- Version
- Download 227
- File Size 6.00 MB
- File Count 2
- Create Date 19 أغسطس,2025
- Last Updated 26 يوليو,2025
التربية الإسلامية للفرد المسلم - د. عبد البديع صقر
يُعد كتاب "التربية الأساسية للفرد المسلم" بجزأيه عملًا تربويًا رائدًا صاغه الأستاذ عبد البديع صقر بأسلوب علمي وأصيل يهدف إلى بناء الإنسان المسلم على قواعد متينة من الإيمان والسلوك والمعرفة. وقد تم تقسيم هذا المشروع التربوي إلى جزئين متكاملين، يعالجان مراحل التكوين المختلفة للفرد، بدءًا من الأساس العقدي والإيماني، مرورًا بالبعد الأخلاقي والعبادي، وانتهاءً بالبعد الاجتماعي والحضاري للفرد في بيئته.
في الجزء الأول، يركّز المؤلف على مرحلة غرس العقيدة في النفس المسلمة، فيتناول الأركان الإيمانية الكبرى، مستعرضًا أسماء الله وصفاته، والركائز التي ينبغي أن يتأسس عليها التصور الإسلامي السليم. ولا يكتفي المؤلف بالطرح النظري، بل يُعنى بإيضاح الوظيفة التربوية للعقيدة، أي كيف تؤثر العقيدة في السلوك، وتغرس في الفرد قيم التوكل، والخوف من الله، والرجاء فيه، والثقة بعدله.
كما يعالج الكتاب العلاقة بين الإيمان والعمل، رابطًا بين العبادة الحقة والتزكية العملية، ومؤكدًا أن التربية في الإسلام لا تكون تامة ما لم تتحول القناعة الفكرية إلى سلوك يومي. وتبرز في هذا الجزء نظرة شاملة إلى التربية تبدأ من القلب وتنتهي بالسلوك، فتوحّد بين المعرفة والنية والعمل.
أما الجزء الثاني، فينتقل فيه المؤلف إلى ما بعد التأسيس العقدي، متناولًا الجوانب العملية في حياة الفرد المسلم. يتحدث فيه عن التربية الخُلقية، وتزكية النفس، وضبط الشهوات، والعلاقات الاجتماعية، وتكوين الشخصية الإسلامية القادرة على التأثير والبناء. كما يعرض لمسؤولية الفرد داخل الأسرة والمجتمع، مبينًا أن التربية الإسلامية لا تكتمل إلا حين ينطلق الفرد من ذاته إلى محيطه.
ويُفرد المؤلف فصولًا للحديث عن المثل الأعلى في الإسلام، وأثره في توجيه السلوك، مع التركيز على القدوة النبوية كنموذج تربوي عملي. ثم يتوسع في مناقشة قضايا السلوك مثل الصبر، والعفة، والحياء، والجهاد بالنفس والمال، والتفاعل مع المجتمع بالخير والنصيحة، مستدلًا بالآيات والأحاديث ومواقف الصحابة والتابعين.
ما يميز هذا العمل هو تكامل منهجه: فهو ليس تنظيرًا فلسفيًا للتربية، ولا مجرد عرض للفضائل، بل هو منهاج تطبيقي متكامل لبناء الفرد المسلم، يمكن استخدامه في البيوت والمدارس والحلقات والمناهج. كما يمتاز بأسلوبه السهل، ولغته العلمية المحكمة دون تعقيد، وقدرته على ربط المبادئ النظرية بالواقع التربوي اليومي.
ويستحضر المؤلف في مشروعه التربوي روح الإسلام الشاملة، فيؤكد على وحدة الجوانب: العقيدة، العبادة، الأخلاق، الفكر، العمل، والهدف، مبيّنًا أن التربية في الإسلام ليست مجرد عملية تعليم، بل بناء شامل لإنسان صالح مصلح.