الرؤية الاقتصادية للمشروع الإسلامي – د. عطية عدلان

  • Version
  • Download 55
  • File Size 3.76 MB
  • File Count 1
  • Create Date 2 سبتمبر,2025
  • Last Updated 31 أغسطس,2025

الرؤية الاقتصادية للمشروع الإسلامي - د. عطية عدلان

يقدّم كتاب «الرؤية الاقتصادية للمشروع الإسلامي» للدكتور عطية عدلان تصوّرًا متماسكًا لمشروعٍ اقتصاديٍّ إسلاميٍّ قابلٍ للتطبيق المعاصر، يبدأ من الأصول العقدية والأخلاقية، ويمرّ عبر البناء التشريعي والمؤسسي، لينتهي ببرامجٍ عمليةٍ للاستقلال الاقتصادي والتنمية. ينطلق المؤلف من سؤالٍ محوري: هل في الإسلام «نظامٌ اقتصادي» أم مجرد مبادئ وأحكام متفرقة؟ ويذهب، عبر استقراءٍ واسعٍ لشرائع الإسلام، إلى أنّ الحديث ليس عن قيم متناثرة، بل عن منظومةٍ قيميةٍ مُحكَمة ترفدها تشريعاتٌ ضابطةٌ وأدواتٌ وبرامجُ تعمل معًا لتحقيق غاياتٍ متسقة مع المنطلقات الأولى، ما يجعلها «نظامًا» مكتمل الأركان لا يقتصر على التحليل والتحريم، بل يمتد إلى تصميم الأدوات وآليات الإنجاز وتوجيهها نحو مقاصد العدل والعمارة والكفاية.

يؤسّس الكتاب للنظام على ثلاثة مستويات من الأسس: عقديةٌ تصورية (كالاستخلاف، والوفرة والكفاية الفطرية في مقابل «ندرة» الاقتصاد الوضعي، والقصد والاعتدال، والأمانة والمسؤولية، واعتبار عمارة الأرض واجبًا إنسانيًا)، وتشريعيةٌ منهجية (كالانضباط بأحكام الشريعة في المعاملات والأسواق، والعدالة في توزيع الثروة، والحرية المنضبطة، والملكية المزدوجة الخاصة والعامة، واستقرار النقد وحماية الأسواق وتوافر الحافز الاقتصادي)، وأخلاقيةٌ سلوكيةٌ تُغذّي المجال الاقتصادي بروح التراحم والمسؤولية والورع واحترام العقود. بهذه الركائز يتشكل إطارٌ قانونيٌّ وقيميٌّ يضبط الأداء الاقتصادي ويُبقيه في أفق العدل والإنصاف.

ثم ينتقل إلى مؤسسات النظام، واضعًا «بيت المال» في مركز المشهد بوصفه المؤسسة الجامعة التي تتفرع تحتها الخزانة العامة وأجهزتها وإيرادات الدولة ونفقاتها، وسياسات تخصيص الموارد، وحزمة التشريعات الضابطة. ويُبرز المؤلف أنّ للدولة دورًا أصيلًا في حماية الملكيات العامة (المعادن والنفط ونحوها)، وصيانة حقوق العمال والأجراء، وحماية الأوقاف، والتدخل الموقّت في أوقات الضرورة؛ وكل ذلك لتحقيق مقصدٍ أعلى هو العدالة الاجتماعية ومنع تركز الثروة. كما يبيّن مقاصد النظام وغاياته الكبرى: العدالة الاجتماعية، والكفاءة والكفاية الاقتصادية، والاكتفاء التعاوني في السلع والموارد الإستراتيجية، والإعداد والقوة بمستوياتها (العسكرية والسياسية والعلمية والاقتصادية)، ثم العمارة والحضارة بوصفهما ثمرةً طبيعيةً للنظام القويم.

وفي فصلٍ بالغ الأهمية يتناول الكتابُ التحررَ من المنظومة المالية العالمية المهيمنة؛ إذ يعرض جذور النظام الدولاري ومؤسساته (صندوق النقد، البنك الدولي، منظمة التجارة، نظام «سويفت») وآثار الهيمنة النقدية والتضخم المفتعل على مقدرات الشعوب، ثم يقترح مساراتِ فكاكٍ تدريجيةً وجذريةً معًا، تعود فيها السياسة النقدية إلى «الثمنية» الفطرية للذهب والفضة، وتستعيد الدولة سيادتها على النقد ضمن رؤيةٍ تنمويةٍ تُقدَّم على «الهندسة النقدية». هنا يبرز ترابط «القوة والإرادة السياسية» مع الاستقلال النقدي والاقتصادي، وأنّ جدوى البدائل تتعاظم في عالمٍ يتجه إلى تعدد الأقطاب وتراجع الهيمنة الأحادية.

ويختتم المؤلف ببرنامجٍ عمليٍّ للاقتصاد الإسلامي على مستويين: نظامٌ مصرفيٌّ بديل يقوم على «المضاربة المشتركة» وهيكلةٍ مؤسسيةٍ تجعل البنك وسيطًا أمينًا ووكيلًا لا «خالقًا للنقود» عبر الربا والديون المركبة؛ وبرامجُ تنمويةٌ واسعةٌ تُفعّل عقود الشراكات والمزارعة والمساقاة والاستصناع والسَّلَم والإجارة والوكالة والحوالة والكفالة… إلخ، مع إبراز «الصكوك الإسلامية» كأداةٍ استثماريةٍ مرنةٍ تُوسِّع قنوات التمويل المنتج وتربط العائد بالنشاط الحقيقي، ضمن قاعدة: «الأصل في المعاملات الإباحة ما لم تتضمن محظورًا». إنّه مشروعُ اقتصادٍ يُزاوج بين الانضباط الشرعي والابتكار الاستثماري، ويضع العدالة والكفاية والعمارة في قلب الحركة الاقتصادية، ويقترح مساراتٍ تنفيذيةً قابلةً للتكييف مع واقع الدول والمجتمعات.

Attached Files

FileAction
الرؤية_الاقتصادية_للمشروع_الإسلامي.pdf تحميل