• Version
• Download 107
• File Size 14.37 MB
• File Count 1
• Create Date 17 يوليو,2025
• Last Updated 12 يوليو,2025

القوة والإيمان والخيال .. أمريكا في الشرق الأوسط - مايكل أورين

كتاب "القوة والإيمان والخيال: أمريكا في الشرق الأوسط منذ 1776 حتى اليوم" يقدم سردًا شاملًا ومعمقًا للعلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة الشرق الأوسط، منذ تأسيس الدولة الأمريكية وحتى العصر الحديث. لا يُقدّم الكتاب سردًا تقليديًا قائمًا على الأحداث السياسية فحسب، بل يُعيد رسم خريطة العلاقة على ثلاثة محاور مترابطة: القوة العسكرية والاقتصادية، والدين كمحرك ثقافي وأيديولوجي، والخيال كبعد نفسي وتخييلي شكّل رؤية الأمريكيين للمنطقة.

يبدأ المؤلف بإلقاء الضوء على البدايات الأولى للعلاقة، حين سعت أمريكا الفتية إلى حماية تجارتها البحرية من قراصنة شمال إفريقيا، لتنشأ علاقات ومعاهدات مع دول مثل طرابلس وتونس والجزائر، وهي علاقات لم تخلُ من تدخل عسكري. منذ تلك اللحظة المبكرة، اتضح أن أمريكا لا تتعامل مع الشرق الأوسط فقط من باب المصالح الاقتصادية أو الأمنية، بل تنظر إليه من خلال عدسة أوسع: عدسة الهوية الأمريكية المتشكّلة، والحلم التبشيري، والنظرة الاستشراقية.

يتتبّع الكتاب تطور الدور الأمريكي في المنطقة، من الموقف المتفرج في بدايات القرن العشرين، إلى التدخل الحاسم بعد الحرب العالمية الثانية، حين تحولت أمريكا إلى القوة العظمى البديلة لبريطانيا، خاصة مع بداية الحرب الباردة، وصعود النفط كعنصر استراتيجي. ويتناول المؤلف مراحل محورية مثل إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي، ودور أمريكا الحاسم في دعمها عسكريًا وسياسيًا، وأثر ذلك على علاقتها بالعالم العربي والإسلامي.

يولي الكتاب أهمية كبيرة للعامل الديني، ليس فقط من جهة الشرق الأوسط كمنطقة دينية، بل من جهة البروتستانتية الأمريكية التي رأت في المنطقة أرض الأنبياء والكتب المقدسة، فامتزجت الجغرافيا باللاهوت، والمصلحة السياسية بالدعوة التبشيرية. يعرض المؤلف نماذج من المبشرين والسياسيين والمثقفين الأمريكيين الذين رأوا في الشرق الأوسط ساحة لتجديد الروح الأمريكية، أو ميدانًا لصراع الخير والشر، أو فرصة لاستكمال النبوءة.

أما "الخيال"، فهو البعد الذي يعطي الكتاب خصوصيته. يشرح المؤلف كيف تخيل الأمريكيون العرب والمسلمين عبر السينما، والأدب، والسياسة، وكيف أسهمت هذه التخيلات في تشكيل السياسات الأمريكية تجاه المنطقة. فالصورة النمطية عن "البدوي المتوحش" أو "الإرهابي الغامض"، لم تكن مجرد صورة ثقافية، بل تحولت إلى واقع سياسي تمثل في قرارات الغزو والاحتلال والتحالفات.

ينتقل الكتاب بين المحطات الكبرى: الثورة الإيرانية، اتفاقية كامب ديفيد، اجتياح لبنان، الغزو الأمريكي للعراق، أحداث 11 سبتمبر، والربيع العربي، ليُظهر كيف كانت السياسة الأمريكية تتبدل، ولكن ضمن إطار ثابت من المصالح و"الرؤية المُتَخيلة". ويختم الكتاب بتأمل في الحاضر: كيف أصبحت أمريكا اليوم أكثر انكفاء، لكن آثارها في المنطقة لا تزال عميقة ومؤثرة.

الكتاب يعكس جهدًا بحثيًا ضخمًا، قائمًا على مصادر متنوعة، ورؤية تحليلية ناقدة لا تنحاز لا للشرق ولا للغرب، بل تحاول تفكيك الصورة المعقدة التي ربطت أمريكا بالشرق الأوسط على مدى قرنين.

Attached Files