- Version
- Download 71
- File Size 54.11 MB
- File Count 2
- Create Date 19 نوفمبر,2025
- Last Updated 16 نوفمبر,2025
هذا هو الإسلام - د. مصطفى السباعي
يُعد كتاب "هذا هو الإسلام" للدكتور مصطفى السباعي من أروع ما كُتب في عرض جوهر الإسلام بلغةٍ دعويةٍ راقية تجمع بين الفكر والعاطفة، وبين العمق العلمي والبساطة الأسلوبية. فقد أراد المؤلف من خلاله أن يقدم الإسلام كما هو في صفائه الأول: عقيدةً تهدي العقول، وعبادةً تزكي النفوس، وشريعةً تقيم العدل، وحضارةً تبني الإنسان والمجتمع. والكتاب يمثل خلاصة فكر السباعي وتجربته الدعوية والعلمية، إذ كُتب بروح المصلح الذي خبر مشكلات الأمة، وعرف كيف يُخاطب عقل المثقف وقلب العامي في آنٍ واحد.
يفتتح السباعي كتابه بتصحيح التصورات الخاطئة عن الإسلام، مبينًا أنه ليس دين طقوس جامدة، ولا نظامًا منغلقًا على ذاته، بل رسالة عالمية جاءت لإخراج الإنسان من عبودية الهوى إلى عبودية الله وحده، ومن التخبط في الأهواء البشرية إلى الهداية الإلهية الكاملة. ويرى أن الإسلام ليس خصمًا للعلم ولا للحضارة، بل هو الذي أطلق حرية التفكير وأرسى قواعد العدالة والرحمة في كل مجالات الحياة.
يتناول المؤلف الأصول الكبرى للإسلام في فصول متتابعة:
في العقيدة: يبرز التوحيد بوصفه قاعدة الوجود الإيماني، ومصدر التحرر الفكري والروحي، وأنه هو الذي يوحد الإنسانية تحت خالق واحد.
في العبادة: يوضح أن العبادات ليست طقوسًا شكلية، بل وسائل لتزكية النفس وبناء الضمير الأخلاقي، وأنها تربط المسلم بربه في كل حين.
في الأخلاق: يبين أن الإسلام جاء ليقيم مجتمع الفضيلة، قائمًا على الصدق، والعدل، والرحمة، والإيثار، وأن الأخلاق ليست تابعة للمصلحة بل جزء من الإيمان.
في التشريع والمعاملات: يؤكد أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مقاصد إنسانية كبرى: حفظ النفس، والدين، والعقل، والمال، والعِرض، وأنها صالحة لكل زمان ومكان لأنها تنطلق من أصول ثابتة ووسائل مرنة.
كما يعرض السباعي مظاهر الحضارة الإسلامية التي صنعتها تلك المبادئ، فيصف كيف جمع الإسلام بين الإيمان والعقل، وبين الدين والعلم، وكيف أطلق طاقات الإنسان ليعمر الأرض على أساس من العدالة والكرامة. ويرد على الشبهات التي رُوّجت ضد الإسلام في الفكر الغربي الحديث، مبينًا أن ما يعانيه المسلمون من ضعف ليس بسبب الإسلام، بل بسبب جهلهم به أو بعدهم عن تطبيقه الصحيح.
ويختم المؤلف بتأكيد أن الإسلام ليس تراثًا تاريخيًا يُستحضر للذكرى، بل هو منهج حياة متجدد يحتاج أن يُفهم فكرًا، ويُعاش سلوكًا، ويُطبّق نظامًا. إنه الإسلام الذي يجمع بين الروح والعقل، وبين الدنيا والآخرة، ويعيد التوازن إلى حياة الإنسان المعاصر التي مزّقتها المادية والأنانية.
الكتاب يتميز بلغةٍ مؤثرةٍ تمتزج فيها حرارة الإيمان بصفاء الفكر، ويصلح أن يكون مدخلًا مثاليًا للتعريف بالإسلام لغير المسلمين، أو مرجعًا تربويًا للمسلمين أنفسهم، لما يتسم به من شمول واتزان واعتدال في الطرح.