• Version
• Download 32
• File Size 2.41 MB
• File Count 1
• Create Date 16 نوفمبر,2025
• Last Updated 16 نوفمبر,2025

الإخوان وسيد قطب - سعود المولى

يُعد كتاب "الإخوان وسيد قطب" للدكتور سعود المولى من الدراسات الفكرية والسياسية التي تسعى إلى قراءة العلاقة المركّبة بين فكر سيد قطب ومسار جماعة الإخوان المسلمين، وتحليل أثر أفكاره في تشكل التيارات الإسلامية المعاصرة. فالكتاب لا يقدّم سردًا تاريخيًا فحسب، بل يعالج مسألة فكرية حساسة تتعلق بالتوتر بين "التيار الحركي التقليدي" داخل الإخوان و"التيار القطبي" الذي انتشر بقوة بعد ستينيات القرن العشرين.

يتناول المؤلف الخلفية التاريخية التي خرج منها سيد قطب، مبينًا تحوله من ناقد أدبي إلى مفكر إسلامي ثوري، وكيف شكّلت محنة السجن والتعذيب مرحلة مركزية في تطور رؤيته. ثم يعرض تطور علاقة سيد قطب بالإخوان، بدءًا من انضمامه للحركة، وصولاً إلى تأثير كتاباته – خاصة في ظلال القرآن ومعالم في الطريق – في إعادة صياغة الخطاب الفكري للحركة في مصر وخارجها. ويشير المولى إلى أن أفكار قطب حول "الجاهلية" و"العزلة الشعورية" و"الحاكمية" أحدثت نقلة في وعي جيل الإخوان الشاب، وأعطت للفكرة الإسلامية بُعدًا ثوريًا جديدًا.

ويُظهر الكتاب الاختلافات الداخلية داخل الجماعة تجاه فكر سيد قطب، حيث انقسمت القيادة التقليدية – المتمسكة بالإصلاح التدريجي والعمل المؤسسي – عن الجيل الذي رأى في قطب رمزًا للتحرر من التردد السياسي، وعنصرًا مُلهِمًا لمقاومة الطغيان. ويوثّق المؤلف أوجه التوتر التي ظهرت بين المدرستين: مدرسة "البنا" التي تقوم على التربية التدريجية، ومدرسة "قطب" التي تميل إلى الصياغة المفاهيمية العميقة والصدام مع الأنظمة الجائرة. ويعرض شهادات وشواهد تاريخية توضّح كيف دخل الفكر القطبي إلى بنية الحركة، وكيف تعاملت معه القيادات في مراحل مختلفة.

كما يناقش الكتاب أثر الفكر القطبي خارج الإخوان، حيث أصبح مصدر إلهام لحركات إسلامية عالمية، ومرجعًا لكثير من الجماعات الحركية، بل وتبنته بعض التيارات الجهادية على نحو مجتزأ أو منحرف، وهو ما يحلل المولى جذوره ويفصله عن السياق الأصلي لفكر سيد قطب. ويركز المؤلف على أن قطب كان مفكرًا إصلاحيًا ثوريًا، لكنه لم يدعُ صراحة إلى العنف المسلح، بل ركّز على إعادة صياغة الوعي الإسلامي قبل أي صدام سياسي.

ويتطرق المؤلف كذلك إلى إعادة قراءة تراث سيد قطب داخل الحركة الإسلامية، وكيف انتقل فكره من حالة "الرمزية" إلى حالة "التأثير البنيوي"، ثم إلى مرحلة "النقد الداخلي"، خاصة بعد تجربة المشاركة السياسية للإخوان في العقود الأخيرة. ويبرز الكتاب أن حركة الإخوان نفسها تعرّضت لتحولات بنيوية كبيرة، جعلت علاقتها بفكر قطب أكثر تعقيدًا، فهي من جهة لا تستطيع تجاهل تأثيره العميق، ومن جهة أخرى تسعى إلى ضبط الحركية الإسلامية داخل أطر سياسية واقعية.

يمتاز الكتاب بلغة تحليلية هادئة، وبحضور مهم للجانب التوثيقي، مما يجعله مرجعًا مهمًا للباحثين في تاريخ الحركات الإسلامية، وللمهتمين بفهم التحولات الفكرية داخل الإخوان، وللمتخصصين في دراسة العلاقة بين الفكر والممارسة في الحركات الدعوية والسياسية.

Attached Files