• Version
• Download
• File Size 26.09 MB
• File Count 1
• Create Date 19 ديسمبر,2025
• Last Updated 10 ديسمبر,2025

الاكتئاب .. أسبابه، أعراضه، أنواعه، طرق علاجه - زياد الطراونة

يمثّل هذا الكتاب واحدًا من أوضح المؤلفات العربية المعاصرة التي تناولت موضوع الاكتئاب بطريقة علمية مبسّطة ومناسبة للقارئ العام. منذ الصفحات الأولى يصرّح المؤلف بأن هدفه تقديم عرض شامل لظاهرة الاكتئاب: تعريفه، مسبباته، أنواعه، شرائح الإصابة به، وأهم أساليب العلاج الممكنة، وذلك بصورة تجمع بين العرض العلمي السهل والجانب التوعوي الذي يساعد القارئ على فهم هذا المرض الذي أصبح واسع الانتشار في العصر الحديث.

تبدأ مقدمة الكتاب بوصف الزمن الراهن بأنه “عصر الاكتئاب” كما يرد في الصفحة السابعة، معتبرًا أن التطور السريع والخواء الروحي والضغوط اليومية جعلت الناس أكثر عرضة لهذا الاضطراب النفسي. ويرى المؤلف أن الاكتئاب الذي كان يُعرف قديمًا بداء السوداء أصبح اليوم من أكثر الأمراض شيوعًا في العالم، وأنه لا يقتصر على فئة بعينها، بل يصيب الرجال والنساء، الشيوخ والشباب، بل وحتى الأطفال. وهذا الشعور بخطورة الانتشار هو الدافع الأول الذي قاد المؤلف إلى إعداد هذا العمل العلمي التوعوي.

يبدأ الباب الأول بتعريف واضح للاكتئاب وطبيعته، فيوضح المؤلف أن كثيرًا من الناس يخلطون بين الحزن العابر وبين الاكتئاب الحقيقي، وأن الشعور بالضيق أو الفشل أو القلق ليس كافيًا للحكم على الشخص بأنه يعاني من هذا الاضطراب. ويقدّم في الصفحات (١١–١٤) شرحًا دقيقًا لكيفية التمييز بين الاكتئاب وبين الانفعالات الطبيعية. ويعرض علامات مهمة مثل اضطراب النوم، وفقدان الشهية أو زيادتها، واضطراب التركيز، وتراجع القدرة على ممارسة الأعمال اليومية، والشعور المستمر بعدم القيمة.

وفي الباب الثاني يقدم المؤلف تصنيفًا مهمًا لأنواع الاكتئاب من حيث الدرجة أو المستوى. وهنا يوضح أن الاكتئاب النفسي يختلف عن الاكتئاب العقلي (السوداوي)، وأن الأخير له مستويات متعددة من الشدة، تبدأ من الاكتئاب البسيط وصولًا إلى الاكتئاب الحاد، كما يشرح الفروق بينهما على مستوى السلوك والمشاعر، ويربطها بالأعراض التي قد يلاحظها المحيطون بالمريض. ويتناول كذلك جوانب القياس والاختبارات التي تُستخدم للكشف عن درجة الاكتئاب وتشخيصه بدقة.

أما الباب الثالث، فيتناول فئة واسعة من القراء، حيث يخصص فصولًا مستقلة لاكتئاب الأطفال، المراهقين، النساء، والشباب. ويعرّف في الصفحة (٨٥) الاكتئاب عند الشباب بأنه حالة وجدانية مزاجية يتسم صاحبها بعدم الارتياح والرغبة في الانعزال والشعور بالضيق والرغبة في الهرب، ويربط هذه الحالة بالضغوط الدراسية والاجتماعية والصراعات الأسرية. كما يبيّن أسباب الاكتئاب عند هذه الفئات، مثل الفشل المفاجئ، الشعور بالنبذ، الخلافات العائلية، أو الإصابة بأمراض مزمنة، موضحًا أثر كل عامل منها في تكوين الأزمة النفسية.

وفي الباب الرابع يتناول المؤلف ما يسميه “اكتئاب المواسم”، وهو نوع من الاكتئاب يرتبط بتغيرات معينة في البيئة أو الحياة اليومية. ويعرض حالات معروفة مثل اكتئاب الشتاء، وتأثير نقص الضوء، وتغير نمط النوم والمزاج في بعض الفصول، مع توضيح الأسباب والعلامات المرتبطة به. ويُعد هذا القسم من الأقسام التي تمنح القارئ إدراكًا أوسع لطبيعة الاكتئاب غير المرتبط بالأسباب التقليدية.

أما الباب الخامس، فهو أوسع أبواب الكتاب وأغناها، إذ يقدّم مجموعة كبيرة من طرق العلاج، تبدأ بالعلاج الدوائي، ثم العلاجات النفسية والسلوكية، وتنتهي بأساليب مساعدة إضافية. يشرح المؤلف في الصفحات (١٦٩–١٧١) أنواع الأدوية الرئيسة المضادة للاكتئاب، وكيف تطورت عبر السنين، ويعرض أربعة أنواع أساسية تُستخدم في العلاج الطبي. ثم ينتقل إلى العلاجات المساندة، مثل العلاج بالأعشاب، والغذاء، والضوء، والكهرباء، والقراءة، والكتابة، والرياضة، والصيام، بل ويعرض طرقًا بديلة مثل الإبر الصينية، واليوغا، وتقوية الروابط الاجتماعية، والدعم الروحي.

ويظهر من عرض هذه الوسائل أن المؤلف يسعى إلى تقديم خيارات متعددة تناسب ظروف المرضى ودرجات المعاناة المختلفة.

ويختتم المؤلف الكتاب بتأكيد أن الاكتئاب مرض قابل للعلاج، وأن نسبة الشفاء تصل إلى ثمانين أو تسعين في المائة عند الالتزام بالعلاج الموصوف، كما يذكر في الصفحة العاشرة، مشددًا على أهمية الفحص المبكر والدعم الأسري، وضرورة التخلص من الوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية.

Attached Files