مقالات مشابهة
في ظل ذكرى انتفاضة الحجارة: إخفاقات الاستخبارات الإسرائيلية وقراءة تحليلية للبيئة الفلسطينية الراهنة
نعيم أشرف مشتهى 10 ديسمبر,2025
إن الصفات الإنسانية لا تعترف بحدود مهما بعدت، ولا توقفها قوانين مهما صعبت، ولا تبخل بتضحيات مهما بلغت. وهذا نراه جلياً من خلال آلاف الشرفاء حول العالم الذين ناصروا أناساً على غير ملتهم، وفي غير بلادهم، لا لشيء إلا لكونهم بشراً لهم حقوق إنسانية لا يجب أن يحرمهم منها أحد، كل ذلك رغم يقين هؤلاء الشرفاء أن مواقفهم الإنسانية قد تكلفهم - بل بالفعل كلفتهم - ما لا يطيقون.
واحدة من أبرز هؤلاء الشرفاء الذين ناصروا القضايا الإنسانية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، المحامية الإيطالية "فرانشيسكا ألبانيز"، التي كلفها تضامنها مع القضية الفلسطينية الكثير والكثير، حسب ما سنستعرض في هذا الموضوع.
أولاً: من هي "فرانشيسكا ألبانيز"
- محامية إيطالية (48 عاماً) متخصصة في القانون الدولي وحقوق اللاجئين.
- تقيم "ألبانيز" في تونس، وهي متزوجة ولديها طفلان، وزوجها هو "ماسيميليانو كالي"، الخبير الاقتصادي في البنك الدولي.
- تقوم "ألبانيز" الآن بدراسة الدكتوراه في القانون الدولي لللاجئين بجامعة "أمستردام" الهولندية.
- شاركت "ألبانيز" في تأسيس الشبكة العالمية حول قضية فلسطين، ولها نشاط بارز في مجال حقوق اللاجئين، وعملت لمدة عشر سنوات مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ووكالة "الأونروا".
إن الصفات الإنسانية لا تعترف بحدود مهما بعدت، ولا توقفها قوانين مهما صعبت
- تعد "فرانشيسكا ألبانيز" أول امرأة تشغل منصب مقررة خاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- كما تعد "ألبانيز" واحدة من أقوى الأصوات القانونية المستقلة في ملف حقوق الإنسان في فلسطين، وواحدة من القلائل المستعدين لدفع ثمن الثبات على مواقفهم الأخلاقية.
- في عام 2020م، قامت "ألبانيز" بتأليف كتاب بعنوان "اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي"، ويُعد هذا الكتاب من المراجع القانونية المهمة حول القضية الفلسطينية.
- وفي عام 2022م، عملت "ألبانيز" كمقررة خاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة (التابعة للأمم المتحدة) لمدة ثلاث سنوات، مما زاد من نشاطها في هذا الجانب، وجعلها تعلن تحديها لإسرائيل والولايات المتحدة دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين.
- وفي مايو 2025، تم التجديد لها لثلاث سنوات أخرى لتستمر في منصبها حتى عام 2028م، رغم محاولات مستميتة من عدة دول لعرقلة القرار، ما تسبب في موجة من الغضب الإسرائيلي والأمريكي على المستويين الرسمي والإعلامي.
ثانياً: نماذج من الجهود التي بذلتها "فرانشيسكا ألبانيز" للتضامن مع القضية الفلسطينية
- في عام 2020م، شاركت "ألبانيز" في تأسيس (الشبكة العالمية لقضية فلسطين) عبر مؤسسة "أرض" في عمّان، وتضم الشبكة أكثر من 100 عضو من 22 دولة، وتهدف إلى تقديم تحليلات قانونية متخصصة حول وضع اللاجئين الفلسطينيين، ودعم وكالة "الأونروا".
- في عام 2024م، أعدّت "ألبانيز" مع فريق الشبكة وثيقة داخلية بعنوان "خطة النقاط العشر"، تهدف إلى استعادة تمويل الدول الغربية لـ"أونروا" بعد قرارات بعض الحكومات بتجميد التمويل.
- في مارس 2024، قدّمت "ألبانيز" تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان بعنوان "تشريح الإبادة الجماعية"، استعرضت فيه أدلة وبيانات عن ممارسات إسرائيلية ترقى إلى توصيف الإبادة الجماعية، وأوصت بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات على المسؤولين، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الحصار.
- في يوليو من العام الحالي، حمّلت ألبانيز أكثر من 60 شركة عالمية -من بينها شركات أسلحة وتكنولوجيا مثل "جوجل" و"أمازون" و"مايكروسوفت"- مسؤولية التواطؤ في جرائم غزة، لما يقدمونه لإسرائيل من شتى أنواع الدعم.
- طالبت "ألبانيز" ثلاث دول أوروبية بتفسير سماحها بعبور طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر مجالها الجوي، رغم صدور مذكرة اعتقال بحقه.
- طالبت السلطات المصرية بتسهيل وصول "قافلة الصمود" لكسر الحصار عن غزة، قائلة: "آمل ألا تتلقى السلطات المصرية الأوامر من مرتكبي الإبادة الجماعية وتقوم بتسهيل وصول هؤلاء الأفراد بسرعة"، لكن السلطات المصرية لم تكترث بالمطالب، وقامت بإجراءات تعسفية ضد أكثر من 200 ناشط أجنبي.
