- Version
- Download 2
- File Size 13.66 MB
- File Count 1
- Create Date 21 ديسمبر,2025
- Last Updated 10 ديسمبر,2025
الربيع الأول .. قراءة سياسية وإستراتيجية في السيرة النبوية - وضاح خنفر
يقدّم كتاب الربيع الأوّل قراءة غير تقليدية للسيرة النبوية، تقوم على تحليل سياسي واستراتيجي لمسار الدعوة وبناء الدولة، بعيدًا عن منهج السرد التاريخي المألوف. ينظر المؤلّف إلى السيرة بوصفها مشروعًا متكاملًا للنهضة وتشكيل القوة وإعادة ترتيب موازين الجزيرة العربية، ويعيد بناء الأحداث من زاوية فهم أهدافها السياسية، ورسائلها العسكرية، ونتائجها الحضارية على المجتمع الجديد الذي نشأ في المدينة.
يبدأ الكتاب برسم صورة دقيقة للبيئة الإقليمية المحيطة بمكة والمدينة، موضحًا طبيعة القوى المؤثرة في الجزيرة والعلاقات بين القبائل، وحضور القوى الدولية الكبرى مثل الفرس والروم وأثر سياساتها على مسار الأحداث. ومن خلال تحليل النقوش والوثائق التاريخية، يبيّن المؤلف أنّ الجزيرة لم تكن معزولة، وأن الدعوة المحمدية قامت داخل نظام سياسي متشابك، وأن فهم السيرة يتطلب إدراكًا للبنية الجيوسياسية التي كانت تحيط بها.
ويركّز الكتاب على المرحلة المدنية بوصفها مرحلة التحوّل الحاسمة في مسار الدعوة، إذ ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم من قيادة جماعة مستضعفة إلى إدارة دولة ناشئة. فيعرض المؤلف كيف بدأت المدينة تبني قوتها من خلال البعثات العسكرية الأولى، ويوضح أنّ هذه التحركات لم تكن بهدف القتال المباشر، بل لفرض واقع جديد يحدّ من نفوذ قريش ويمنعها من التحكم في التجارة الإقليمية. ويكشف الكتاب كيف أدّت هذه السياسة إلى إرباك اقتصاد قريش وإرسال رسائل قوة للقبائل المحيطة، ما مهّد لتثبيت سلطة الدولة الإسلامية في محيطها.
كما يتناول الكتاب الحملات التي جرت ضد القبائل النجدية، ويحلّلها باعتبارها جزءًا من استراتيجية الردع، ومنع الثغرات الأمنية، وبناء الهيبة السياسية للمدينة في عمق الجزيرة. ويعرض المؤلف كيف أدّى هذا النهج إلى تغيير معادلات التحالفات بين القبائل، وإعادة تشكيل خارطة النفوذ، بحيث أصبحت المدينة مركز القرار الجديد في المنطقة.
ويقدّم الكتاب قراءة استراتيجية لأحداث مثل بدر، وعمرة القضاء، والصراع المتدرج مع قريش، مبينًا أن هذه الوقائع لم تكن معارك منعزلة، بل كانت محطات في خطة طويلة المدى تهدف إلى بناء قوة سلمية وأخلاقية وعسكرية في آن واحد. ويبرز المؤلف أنّ دخول النبي مكة في عمرة القضاء كان حدثًا ذا أثر حضاري بليغ، منح المسلمين مكانة سياسية جديدة وأظهر قدرتهم على الانضباط والتنظيم، مما جعل مكة تدرك أن موازين القوة تغيّرت بالفعل.
ويكشف الكتاب كذلك عن عمق الرؤية القيادية للنبي صلى الله عليه وسلم في إدارة الداخل والخارج؛ فمع الداخل بنى مجتمعًا متماسكًا قائمًا على الأخوة والعدل وتوزيع المسؤوليات، ومع القبائل والإمبراطوريات الخارجية أدار علاقات دقيقة تجمع بين القوة واللين، وبين الحزم والدعوة، وبين الردع وبناء التحالفات.
في جوهره، يسعى الكتاب إلى إعادة السيرة إلى سياقها الطبيعي: سياق بناء الدولة وإدارة الصراع وإطلاق مشروع حضاري عالمي. وهو يقدّم قراءة معاصرة تساعد القارئ على إدراك قواعد التخطيط، وإدارة التغيير، وصناعة القوة، من خلال السيرة بوصفها مدرسة قيادية واستراتيجية لا تنفصل عن قيمها الروحية والأخلاقية.
Attached Files
| File | Action |
|---|---|
| الرّبيع_اﻷوّل_.pdf | تحميل |