- Version
- Download 5
- File Size 2.82 MB
- File Count 1
- Create Date 12 ديسمبر,2025
- Last Updated 10 ديسمبر,2025
السنة النبوية .. مكانتها، عوامل بقائها، تدوينها - د. عبد المهدي عبد الهادي
يمثّل هذا الكتاب عرضًا علميًا موجزًا ومتينًا لمكانة السنة النبوية في التشريع الإسلامي، وللأسس التي ضمنت حفظها وبقاءها، وللتاريخ المبكر لجهود تدوينها. وقد جاء الكتاب بأسلوب تعليمي مباشر، مركزًا على بيان مكانة السنة وإثبات حجيتها، وشرح العلاقة التكاملية بينها وبين القرآن الكريم، ثم تتبع العوامل التي صانت السنة من التحريف والضياع، تليها إطلالة مختصرة على تدوين الحديث في القرون الأولى.
يبدأ المؤلِّف بتوضيح تعريف السنة النبوية، مبيّنًا أنها تشمل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، وأنها المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم. ويعرض عددًا من الأمثلة التي تظهر أن السنة هي التي تبين مراد القرآن، وأنها تأتي بأحكام لم يرد تفصيلها في النص القرآني، مما يؤكد أنها وحي من عند الله، وركن أساس في بناء الشريعة.
ويتناول الكتاب أدلّة حجية السنة كما وردت في القرآن الكريم وكلام السلف، مذكّرًا بأن الله تعالى أمر بطاعة الرسول، وأن طاعته جزء من طاعة الله، وأن من مقتضى الإيمان قبول ما جاء عنه سواء في التشريع أو الهدي العملي. كما يستشهد المؤلف بأقوال الصحابة التي تدل على أن السنة كانت ملزمة عندهم، وأنهم كانوا يحتجون بها كما يحتجون بالقرآن، وهو ما يعكس عمق الوعي المبكر بحجيتها.
ثم ينتقل الكتاب إلى بيان عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ السنة، مبينًا أن محفوظية الوحي لا تتعلق بالقرآن وحده، وإنما بالسنة أيضًا، لأنها بيان للوحي الإلهي، ولأن وظيفة التبليغ لا تستقيم إلا بضمان العصمة من الخطأ والهوى في التشريع. ويعرض المؤلف نماذج من تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم التي تبين الفصل بين ما هو من التشريع وبين ما هو من شؤون الطبيعة البشرية أو الخبرة الدنيوية، مما يساعد في فهم منهج السلف في التعامل مع السنة.
ومن أهم أجزاء الكتاب ما يتناول فضل تعلم السنة والتفقه فيها، حيث يورد المؤلف عددًا من النصوص التي تحث على العلم بالحديث والعمل به، وتبيّن فضل من حمل السنة وبلّغها للناس. ويظهر في هذا القسم الجانب التربوي في الكتاب، إذ يحث المؤلف على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، والحرص على فهم سنته وتعليمها، ويربط ذلك بمنزلة العلماء الذين نذروا حياتهم لخدمة الحديث وتمييز صحيحه من سقيمه.
ويفرد الكتاب مساحة لأحد المحاور الجوهرية، وهو عوامل بقاء السنة النبوية. ومن أبرز هذه العوامل شدة عناية الصحابة بحفظ السنة، إما حفظًا في الصدور أو كتابةً في صحف شخصية. ثم يأتي عامل "التثبت"، إذ كان الصحابة يطالبون بالرواية الصحيحة، ويتحققون من النقل، ويحاسبون على أي خطأ أو زيادة. ثم يذكر الكتاب عامل حياة الأمة العلمية، إذ ورث الجيلُ اللاحقُ عن الصحابة منهج النقد والتصحيح، مما مهّد لنشوء علم مصطلح الحديث، وأرسى قواعد الرواية والإسناد، وهو ما لم تعرفه أمة أخرى في تاريخها.
ويصل الكتاب إلى مرحلة تدوين السنة، موضحًا أن التدوين لم يكن غائبًا عن العصر النبوي، بل وُجد بصورة فردية، وأن الانتشار الواسع للتدوين بدأ لاحقًا في عهد التابعين ثم في عهد عمر بن عبد العزيز، الذي وجّه بجمع الحديث رسميًا. ثم تطوّر التدوين ليأخذ شكله المنهجي في كتب المسانيد والسنن والجوامع، مما شكّل ثروة علمية حفظت السنة عبر القرون.
ويعرض الكتاب كذلك نماذج من الأحاديث المؤسسة التي تبيّن مركزية السنة في الدين، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي»، إضافة إلى أحاديث أخرى تبين خطر الإعراض عن سنته، وفضل من تعلّمها وبلّغها، وأنها النور الذي به يُهتدى.
من خلال هذا العرض الموجز والخالي من التعقيد، يهدف الكتاب إلى تأكيد أن السنة هي الامتداد العملي للقرآن الكريم، وأنها محفوظة بحفظ الله، وأن الأمة عبر تاريخها الطويل لم تتوانَ عن خدمتها وتمييز الصحيح من الضعيف، وأن هذه الجهود مجتمعة هي التي جعلت السنة ركنًا راسخًا لا يمكن الاستغناء عنه في فهم الدين وتنزيله في واقع الحياة.
Attached Files
| File | Action |
|---|---|
| السنة_النبوية_مكانتها_،عوامل_بقائها،_تدوينها.pdf | تحميل |