- انتقدت "ألبانيز" خطة "ترامب" للسيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه، ووصفتها بأنها "غير قانونية وغير أخلاقية وغير مسؤولة على الإطلاق، لأنها ستجعل الأزمة الإقليمية أسوأ".
يجب التعامل مع حماس كتنظيم سياسي له جناح عسكري، لا كمجموعة إرهابية
ثالثاً: تصريحات من مشوار تضامن "ألبانيز" مع القضية الفلسطينية
إن من يتابع النضال الفعلي والتضامن العملي لـ"فرانشيسكا ألبانيز" لصالح الفلسطينيين يدرك مدى تفانيها من أجل هذه الغاية. ولتجنب العاطفة والإسهاب، نذكر بعض تصريحاتها:
- حين اندلعت معركة "طوفان الأقصى"، صرّحت بأن ضحايا السابع من أكتوبر من الجانب اليهودي لم يُقتلوا بسبب يهوديتهم، بل رداً على قمع إسرائيل، مما جعل إسرائيل تعتبر التصريح معادياً للسامية، وأعلنت منعها رسمياً من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- قالت: "يجب التوقف عن وصف حماس بالقتلة. لقد تم انتخابهم كسلطة حاكمة من خلال انتخابات ديمقراطية عام 2005، وأسّست حماس مؤسسات مدنية وخدمات عامة مثل المدارس والمستشفيات، لذا يجب التعامل معها كتنظيم سياسي له جناح عسكري، لا كمجموعة إرهابية".
- في مقابلة لها على قناة الجزيرة، وصفت الوضع في قطاع غزة بأنه "يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي"، ووصف الحكومة الإسرائيلية بأنها "حكومة إجرامية".
- أوضحت أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يجب أن يتخذا خطوات فعلية لفرض عقوبات تجارية على إسرائيل لوقف الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين وتقليص تأثيرها.
رابعاً: أقوال لا ينقصها الصراحة
- لو كانت فلسطين مسرح جريمة، لكانت تحمل بصماتنا جميعاً، لأن هناك قطاعات عديدة مسؤولة ومتواطئة في الانتهاكات.
- ما تفعله إسرائيل ليس دفاعاً عن النفس، بل تدمير كامل لأغراض سياسية أيديولوجية، ولا توجد ضرورة عسكرية لاستخدام القوة.
- الأمم المتحدة الآن مُجزأة ومشلولة تماماً في قدرتها على العمل.
- غزة مقبرة آلاف الفلسطينيين الذين لم يحظوا بالدفن اللائق.
- أعتقد أن غزة ستكون عاملاً مؤثراً في أي انتخابات مقبلة.
- يجب التحقيق في احتمال التواطؤ مع الأعمال الإجرامية لكل من صانعي السياسات والرؤساء التنفيذيين للشركات.
- انتقادي الرئيسي موجّه للدول الغربية لدعمها السابق غير الصريح لحقوق الإنسان.
- كل مرة كنت فيها في غزة، أذهل من طيبة الناس وكرم ضيافتهم.
- الحدود مع الأردن ومصر لا ينبغي أن تخضع لسيطرة إسرائيل.
- أوصي بإعادة النظر في عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أو تعليقها حتى تنهي الاحتلال.
خامساً: بعض العقوبات والتهديدات التي طالت "ألبانيز"
- أعلنت إسرائيل عدم ترحيبها بها إلى أجل غير مسمى ومنعتها رسمياً من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- في 9 يوليو 2025، فرضت الولايات المتحدة عقوبات شملت تجميد أصولها ومنع إصدار تأشيرات لها ولأفراد عائلتها، ووصفت جهودها بأنها "غير مشروعة ومخزية"، فاعتبرت ألبانيز ذلك "تقنيات ترهيب على طريقة المافيا".
- تلقت تهديدات بالقتل من منظمة "بعتار" الإسرائيلية، مع ذكر استخدام جهاز بيجر لاسلكي مشابه لتفجيرات سابقة.
- لجأت إسرائيل إلى الدعاية الرقمية لتشويه سمعتها وفرض الرواية الإسرائيلية عن الحرب في غزة.
من الواجب على شرفاء العالم أن يعبروا عن تقديرهم لجهود الرموز الإنسانية مثل فرانشيسكا ألبانيز
سادساً: إشادات وتكريمات
- في يناير 2023م، أشاد بيان صادر عن 116 منظمة حقوقية ومؤسسات أكاديمية بجهود "ألبانيز" الدؤوبة في حماية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
- في إبريل 2023م، حصلت على جائزة "ستيفانو كياريني الدولية" تقديراً لدورها في تغطية شؤون فلسطين والشرق الأوسط.
- في 2024م، تم اختيارها شخصية العام للأمم المتحدة.
- في فبراير 2025م، حصلت على "جائزة دريس فان أغت" من منتدى الحقوق.
- عدد من السياسيين والحقوقيين الغربيين أعربوا عن دعمهم لها ودعوا لترشيحها لجائزة نوبل للسلام.
أخيراً
من الواجب على المسلمين والعرب، وشرفاء وأحرار العالم عامة، التعبير عن تقديرهم لجهود "فرانشيسكا ألبانيز" وكل من هم على شاكلتها، وإبراز جهود هؤلاء الرموز الإنسانية أمام الأجيال، ليزداد يقينهم بعدالة قضيتهم، وأن يكونوا أكثر بذلاً من أجلها.

