الشوط في وعد الآخرة وتدمير كل علوٍّ، وإنهاء الإفساد الثاني والأخير، و«ليتبروا ما علوا تتبيراً».
إنها المبشّرات التي يُبشِّرنا بها ربّنا في سورة مسجدنا: المسجد الأقصى.
ومن أصدق من الله حديثاً؟
ومن أصدق من الله قيلاً؟
لا أحد... إنه النصر الكبير القادم بإذن الله، فهذه هي قيمة الثقة والنصر والصبر وبذل الوُسع والتضحية والفداء.
والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
