وثيقة حماس السياسية – مركز الزيتونة

  • Version
  • Download 1
  • File Size 1.98 MB
  • File Count 1
  • Create Date 14 ديسمبر,2025
  • Last Updated 10 ديسمبر,2025

وثيقة حماس السياسية - مركز الزيتونة

يمثل كتاب وثيقة حماس السياسية الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات عرضًا موسّعًا وشاملًا لوثيقة المبادئ والسياسات العامة التي أعلنتها حركة المقاومة الإسلامية حماس في مطلع عام 2017، إضافة إلى رصد مئات المواقف الرسمية والتحليلات التي تناولت الوثيقة في الساحة الفلسطينية والعربية والدولية. ويقدّم الكتاب مادة مرجعية متكاملة تجمع النص الأصلي للوثيقة، والتصريحات السياسية لقادة الحركة، وردود الفعل المتباينة تجاهها، وصولًا إلى القراءات التفسيرية التي شهدتها الساحة الإعلامية والسياسية بعد صدورها.

يبدأ الكتاب بعرض النص الكامل لوثيقة المبادئ والسياسات العامة، التي حرصت على تأكيد الثوابت الفلسطينية، وفي مقدمتها عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال، والتمسك بفلسطين من بحرها إلى نهرها بوصفها أرضًا عربية إسلامية لا يجوز التنازل عنها. كما تبرز الوثيقة موقف الحركة من اليهود باعتبارهم أصحاب ديانة لا تُحارب لذاتهم، وأن الصراع محصور بالصهيونية بوصفها مشروعًا استعماريًا يهدف إلى اغتصاب الأرض وتشريد أهلها. وتقدم الوثيقة صياغة سياسية حديثة تتجنب اللبس الذي وقع في الميثاق الأول للحركة، خصوصًا في حديثه عن اليهود، وهو ما أشار إليه التحليل الوارد في الكتاب عند مقارنته بين الوثيقة الجديدة والميثاق القديم.

وتفصّل الوثيقة رؤيتها للدولة الفلسطينية، حيث تعتبر إقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 صيغةً توافقية وطنية مشتركة، مع التشديد على أن ذلك لا يعني الاعتراف بالكيان المحتل أو التنازل عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. وتظهر في التصريحات المجمعة أن قادة الحركة اعتبروا هذه الصيغة خيارًا سياسيًا مرحليًا لا يمسس جوهر الثوابت. فقد أكد صلاح البردويل، على سبيل المثال، أن الوثيقة “تؤكد التمسك بالثوابت الفلسطينية”، وأن الحديث عن دولة على حدود 67 لا ينفي حق الفلسطينيين في كامل أرضهم التاريخية.

يضم الكتاب أيضًا تصريحات موسعة لقادة الحركة مثل إسماعيل هنية، وخالد مشعل، ومحمد نزال، ومحمود الزهار، وغيرهم. وقد تكررت في هذه التصريحات فكرة أنّ الوثيقة لا تعني تغييرًا في جوهر فكر الحركة، وإنما تحديثًا للصياغات السياسية بما يراعي تطورات المرحلة ويقدم خطابًا أكثر مهنية. حيث شدد هنية على أن الوثيقة “لا تمس الثوابت الوطنية”، بينما أوضح مشعل أنها “منسجمة مع استراتيجيتها” وأنها تعبّر عن الانفتاح دون الإخلال بالثوابت.

ويعرض الكتاب كذلك ردود الفعل الفلسطينية الداخلية، والتي تراوحت بين الترحيب والتحفظ. بعض القوى اعتبرت الوثيقة “تطورًا إيجابيًا في فكر ورؤية حماس” ودعت إلى استثمارها في تعزيز الوحدة الوطنية، بينما رأت أطراف أخرى أنها محاولة لتقديم الحركة بوصفها بديلًا وطنيًا في ظل أزمة النظام السياسي الفلسطيني. وتوضح مجموعة من المقالات المضمنة في الكتاب أن الجدل لم يكن حول المضمون بقدر ما كان حول دلالات التوقيت وسياقات إطلاق الوثيقة.

أما المواقف الإسرائيلية فقد اتسمت بالرفض والسخرية، واعتبرت الوثيقة “محاولة لخداع العالم” و”مناورة سياسية لا تحمل أي تجديد”. بل وصل الأمر إلى قيام نتنياهو بتمزيق نسخة منها أمام الكاميرات، في خطوة تعكس رفض المؤسسة السياسية الإسرائيلية لأي خطاب فلسطيني لا يقدّم تنازلات جوهرية. كما تناولت الصحافة الإسرائيلية الوثيقة من زاوية “التجميل الخطابي”، معتبرة أن الحركة لم تغيّر موقفها الحقيقي.

ويقدم الكتاب أيضًا ردود الفعل الإقليمية والدولية، إذ رحب عدد من السياسيين العرب والأتراك بالوثيقة، واعتبروها خطوة مهمة نحو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإصلاح العلاقة مع الدول العربية. كما أشارت مقالات أخرى إلى أن الوثيقة “تخاطب المجتمع الدولي بلغته” وتحرص على تقديم خطاب سياسي عقلاني يراعي التوازنات الإقليمية والدولية.

ويتضمن القسم الأخير من الكتاب قراءات تحليلية معمّقة تتناول أسباب صدور الوثيقة، ومضامينها، وأثرها المحتمل على مستقبل الحركة. وتُجمع معظم التحليلات على أن الوثيقة جاءت استجابة لتحولات داخلية وإقليمية، ولحاجة الحركة إلى “توحيد الرؤية وتحديد المعايير” في خطابها السياسي، كما ورد في أحد التحليلات المدرجة في الملف.

في مجمله، يشكّل الكتاب مرجعًا وثائقيًا شاملاً لفهم وثيقة حماس السياسية في سياقها، من حيث النصوص الأصلية، ودلالاتها، والجدل الذي أثارته، والقراءات المختلفة التي تعاملت معها. وهو مصدر مهم للباحثين والصحفيين والمهتمين بدراسة الحركة وسياق الصراع الفلسطيني.

Attached Files

FileAction
وثيقة حماس السياسية.pdf تحميل