- Version
- Download 89
- File Size 4.20 MB
- File Count 1
- Create Date 13 يوليو,2025
- Last Updated 12 يوليو,2025
أبي.. أمي .. نحن متهمون - د. علي شريعتي
كتاب "أبي... أمي... نحن متهمون" للدكتور علي شريعتي هو صرخة فكرية صادقة، يوجّهها الكاتب إلى الجيل الشاب الذي يعيش أزمة الهوية والانتماء والوعي، في ظل واقع اجتماعي وثقافي مأزوم. لا يُخاطب شريعتي في هذا الكتاب جمهورًا أكاديميًا تقليديًا أو طبقة مثقفة محنطة، بل يخاطب الجيل الذي تاه بين الأصالة والمعاصرة، بين الدين والتقليد، بين الحداثة والتبعية، وبين الفردية والاغتراب.
يتناول الكتاب، بأسلوبه الثوري والشاعري في آنٍ، نقدًا صريحًا للعائلة المسلمة التقليدية، التي يراها قد تحولت إلى أداة لإعادة إنتاج الخضوع والتقليد والجهل باسم الدين، كما يحمّل الأهل – ممثلين في "أبي وأمي" – مسؤولية تربوية وتاريخية تجاه تشويه مفاهيم الدين والقيم والوعي في نفوس الأبناء. فهو لا يُدين الأهل لشخصهم، بل لغياب الوعي في أدائهم التربوي والديني.
يبدأ الكتاب بمرافعة رمزية ضد "الآباء والأمهات" كرموز للجيل الذي أورث أبناءه تدينًا شكليًا، وقيَمًا تقليدية فارغة من الروح، ويُحمّلهم مسؤولية الانحراف الحضاري والفكري الذي أصاب أبناءهم، دون أن يغفل أثر النظام السياسي والاجتماعي المهيمن، مما يجعل خطابه مركبًا ومعقدًا، جامعًا بين النقد الذاتي للأمة والنقد البنيوي للواقع.
من أبرز ملامح الكتاب استخدامه لأسلوب الخطاب المباشر العاطفي، فهو يكرر باستمرار نداءه "أريد أن أقول: أيتها الأخت، أيها الأخ..." في محاولة لزرع الوعي، لا من خلال التلقين، بل عبر إثارة التساؤل والحوار مع القارئ. ويتجلى ذلك في قوله: "نحن متهمون... لأننا عشنا بلا هدف، بلا وعي، بلا مشروع"، داعيًا إلى العودة إلى معاني الدين الحقيقية لا قوالبه، وإلى نهضة فكرية تبدأ من الفرد وتنتهي بالمجتمع.
ينتقد شريعتي في هذا السياق ما يسميه "دين لا"، أي الدين الذي يتمحور حول التحريم والمنع والوصاية الأبوية، دين يُعادي الحياة ويقدّم صورة مشوّهة عن الله، بدلاً من أن يكون الدين مشروع تحرير وتزكية وعدالة. ويرى أن هذه الرؤية تُنفر الجيل الجديد، وتدفعه للتمرد أو الإلحاد أو اللامبالاة.
ومن المحاور المركزية التي يتناولها: الرؤية الكونية البطنية، حيث يوضح كيف أن التديّن المغلق الذي تربّى عليه جيله هو نتاج لرؤية خرافية غيبية ترفض التفكير والنقد، وتسعى إلى تطويع الإنسان للقدر لا تحريره منه. ومن هنا تأتي دعوته لإحياء الوعي النقدي والفكر الإسلامي الأصيل الذي حرّك الحضارة الإسلامية في أوجها، وفتح باب الاجتهاد والعقل والاجتهاد الاجتماعي.
في القسم الأخير من الكتاب، يتخذ شريعتي موقفًا أكثر شخصية وألمًا، حيث يدعو الله أن لا يجعله "أداة في أيدي الظلمة"، ويعبر عن خشيته من أن يكون، ولو بغير قصد، جزءًا من منظومة القهر أو الغفلة. وهذا الموقف الذاتي يضيف صدقية على خطابه، ويظهر أن معركته فكرية – لا ضد الأهل ولا ضد الدين – بل ضد الاستسلام والجهل باسم الدين.
هذا الكتاب، رغم صغر حجمه، يُعد من أبرز نصوص شريعتي الفكرية والتربوية، ويستحق أن يُقرأ بعين نقدية وواعية، لا كاتهام للأهل، بل كدعوة إلى تجاوز الماضي نحو مشروع وعي جديد يليق بالإنسان المسلم في العصر الحديث.
Attached Files
| File | Action |
|---|---|
| أبي... أمي... نحن متهمون - علي شريعتي.pdf | تحميل |