- Version
- Download 24
- File Size 13.94 MB
- File Count 1
- Create Date 8 ديسمبر,2025
- Last Updated 8 ديسمبر,2025
في ظلال السيرة النبوية - مشعل الفلاحي
قدِّم كتاب «في ظلال السيرة النبوية ﷺ» تصورًا تربويًا حيًّا لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو ليس سردًا تاريخيًا جافًّا للأحداث، ولا بحثًا أكاديميًا موجَّهًا للمتخصصين، بل محاولة للاقتراب من السيرة بوصفها مدرسةً للإنسان المؤمن في عصره، ومصدرًا لصناعة النموذج القدوة في الواقع اليومي. يصرِّح المؤلف في المقدمة أنه يكتب وهو يشعر أن القارئ – الطالب أو المعلّم أو رب الأسرة – يقف حائرًا أمام ضخامة مادة السيرة، فيسعى إلى أن يقدّمها في صورة لوحات مختصرة، واضحة المعالم، مشبعة بالمعنى الإيماني والتربوي، من الميلاد إلى الوفاة.
ينطلق الكتاب من الفصل الأول: مولد النبي ﷺ ونشأته؛ حيث يربط المؤلف بين زمان الميلاد ومكانه، وبين الحكمة الربانية في أن تتهيأ البيئة والظروف لاستقبال هذا الحدث الفارق. لا يكتفي المؤلف بذكر أن النبي وُلد يوم الاثنين، وأنه نشأ يتيمًا في كنف جده ثم عمه، بل يقف عند كل محطة ليستخرج ما فيها من دلالات: معنى اليتم في تشكيل شخصية القائد، قيمة العيش في بيئة البادية، أثر رعي الغنم في تربية الصبر وتحمل المسؤولية، وكيف أن العناية الإلهية حفظته من أوضار الجاهلية ومجالس اللهو، لتبقى إنسانيته نقية تستقبل الوحي بقلب سليم.
في هذه الصفحات المبكرة تتكرر فكرة محورية في الكتاب: السيرة ليست قصة ماضية، بل برنامج تربية. فحين يذكر المؤلف شقّ صدره ﷺ، لا يقف عند خرق العادة ذاته، بل يقرأ الحدث بوصفه إعدادًا داخليًا لحمل الأمانة، ويذكّر القارئ بأن أي مشروع تغييري حقيقي يبدأ من تطهير الداخل قبل اشتغال الخارج. وحين يتعرض لمرحلة شبابه ﷺ في مكة، يبرز معنى العفة، والسمعة الطيبة، والعمل في التجارة، وإتقان الكسب الحلال، ليقدّم للنشء نموذج الشاب النظيف في زمن الفتن.
ثم ينتقل الكتاب إلى الفصل الثاني: أسماؤه ﷺ، حيث يبيّن أن أسماء النبي ليست مجرد ألقاب، بل أوصاف رسالية: محمد، أحمد، الماحي، الحاشر، العاقب، المتوكل…، ويشرح كيف يعكس كل اسم جانبًا من شخصيته ورسالته؛ فـ«الماحي» الذي يمحو الله به الكفر، و«العاقب» الذي يختم الله به النبوة، و«المتوكل» الذي يجمع بين الأخذ بالأسباب والتفويض الكامل لربه. ربط معاني الأسماء بحاجات المسلم اليوم يُحوِّل هذه الأسماء من محفوظاتٍ ذهنيةٍ إلى ملامح عملية يقتدي بها القارئ في سلوكه واختياراته.
أسلوب المؤلف مشعل بن عبد العزيز الفلاحي يمتاز بلغة أدبية قريبة من النفس، مع بساطة في الجملة، وكثرة للوقوف التأملي بصيغة السؤال المباشر للقارئ: ما الدرس الذي نستفيده من هذا الموقف؟ كيف يمكن أن نترجم هذه الحادثة في حياتنا نحن؟ وتتكرر عبارات من قبيل: «إن الدعوة لا تقوم على العفوية، وكذلك القائد، ولا على الارتجال، بل على إعداد طويل وصبر عميق»، بما يؤكد أن الكتاب موجَّه لقارئ يريد أن يفهم السيرة من زاوية الهندسة التربوية لشخصية المسلم، لا من زاوية التواريخ والأرقام فقط.
يُلاحظ أيضًا حضور قويّ لمفاهيم مثل: صناعة التفاؤل، بصيص الرفق، حماية الداعية من الإحباط، بناء القدرة على الصبر في وجه الأذى، وكلها تأتي منسوجة في ثنايا الأحداث لا في فصول نظرية منفصلة. فالقارئ يمشي مع السيرة زمنًا وحدثًا، ثم يجد في نهاية كل محطة لمحةً تربوية أو دلالات قيادية، ليبقى إحساسه أن السيرة «كتاب تربية حي» لا «موسوعة أخبار».
Attached Files
| File | Action |
|---|---|
| في_ظلال_السيرة_النبوية_مشعل_الفلاحي.pdf | تحميل |